غزة لن تُهجر واليمن حاضرٌ في معادلة الردع

 

إبراهيم مجاهد صلاح

ترامب.. أنت لستَ زلزالًا مدويًا، أنت هزة رخيصة في سوق السياسة..

صفقة خاسرة في بورصة الظلم والاستبداد!

أهذا ما جئت به؟ تهجير أبناء غزة من مساكنهم؟

تظن أنك ستنجح بعد أن سقط أسلافك؟

أتظن أن غزة ساحة مُستباحة؟

أتظن أن دماء السنوار والضيف وهنية ستجف وتُمحى بمداد صفقاتك المشبوهة؟

كأنك تحمل تركةً لمجرمين!

تمضي في أثر جيوش حاولت وأُبيدت، وأوهام زُرعت واقُتلعت!

أتظن أن الأرض ستُفرغ لأعدائها؟

أنسيت كيف سقطت إمبراطوريات الإنجليز في الهند؟

أنسيت كيف أذل الفتناميون جبروت دولتك؟

أما قرأت كيف حاول الفرنسي أن يمحوَ الجزائر فابتلعتهُ الرمال؟

أما قرأت كيف سقط المغول على أبواب مصر؟

أما زلت تحسب أنكم عصا غليظة؟

أنسيت اليمن أرض العزة والعناد والإسناد؟

اليمن الذي خط بدماء رجاله فصلًا جديدًا في كتاب الإذلال للقوى العظمى وعلى رأسهم الدولة التي تتولى قيادتها أنت للمرة الثانية!

اليمن الذي جعل فخر صناعتكم التي تفاخرون بها عقودًا، تذوب تحت ضربات رجال لا يملكون سوى العزيمة والإيمان!

الذي جعل أحدث حاملات طائراتكم ولّت هاربةً كالفئران المذعورة!

وجعل طائراتكم، التي تفاخرون بأنها لا تخطئ تهوي محترقةً كأوراق الخريف!

وجعل سُفنكم التي لطالما أرهبت البحار، صارت تتحاشى مياه العرب كأنها صارت فجأة مُجَـرّد خردة عائمة!

لن نتحدث عن اليمن الذي مرغ أنف العثمانيين في ترابه، ولا عن اليمن الذي كسر شوكة البريطانيين، ولا عن اليمن الذي جعل المصريين يرحلون يجرون أذيال الخيبة… بل نتحدث عن يمن القرن الحادي والعشرين!

اليمن الذي اجتمع عليه تحالف من إحدى وعشرين دولة، قصفوه بأعتى الأسلحة واحدثها، وظنوا أن المال والنفوذ يصنعان النصر، فإذا بهم يخرجون من حربهم أكثر عجزًا، وأكثر خيبةً، وأكثر رعبًا!

اليمن الذي وصل أبطالُهُ إلى قلب المواقع السعوديّة حفاةً بلا نعال، لا لأَنَّهم لم يجدوها، بل لأَنَّ الأرض تعرف أقدامهم جيِّدًا، وتحملهم إلى نصرهم!

اليمن الذي جعل من جيوش البلاك ووتر أُسطورةً محطمة، ومن الجنجويد أشلاء تذروها الرياح، ومن الإماراتيين رمادًا في صحراء، لا تعرف غير المذلة لمن جاءها غازيًا!

أخبرني، أيها الوغد ماذا بقي لكم؟

ماذا بقي من جبروتكم حين صار اليمني يقرّر متى تُفتح، ومتى تُغلق موانئكم، ومتى تعبر سفنكم؟

أما زلت أنت ومن على شاكلتك تحلمون بأن اليمن سيتخلى عن فلسطين؟ أنهُ سينكسر؟

ما أشدها من أحلام، وما أقساها من كوابيس تعيشونها.

أتريد تهجير أبناء غزة؟

أتريد أن تقتلع أهل الأرض من أرضهم، ولدى اليمن صواريخ ومسيرات وصلت إلى قلب يافا، وعسقلان، وإيلات؟

أما زلت تظن أن البحر يكفيك هربًا، بعدما أدركت أن سماء فلسطين المحتلّة لم تعد للكيان الذي تدعمه، وأرضها لم تعد أرضه؟

أتريد تهجير أبناء غزة، وقد عرفت وزارة حرب الكيان الموقت وقع صاروخ “ذو الفقار” اليمني؟

أتريد اقتلاع من صمدوا، وأنت من يرتجف اليوم؟

أما زلت تحلم أن حصونك تحميك؟

أما زلت تظن أن “أبرهام” وأخواتها ستقف في وجه بأس الرجال؟ كلا..

لقد هربت قطعك البحرية كما يهرب الجبناء، وتهاوت تحصيناتك كبيوت الرمل أمام مدِّ العزم اليمني!

تريد من ابن فلسطين الذين فُطِر على الصبر، وشُحِذ بالمحن، أن ينهزمَ أمام من لم يعرف يومًا طعمَ الصبر، ولم يذق سوى رعب السقوط؟

ألا تفهم؟

من صنع التاريخ لن يُمحى، ومَن عرف دربَ النصر لن يضِل ومن سكن أرضَ العزة لن يُقتلع!

قد يُحاصَر، قد يُجوَّع، قد يُضيَّق عليه، لكنه في النهاية سينهض، وسيحمل قضيتَه في قلبه وسلاحه في يده، حتى يُطهِّرَ الأرض من كُـلّ غازِ عابرِ، وكل محتلّ مؤقَّت، وكل جبان ظن أن القوةَ في الحديد، ولم يدرك أن العزائمَ هي من تصنع التاريخ!

ما أشدَّها من خسارة عليكم حينما يكون الخصم رجلًا! يرفض الانكسار، وأرضًا تأبى أن تدنِّسَها أقدام الغزاة.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com