ما أنواعُ الـصـمود؟
الشـيخ عبـدالمنَّـان السُّــنبلي.
الصـمود نـوعان:
صمود أُسطوري وصمود رسمي عربي..
هل تعلمون ما هو الفرق بينهما..؟
الصمود الأُسطوري هو صمود لا حدود أَو سقوف له، ولا يستطيـع أحد تحطيـمه أَو كسـره مهما كانت قوته أَو بلغت من عنجهية وبطش ووحشية وإجرام..
رأينا هذا النوع من الصمود في غزة ولبنان مؤخّراً..
ورأيناه في اليمن أَيْـضاً أثناء مواجهة العدوان السعوديّ الإماراتي الغاشم وَكذلك خلال مواجهة العدوان الصهيو أمريكي البريطاني المجرم الأخير..
كما رأيناه من قبل في أماكنَ ومواطنَ شتى من العالم في ستالين جراد وفيتنام وكوبا وَ…!
هذا هو الصمود الأُسطوري..!
أما الصمود الرسمي العربي، فهو صمود مؤطَّر بحدود أَو سقوف معينة سـرعان ما تتهاوى أَو تتحطم عند نـقطة ودرجـة معيـنة من القــوة أَو الضـغـط السيـاسي أَو الاقتصادي أَو العسكري..
صـمود أشبه ما يكون بالحديد المطـاوع: قابل للـثني أَو الطـرق أَو السحـب دائماً..
رأينا هذا النوع من الصمود في مراحل عديدة من مراحل التاريخ العربي، إلا أن مرحلةَ الصراع العربي الإسرائيلي، في اعتقادي، هي المثال الأبرز والأوضح لهذا النوع من الصمود..
صمود بدأ بسقفٍ عالٍ عنوانُه اللاءت الثلاث: لا صُلح، ولا اعتراف، ولا تفاوض..
ثم ما لبث هذا السقف أن تهاوى وتهاوى شيئاً فشيئاً حتى وصل به الأمر اليوم وانتهى إلى مستوىً متدنٍّ جِـدًّا عنوانه الأبرز الأنعـام السبـع: نعـم للصـلح، نعـم للتـطبيع، نعـم للاعتراف، نعـم للـتفاوض، نعـم للـتحالف، نعـم للشراكة، ونعـم لتجريم الـمقاومة..
صـمود بدأ بحرب 48، و67، و73، ثم ما لـبث أن انـحسر فجأة في منحدر كامب ديفيد، ثم أوسلو، ثم وادي عربة؛ ليواصل انحساره وانحداره المريع حتى وصل اليوم وانتهى إلى منحدر صفقة القرن واتّفاقية إبراهام..
صمود بدأ بشعار: سنرمي إسرائيل في البحر.. وانتهى اليوم إلى شعار: إسرائيل ولا حماس..
ويـعلم الله إلى أي مستـوى من الانحسار والانحدار سيـستقر به الأمر في آخر المطاف..!
هذا هو الصمود الرسمي العربي..!
لذلك لا أراهن اليوم كَثيراً على صمود النظامَين المصري والأردني في مواجهة مخطّط التهجير..
فمن سـال لُعابُه ذات يـوم أمام معونةٍ سنـوية أمريكية مقدارُها أكثر من مليار ونصف المليار دولار، في مقابل أن يـبيع نفسـه والقضية سـواء في كامب ديفيد، أَو في وادي عربه لن يكون بوسـعِ لعابه اليوم الصمود طويلاً أمام عرضٍ أمريكي مغرٍ مقداره أكثر من مئتي مليار دولار..
لا نتمنى لهم ذلك..
لكن هذه هي الحقيقة..
وهذه هي طبيعة الصمود الرسمي العربي دائماً..
وعليه: فإن الرهان اليوم في إفشال مخطّط التهجير لا يقع فقط إلا على عاتق أصحاب الصمود الآخر..
أصحاب الصمود الأُسطوري..
أما الصـمود الرسـمي العربي: فسـرعان ما سـيتهاوى ويـنهار، كما أوضحنا آنفـاً، ولو على مراحل متفاوتة..
والأيّام بيننا..