أوجهُ الشبه بين الصرخة وبقرة بني “إسرائيل”
د. شعفل علي عمير
تعتبر الشعارات جزءًا مهمًا من ثقافات الشعوب، حَيثُ يعكس كُـلّ شعار فلسفة جماعته وقيمها ويمثل وسيلة للتعبير عن الهُوية والانتماء، ويتجلى أوجه الشبه بين “شعار الصرخة” وقصة “بقرة بني إسرائيل” من خلال الرموز العميقة والمعاني التي تحملها كُـلّ منهما، والتي تركز على مسألة كشف حقيقة المستور وتحقيق العدالة، فقصة بقرة بني “إسرائيل” التي وردت في القرآن الكريم، وكذلك شعار جماعة أنصار الله في اليمن تبدو كُـلّ منهما، ظاهريًّا، منعزلة عن الأُخرى، ولكن عند النظر بتمعن، نجد أوجه تشابه بينهما تتعلق بكشف ما يدور في الزوايا المظلمة لمعرفة المجرم الحقيقي.
فقد أصبح شعار الصرخة من أقوى وسائل كشف وتشخيص الإنسان المنافق من الصادق؛ إذ يعتبر الشعار رمزًا معبرًا عن الموقف والهدف الذي ينشده أنصار الله، المعروف بـ “الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لـ “إسرائيل”، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام”، وهو شعار البراءة من أعداء الله ويعكس موقفًا مبدئيًّا بأنه يحمل في طياته إصراراً على مقاومة الظلم والاضطهاد، ويعكس دافعًا قويًّا للدفاع عن الدين والسيادة والهُوية.
في مقابل ذلك، تمثل قصة بقرة بني “إسرائيل” مرحلة من مراحل البحث عن الحقيقة في وجه غموض الجريمة، في القصة، يأمر الله بني “إسرائيل” ذبح بقرة لتكشف تفاصيل جريمة قتل غامضة، تبدو البقرة هنا كرمز للطاعة ولإثبات براءة البعض وكشف الجاني الحقيقي، من خلال اتباع أمر الله، تتجلى الحقيقة ويتم العثور على الجاني، وفي الحالتين، يتم استخدام الرمز كأدَاة لتحقيق العدالة والوصول إلى الحقيقة، في حالة بقرة بني “إسرائيل”، تتحقّق العدالة من خلال تنفيذ أمر إلهي يبدي قوة الالتزام الديني في كشف الحقائق المخفية.
إن القصة تعزز فكرة أن الارتباط بالإيمان والطاعة الصادقة يؤدي إلى كشف الأسرار والجلاء عن الغموض، وبالمثل، شعار أنصار الله يستلهم فكرة المقاومة والوقوف ضد الطغيان ويكشف الأقنعة الخفية للعملاء المتلبسين بعباءة الدين.
إن استخدام كلمات قوية وصارمة في الشعار يعزز من فكرة المطالبة بالعدالة والحق، عبر هذا الشعار، تُعرض قضية يرى كُـلّ شرفاء العالم أنها عادلة، ويسعون لكشف الجماعات المارقة التي تعيث فسادًا في اليمن وفي العالم، تلك الجماعات التي خضعت لأعداء الأُمَّــة ووالت أعداء الله؛ مِن أجلِ تحقيق مصالحها الضيقة، لقد كشف شعار الصرخة حقيقة حزب الإصلاح، حقيقة لطالما حاول أن يخفيها عن المجتمع اليمني؛ فبمُجَـرّد أن يهتف أحد اليمنيين بشعار الصرخة يقتل بدم بارد وبدون أية محاكمة حتى ولو كان من أعضاء الحزب، مع العلم أن مضمون الصرخة هو الموت لأمريكا والموت لـ “إسرائيل” وليس الموت للإخوان، فقد فضح شعار الصرخة حقيقة هذا الحزب وتناقضات مبادئه مع تصرفاته الفعلية، لا يمكن فهم هذا الانحراف عن المبادئ إلَّا؛ باعتبَاره يخدم طموحات الحزب ليبقى جزءاً مهماً من المشهد في اليمن، مهما كانت الظروف حتى ولو ضحى بدينه ومبادئه؛ الأمر الذي يدفعه لتغليب مصلحته على مصلحة الدين والوطن والقيم الأخلاقية؛ فمثل ما كشفت بقرة بني “إسرائيل” القاتل الحقيقي كشف شعار الصرخة القتلة الحقيقيين، كشف مدى إجرامهم وعدائهم لكل من يعادي أمريكا و”إسرائيل”.
إن الالتزام بالمبادئ يمكن أن يفضح التناقضات ويكشف الحقائق المخفية التي تحيط بالمجتمعات.
واليوم، وبعد أن ظهرت حقيقة هذا الحزب نحن نقف لنكشف القناع عن واحد من أكثر الأحزاب “الملتزمة” التي يبدو أن التزامها لم يكن للدين، بل لمصالحهم الشخصية، والذي يبدو أن انتماءَه لمصالحه أكبر بكثير من انتمائه لدينه، كما كشفتها الأحداث في اليمن وفلسطين، التي تتعرض للقصف والتدمير، والصمت العربي يصم الآذان، الكل يتساءل: أين تضامن “الإخوة” في الدين؟ بل أين حزب الإصلاح الذي لطالما رفع راية نصرة الإسلام والمسلمين؟ اختفى الحزب في اللحظة الحرجة كما يختفي البلعوم عندما يأتي وقت الانتحار ونصيحتنا لقواعد الحزب أن تغلّب دينها على حزبها الذي لن ينفعها عندما تلقى ربها.