لتكن حربُنا معهم حربَ حدود
لتكن حربُنا معهم حربَ حدود
الشيخ عبدالمنان السنبلي
كنتُ قد كتبتُ قبل عامٍ من الآن موضوعاً ذكرت فيه أن من أهم الخيارات الاستراتيجية التي يجب أن نتخذها في إطار مواجهتنا للعدوان السعودي الغاشم هو ورقة الحدود وَالتلويح بإلغاء اتفاقيتي الطائف وَجدة وَالعودة بهذا الملف إلى نقطة الصفر.
أستغرب لماذا هذا الالتزام منا بالتقيّد ببنود اتفاقية جدة وَعدم التعرُّض لها في الوقت الذي لم يلتزم النظام السعودي فيه يوماً باتفاقية الطائف الموقعة معهم في 1934، حيث استمر في قضم الأراضي اليمنية ما بين فترة وَأخرى إلى وقت متأخرٍ من العقد الأخير من القرن الماضي، كما أن هذا النظام الناكث لعهوده قد ضرب اليوم ببنود اتفاقية جدة عرض الحائط وَذلك بعدوانه الغاشم على اليمن في مخالفةٍ واضحةٍ وَصريحةٍ لما تضمنته بنودها!!
لقد استخدم النظام السعودي بعدوانه على اليمن كُلّ الأوراق لديه لكي يُخضِعَ اليمن وَاليمنيين حتى أنه لم يتورع في أن يستقدم كُلّ (وساخات) العالم من البلاك ووتر وَالداين جروب وَالجنجويد وَغيرهم من هذه القاذورات التي لا يزال اليوم طفل سلمان المدلل يجوبُ مكبات نفايات الدنيا يبحث فيها عن ما يتيح له استقدام المزيد من هذه الأدران إلى بلادنا لعله يجد في بعضهم سُمّاً ناقعاً يستطيع من خلاله النيل من شموخ وَعظمة وَإباء هذا الشعب الشجاع الصامد، فلماذا نتغافل إذاً عن استخدام أَوْ حتى التلويح بهذه الورقة الاستراتيجية المشروعة في وجه غطرسة هذا العدو الطامع المجرم؟!!
إتفاقيةُ جدة وَقبلها معاهدة الطائف ليستا قرآناً منزلاً حتى لم يعد لأحدٍ من أَبْنَاء شعبنا اليوم الحق في التعرض أَوْ الانقلاب عليهما، فلو تقيّد جمال عبدالناصر مثلاً باتفاقية استغلال وَتشغيل قناة السويس مع البريطانيين وَالفرنسيين، لما كانت قناة السويس اليوم تحت سيطرة الحكومة المصرية وَملكاً للشعب المصري!!
ألا يستحق ما يبلغ مجموع مساحته ثلثي مساحة أراضي الجمهورية اليمنية الحالية أن تخرج له المظاهرات وَالمسيرات وَتُعلن له الحروب كي يعود هذا السليب الغالي إلى أحضان الوطن الأم خاصةً وَقد قطع النظام السعودي بعدوانه على اليمن كُلّ خيوط الود وَالمجاملة وَكشف عن وجهه القبيح وَالحاقد على شعبنا اليمني العظيم؟!!
لماذا لا نقوم برفع سقف مطالبنا وَلو حتى (تكتيكياً) في المرحلة الحالية باستخدام هذه الورقة الاستراتيجية وَنعزز من موقف مفاوضينا في ظل توفر الوثائق التأريخية وَالجغرافية المؤكِّدة تماماً لحقنا في السيادة على نجران وَجيزان وَعسير؟!!
أسئلةٌ مطروحةٌ على طاولة المجلس السياسي الأعلى وَمجلسي النواب وَالشوري يجب تدارسها بجدية وَاتخاذ كُلّ ما من شأنه الإسهام في تعزيز موقفنا المواجه للعدوان، كما أن على المنظمات الحقوقية وَالمدنية اتخاذ خطوات من جانبهم في هذا الاتجاه وَالتوجه إلى مجلس القضاء الأعلى لإبطال وَإلغاء أيَّة معاهدة تتعارض بنودها مع حق اليمن في السيادة على كامل التراب اليمني بحسب الوثائق وَالبراهين التأريخية وَأن يفعلوا كما فعل المصريون بخصوص قضية مضائق تيران وَصنافير ليعلم العالم أن قضيتنا وَحربنا اليوم مع هؤلاء اللصوص لم تعد مسألة صد عدوان أَوْ كف أذىً فحسب وَإنما قد أصبحت حربَ حدودٍ وَاستعادة حقوقٍ مشروعة، وَعلى الباغي تدور الدوائر.