الرئيس الشهيد.. الحاضر الذي لم يغب

دينا الرميمة

مع حلول ذكرى استشهاد الرئيس صالح الصماد، تكاد الأقلام تختنق بغصة رحيله، ويلفها العجز في تدوين عظيم كلماته التي جسدها قولًا وفعلًا، أثره نراه واضحًا على ربوع يمننا الحبيب، الذي نراه يعتلي قمم المجد والخلود.

ومع أن الرئيس الصماد تسلم كرسي الرئاسة في مرحلة حرجة من تأريخ اليمن، والمترنحة على مدى عام ونيف على بنية تحتية مهشمة إثر عدوان خارجي خبيث ووضع اقتصادي سيء وفساد يمتد عمره لعقود خلال فترة حكم الأنظمة السابقة، التي لم تكن تحمل أي معنى للوطنية متخذة من كرسي الحكم سلماً لتحقيق مصالحها الشخصية تحت إمرة القوى الخارجية التي ضمت اليمن تحت عباءتها وبثت فيها الانقسامات السياسية وحالة للشعب يرثى لها، إلا أنه استطاع أن ينتقل باليمن إلى مرحلة متقدمة من النهضة في جميع المجالات جعلتها على مستوى عال لمواجهة دول العدوان التي حاولت إرغام اليمنيين على الرضوخ لهم بقوة الحرب التي أتوا بها إلى اليمن حين لم يفلحوا بذلك بمكائد السياسة مراهنين على الفراغ السياسي الذي تركه النظام الفارّ وعدم تمكّنه من إخماد الثورة السبتمبرية التي انتزعت سيادة اليمن من بين أيديهم.

فكان قرار اختياره لقيادة هذه المرحلة قراراً صائباً خيب رهانات العدوّ، ودليلاً على حكمة القيادة الثورية، وبتوافق جميع الأحزاب السياسية على شخصية الصماد التي تتمتع بحنكة سياسية وشعور بالمسؤولية وحب لأرضه صقلتها الحروب الست على المسيرة القرآنية ومشروعها العظيم في صعدة خاضها مع الشهيد القائد والسيد القائد سلام الله عليهما، بما يحمله من ثقافة قرآنية وروح جهادية أخذها مباشرة من السيد حسين -سلام الله عليه- كرفيق درب وحرب كانت الأَسَاس في صناعته كرجل يؤتمن على اليمن، مضى في قيادتها تحت قاعدة “يد تحمي ويد تبني” جاعلاً كرسي الرئاسة جواداً جامحاً امتطى صهوته وانطلق في ركاب المجاهدين المدافعين عن الأرض والعرض يتفقدهم ويشاركهم صناعة النصر لليمن؛ فكان لحضوره بينهم أثر عظيم في نفوسهم، ازدادوا بوجوده عنفواناً وبأساً، داسوا به عظمة الترسانة العسكرية للعدو وحطموا أحلامه الباليات في اليمن، وخرت لهم السهول والجبال ساجدة، مسطرين فيها كُـلّ معاني النصر المبين الذي تشهد الجبهات ومتارسها أن الصماد كان من أوائل الأيادي التي صنعته فيها وسطرته!

وكان أَيْـضًا له باع كبير في البناء والتغيير في كُـلّ مرافق الدولة التي كانت تعاني من الركاكة المهدّدة بالسقوط والانهيار كما خلفها من كان قبله وموروثهم الذي ما زال يتحكم في كُـلّ مفاصل الدولة، ولذلك نهض متحَرّكًا يصلح الاختلالات وَيحث على النهوض ويبحث عن مكامن الخلل والفساد المتفشي ليقضي على كُـلّ أسباب السقوط ويضع تلك الخطط للتغلب على الصعاب التي تقف حجر عثرة في وجه بناء الدولة الحديثة شعاره فيها (دولة للشعب وليس شعب للدولة) .

وكان متواجداً بين أوساط الشعب يتلمس هموم الحرب التي نحتت حوافرها في قلوبهم فكان في كُـلّ المناسبات متواجد، تراه في العزاء مواسياً وعند المرضى والجرحى عائدًا وللمحتاج ملبياً معطياً وللمظلوم منصفًا.

وكان لوقع خطواته تلك وكلمات المواسية الأثر الكبير باستبدال المخاوف والآلام إلى صمود وتسابق إلى معسكرات التجنيد والجبهات، وأُخرى لبناء وتشييد وطن كادت رياح الحرب البغيضة أن تعصف به إلى أحضان الارتهان.

وعمل على تشجيع الصناعات العسكرية وتطويرها من الرصاصة إلى الصواريخ البالستية والمجنحة والطائرات المسيّرة التي كان لها دور كَبير في تغيير معادلة الحرب والنصر بشكل كبير وأكيد لصالح اليمن.

وخطى خطوات اقتصادية لتشجيع الصناعات المحلية والزراعة لكسر الحصار المفروض على اليمن والوصول إلى حالة الاكتفاء الذاتي!!

وهذا ما أغاض العدوّ وجعله يضم اسمه في قائمة المطلوبين أحياء أَو أمواتاً مقابل ملايين الدولارات التي أغرت ضعاف النفوس ممن تجندوا في صف العدوّ، وبخيانتهم التي جلبت نيران العدوّ على سيارته، سلم الصماد روحه لتحلق في رحاب الشهداء الأحياء طاهرًا نقيًّا زاهدًا، ولم يأخذ أَو يترك أي شيء يعين أبناءه كما هو حال سابقيه ممن ورثوا أبناءهم القصور والأموال.

وبرحيله ظن العدوّ أنه حقّق نصراً سيوهن جذوة الصمود التي غرسها الرئيس الشهيد في قلوب أبناء شعبه العظيم ويعلن استسلامه إلا أن نيران الغضب ازدادت اشتعالاً في الجبهات، وواصل اليمنيون جماح ثورة رئيسهم الصناعية للمعدات العسكرية التي تطورت إلى ما نراها عليه اليوم، منها طائرات تحمل اسمه صنعت النصر لليمن، وكانت شريكة في  ملحمتها ضد العدوّ الصهيوني وأجبرته على وقف إطلاق النيران والرضوخ لشروط المقاومة وإعلان انتصار غزة، رأى الجميع فيه بصمة الصماد واضحة على محيا سكان غزة وكلّ أرضهم التي أحبطت مكائد العدوّ في الاستيطان والتهجير وكلّ مخطّطاته الخبيثة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com