الرئيس الشهيد صالح علي الصمّاد.. أيقونةُ الثقافة القرآنية ورائدُ التصنيع العسكري في اليمن
المسيرة| محمد ناصر حتروش:
يُعَــدُّ الرئيسُ الشهيد صالح علي الصماد واحِدًا من أبرز أعمدة المشروع القرآني، والذي كانت له إسهامات عظيمة في إيصاله إلى العالمية.
وسيتذكر اليمنيون في الذكرى السنوية للشهيد الصماد محطاتٍ من نضاله الوطني، وما صنعه من نماذجَ وسلوكياتٍ مغايرة للرؤساء والقادة العرب، معتبرين أن هذه الذكرى هي محطة للتزود من عطاءات الشهيد والنهل من ثقافاته القرآنية الغزيرة التي ملأت أرجاء البلاد.
من أعلى هرم في الدولة إلى أبسط مواطن يمني، كان الرئيس الشهيد الصماد قريبًا من الجميع بلا استثناء.
يقول عضو المكتب السياسي لأنصار الله حزام الأسد: إن “تحَرّكات الشهيد الرئيس صالح علي الصماد، كانت تزعجُ الأمريكي والإسرائيلي؛ لأَنَّ الشهيد الرئيس صالح علي الصماد كان يحمل معاييرَ الحرية ومعايير التحرّر؛ الأمر الذي لم يروق لأمريكا وأدواتها في المنطقة”.
ويعتبر الرئيس الشهيد الصماد ثمرةً من ثمار المشروع القرآني الذي أسَّس مداميكه الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه- ومن خلال تحَرّكاته الميدانية من أعلى هرم السلطة اتضح للشعب اليمني، وللعالم أجمع عظمةُ المشروع القرآني، وأثره الكبير في الارتقاء بالبلد.
وفي هذه الجزئية يؤكّـد السفير بوازرة الخارجية اليمنية عبد الله علي صبري أن الشعب اليمني تعرّف على الثقافة القرآنية وعظمتها من خلال نموذج الشهيد الرئيس الصماد، مؤكّـدًا أن الصماد كان “يغلّب المصلحة الوطنية على غيرها من المصالح، وأنه كان قريبًا من الجميع”.
ويوضح في حديثه لقناة “المسيرة” أن “جميع الأطراف والمكونات السياسية كانت تنظر للرئيس الشهيد الصماد وكأنه الأقرب إليها”، موضحًا أن نبأ استشهاده مثّل فاجعة كبرى ومصيبة أبكت الشعب اليمني رجالًا ونساء وصغارًا وكبارًا.
ويشير إلى أن الشهيد الصماد استحق لقبَ رجل المسؤولية لما كان عليه من وضوح تام وشفافية كبرى في التعامل مع الجميع، كما أن أقواله تطابقت تمامًا مع أفعاله، موضحًا دوره الجوهري والأَسَاسي في إخماد فتنة ديسمبر التي كانت ستقود البلد إلى الهاوية.
ووفق صبري فَــإنَّ “دماء الشهيد الرئيس الصماد وغيرها من الدماء الزكية التي روت تراب الوطن أسهمت نصرًا وعِزًّا لليمن وشعبه تجسد في المكانة المرموقة عالميًّا التي تبوأها في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس”.
نظرةُ السفير صبري عن شخصية الشهيد الرئيس الصماد تتفقُ تمامًا مع عضو الهيئة العليا لحزب الرشاد السلفي محمد طاهر أنعم الذي يقول في حديثه لقناة “المسيرة”: إن “الرئيس الشهيد الصماد هو الرجلُ المناسب في المكان المناسب”، مؤكّـدًا أن “رئاسته للبلد في تلك المرحلة الحساسة جِـدًّا كان بالتوفيق الإلهي”.
نموذجٌ مشرِّفٌ للمسؤولية:
النموذجُ المشرِّفُ للثقافة القرآنية التي جسّدها الرئيس الشهيد الصماد لم تكن على المستوى الداخلي للبلد فحسب، وإنما وصل صداها للعالم أجمع؛ ما جعل الولايات المتحدة الأمريكية تضع الصماد تحت المجهر، ولم يدم طويلًا، حَيثُ سارعت الولاياتُ المتحدة الأمريكية في اتِّخاذ القرار باغتياله؛ لعلمها بمدى الخطورة التي يشكلها شخصية، ومشروع الشهيد الصماد على دول الغرب بقيادة أمريكا و”إسرائيل”.
وفي هذه الجزئية يتساءل الناشط السياسي الجزائري الدكتور نور الدين لحية عن سر استشهاد الرئيس الصماد، ورئيس الجمهورية الإسلامية في إيران رئيسي وغيرهما من الشخصيات الكارزمية دون غيرهم من القادة والرؤساء!
وفي حديثه لقناة “المسيرة” يؤكّـد أبو لحية أن “السبب في ذلك هو قرارُ الماسونية العالمية بزعامة أمريكا والتي تستهدف كُـلّ من يناوئ مشاريعها الاستعمارية في المنطقة”، مُشيرًا إلى أن “كُـلّ من يتواطأ مع مشاريعها الاستعمارية، وينفذ أجندتها سينجو من الاستهداف ومن القتل”.
ويؤكّـد أبو لحية أن “استشهاد الرئيس الصماد وغيره من قادة محور الكرامة والرجولة صنع أنموذجًا مشرِّفًا للحرية والكرامة والاستقلال”.
ويشير أبو لحية إلى أن “المشروع القرآني تجسّد في شخصية وأفعال وأقوال الشهيد الرئيس الصماد، وأنه أصبح مدرسة للأجيال الصاعدة”، معتبرًا شخصية الصماد امتدادًا لشخصية الشهيد القائد حسين بدر الدين الحوثي -رضوان الله عليه-.
ويلفت إلى أن “المشروع القرآني في اليمن خلق نماذجَ قويةً من رؤساء ووزراء وقادات عسكرية ومدنية”، مؤكّـدًا أن “الثقافة القرآنية تصنع الرجال القادة”.
ويوضح أن “الثقافة القرآنية تحصّن الرؤساء من الوقوع في الفساد والرذائل، كما أنها تجعل من القادة شامخين وثابتين في مواجهة قوى الهيمنة والاستكبار”، داعيًا شعوب وقادات ومسؤولي العالم للتزود بالثقافة القرآنية، والتمسك بمنهجها قولًا وعملًا.
وعلى الرغم من أن الخِبرةَ الإدارة والمهنية ضرورةٌ من ضرورات القيادة والمسؤولية على البلد غير أن توفرها دون توفر الثقافة القرآنية يجعلها غيرَ متكاملة ويعرضها للاختراق من قبل الأعداء.
ويؤكّـد لحية أن “الزهد والإيمَـان هو الأَسَاسُ أثناء تحمُّلِ المسؤولية”، موضحًا أنه “إذَا وجدت الخبرة الميدانية بعيدة عن الثقافة القرآنية فَــإنَّ الإنسان يكون معرِّضًا للانخداع والخيانة”.
ويختتم حديثه بالقول: “الرؤساء ذوو الثقافة القرآنية يستشعرون رقابةَ الله في أعمالهم وفي كُـلّ دينار يصرفونه، يعرفون أنهم سيُسألون عنه أمام الله تعالى في يوم الحساب”.
مرحلة حرجة لإدارة البلد:
وبالعودة إلى مرحلة تولي الرئيس الشهيد الصماد لرئاسة اليمن، فَــإنَّها تزامنت مع مرحلة حساسة جِـدًّا تمر بها اليمن بفعل التكالب العالمي على اليمن والمتزامن مع مشهد الشتات والفرقة في الداخل اليمني يضاف إليها الدمار النهائي الذي أحدثه المرتزِقة في كافة مفاصل ومؤسّسات الدولة؛ ما يجعل إدارة البلد أمرًا مستحيلًا وغيرَ ممكن، ولكن في شخصية قرآنية كالصماد لا قواميسَ للمستحيلات واللا ممكن.
وفي هذه الجزئية يقول الناشط السياسي اللبناني وسيم بزّي: إن “الشهيد الرئيس الصماد مثّل لحظةً مضيئة لليمن في الزمن الصعب وفي أحلك الظروف”.
ويضيف في حديث خاص لقناة “المسيرة” أن “قدرة الرئيس الشهيد الصماد في العمل على الجبهة الداخلية بتوحيدها وتقريب وجهات النظر بين مختلف الأطراف والمكونات السياسية والقبلية، إضافةً إلى عمله الكبير في مواجهة تحالف العدوان السعوديّ جعل الدولَ المعتدية على اليمن بإيعاز أمريكي تخترقُ الخطوط الحمراء وبالتالي اغتياله”.
ويتابع: “نموذج الرئيس الشهيد الصماد المتمثل في الحرية والاستقلال وعدم الخنوع لقوى الهيمنة العالمية جعل الولايات المتحدة الأمريكية تقرّرُ اغتياله؛ لإدراكها أن مشروع الصماد سيمثل حافزًا للأنظمة والرؤساء في الخروج من عباية الوصاية الأمريكية”.
ويشير بزي إلى أن “الرئيس الشهيد الصماد صنع أنموذجًا مشرِّقًا، وجديدًا في المنطقة لم تعهد هكذا نماذج على مدى عقدين من الزمن؛ أي منذ اتّفاقيات التطبيع مع الكيان الصهيوني، بدءًا باتّفاقيات “كامب ديفيد” وغيرها من الاتّفاقيات”.
ويعتبر استهداف القادة والمسؤولين المناهضين للسياسة الأمريكية منهجًا تسيرُ عليه أمريكا منذ سنوات طويلة وحتى الآن، معتبرين أن اغتيال القادة يسهم في إضعاف المشروع والحركة التحرّرية غير أن الواقع الميداني ومشهدَ الصراع الإسلامي مع الفكر الليبرالي الداعم للصهيونية يقولُ خلافَ ذلك.
وفي هذا السياق يقول الكاتب والباحث السياسي اللبناني علي مراد: إن “استهداف الرئيس الشهيد الصماد من قبل تحالف العدوان السعوديّ الأمريكي هو نتيجة لقصورهم في فَهم الشخصية اليمنية والمشروع القرآني العظيم”.
ويضيف في حديث خاص لقناة “المسيرة”: “توهموا أن اغتيالَ الرئيس الصماد سيؤثر في المسار السياسي والعسكري لليمن غير أن الذي حصل العكسُ تمامًا؛ فالمسار السياسي متنامٍ ومتصاعد، وكذا الجانب العسكري في تطوُّر ملحوظ، وما حدث في معركة الفتح الموعود والجهاد المقدس خيرُ شاهد ودليل”.
ويؤكّـد مراد أن “الرئيس الشهيد الصماد -رضوان الله عليه- كان يخوض المعركة السياسية باقتدار كبير جِـدًّا على المستوى الساحة الداخلية والخارجية”.
يتوهم الأمريكيون والإسرائيليون أن اغتيال القيادة بدءًا بالصماد، ومُرورًا بقاسم سليماني، وأبي مهدي المهندس، وُصُـولًا إلى اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله سيسهم في إضعاف مشروع محور المقاومة غير أن الواقع يقول خلاف ذلك”.
النواة الأولى لتطوير البناء العسكري:
ولم تقتصر أولوياتُ الشهيد صالح الصماد -سلام الله عليه- كرئيس دولة على الجانب الإداري فقط، بل كانت اهتماماته الكبرى منصبَّة على تأسيس مشروع نهضوي شامل لكل مؤسّسات الدولة ينطلق من المشروع القرآني والموجهات الإيمَـانية والجهادية التي تبني اليمن دولةً وشعبًا، وتوفر له كُـلّ أسباب القوة والإمْكَانات التي يستطيع من خلالها الدفاع عن نفسه ومواجهة مختلف التحديات.
وتمكّن الشهيد الرئيس صالح الصماد، في ذروة العدوان الأمريكي والسعوديّ والإماراتي على اليمن، الذي كان يواجهُ حربًا شاملة وظالمة، وفي أسوأ الظروف التي كانت تمر بها البلاد، وأكثرها تعقيدًا على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي والسياسي، من تحقيق تحوُّلات كبرى في مسار التصدي لآلة الحرب الشاملة التي شنتها دول العدوان، والدفع بعجلة التصنيع العسكري التي كانت متوقفة منذ عقود من الزمن.
أكّـد الشهيد الرئيس الصماد خلال حضورِه لقاءً موسَّعًا في محافظة ذمار، قُبَيل أَيَّـام من استشهاده، أن اليمن أصبح مكتفيًا ذاتيًّا من عددٍ كبيرٍ من الأسلحة؛ بفضل تفعيلِ الصناعات العسكرية والصاروخية والاستفادة من الخبرات الوطنية، أعقب هذا التصريح الكشفُ عن مدفع “رجوم” محلي الصنع برعاية الصماد، بعد تدشين عدد من منظومات الصواريخ محلية الصنع، والتي انتقلت من مديات قصيرة إلى صواريخ باليستية طويلة المدى.
وبفضل تفعيل الصناعات العسكرية والصاروخية، في عهد الشهيد الرئيس الصماد، والتي هزّت عروش الطغاة، وخلقت في قلوبَهم الرعب، وما تحقّق في عهده من تقدم في الصناعات العسكرية المحلية المتقدمة، وعلى رأسها الصواريخ البالستية والطائرات المسيَّرة والصواريخ الجوية التي تفوقت بتطورها على الصناعات العسكرية الأمريكية والدول العظمى، يقول الخبير العسكري زين العابدين عثمان: “أصبح اليمن اليومَ مكتفيًا ذاتيًّا من عدد كبير من الأسلحة الاستراتيجية، منها الصواريخ الباليستية الفرط صوتية والمجنحة والطائرات المسيَّرة الجديدة”.
ويضيف: “كان أول اهتمامات الشهيد الرئيس صالح الصماد -سلام الله عليه- هو بناءُ اليمن عسكريًّا، وتوفير ما يمكن من المتاح؛ ليعززَ موقفَه في التصدي ومواجهة آلة الحرب الشاملة التي شنتها دولُ العدوان: أمريكا والسعوديّة والإمارات، وبمشاركة بريطانية إسرائيلية”.
ويؤكّـد أن الشهيد الرئيس الصماد بدأ العمل على “ترميم المؤسّسة العسكرية بمختلف قطاعاتها وتأسيس نواة أولية في مجال الصناعات الحربية، التي كانت أول إنجاز تاريخي لليمن”، مبينًا أنه “منذ تولي الشهيد الصماد لرئاسة الدولة كانت نظرته تتمحور حول تطويرِ القدرات المتوفرة والتي كانت في حالة إعطاب كامل، والبدء في تصنيع بعض الأسلحة البرية والبحرية والجوية، التي كان أبرزها الصواريخ التي جرى تصنيعُ أجيال متنوعة منها كالصرخة ومنظومات زلزال وَبدر، وُصُـولًا إلى صواريخ بركان التي بلغت مدياتها 1000كم، كذلك سلاح الجو المسيَّر الذي تم تصنيعُ منظومات متعددة من الطائرات دون طيار ذات مهام استطلاعية وانتحارية”.
وفي سلاح البحرية يوضح عثمان أن الشهيد الرئيس “دشّـن خطَّ إنتاج لقدرات وأسلحة مهمة، منها الألغام البحرية ومنظومات صواريخ المندب المضادة للسفن، وهي أول صواريخ طراز سطح بحر تم تطويرها محليًّا”.
بالتالي، فَــإنَّ الإنجازات التي تحقّقت -بفضل الله تعالى- وفي فترة رئاسة الشهيد صالح الصماد -رضوان الله عليه- لا يمكن أن نحصرها في هذا السياق؛ لأَنَّها كثيرة جِـدًّا، وقد كان لها دورٌ مهمٌّ في الصعود باليمن ليكونَ بمستوى المواجهة والقدرة على صَدِّ وكسر قوى تحالف العدوان بَرًّا وبحرًا وجَوًّا.
ووفق عثمان، فَــإنَّ “ما يعيشُه شعبُنا اليمني اليوم من حالة قوة واقتدار وتطوُّرٍ في مجالات المواجهة هي أولًا -بفضل الله تعالى- وتأييده وثمرةٌ من ثمار تضحية الرئيس الشهيد صالح الصمَّاد ومشروعه النهضوي الذي كان فتيلًا لانفجار ثورة كاملةٍ في التطوير والبناء على كُـلّ المستويات منها المستوى العسكري”.