11 فبراير: خروج عسكري أمريكي من صنعاء واستعادة السيادة اليمنية
طالب عمير
يمثل يوم 11 فبراير محطة تاريخية فارقة في مسار السيادة الوطنية اليمنية، فقد شهد هذا اليوم خروج قوات المارينز الأمريكي من العاصمة صنعاء، في مشهد جسد لحظة انتصار للإرادَة الشعبيّة اليمنية واستعادة جزء من القرار الوطني الذي طالما عبثت به التدخلات الأجنبية.
لم يكن هذا الحدث مُجَـرّد انسحاب عسكري عادي، بل كان تعبيرًا واضحًا عن تحوّل عميق في الوعي الوطني، وتأكيدًا على أن السيادة لا تقبل المساومة، وأن إرادَة الشعوب أقوى من أي وجود أجنبي مهما بلغ حجمه ونفوذه.
لقد كانت سنوات الوجود العسكري الأمريكي في صنعاء شاهدة على مرحلة من التبعية السياسية والارتهان الأمني، عملت الولايات المتحدة على فرض أجنداتها من خلال التدخل المباشر وغير المباشر في القرار السيادي اليمني، عبر استخدام أدوات أمنية واستخباراتية تحت مسمى “مكافحة الإرهاب”، في حين كان الهدف الحقيقي هو حماية مصالحها الاستراتيجية والسيطرة على القرار السياسي في البلاد، لكن هذا الحضور لم يكن مقبولًا من قبل الشعب اليمني، الذي لطالما رفض الهيمنة الأجنبية مهما كانت مبرّراتها.
خروج المارينز من صنعاء لم يكن نتيجة قرار سياسي أمريكي بقدر ما كان نتيجة مباشرة لصمود الشعب اليمني وتغيير موازين القوى على الأرض؛ فقد عكست هذه اللحظة قدرة اليمنيين على فرض إرادتهم رغم كُـلّ الضغوط الخارجية، وإعادة التأكيد على أن الحرية والسيادة لا تمنح بل تُنتزع.
كان هذا الحدث رسالة قوية إلى العالم بأن اليمن ليس ساحة مفتوحة للتدخلات الأجنبية، وأن إرادَة الشعب قادرة على قلب المعادلات مهما كانت التعقيدات.
ذكرى 11 فبراير تدعونا لتقييم دروس الماضي واستلهام العبر، السيادة ليست مُجَـرّد شعار يُرفع في المناسبات، بل هي ممارسة فعلية تتجسد في استقلال القرار الوطني ورفض التبعية لأية قوة خارجية، هذا الحدث يؤكّـد أن النضال؛ مِن أجلِ الحرية لا يتوقف عند لحظة تاريخية معينة، بل هو مسار طويل يتطلب وعيًا شعبيًّا واستعداداً دائمًا للتضحية؛ مِن أجلِ الوطن.
اليوم، وبعد سنوات من ذلك الحدث المفصلي، يواصل الشعب اليمني معركته في الدفاع عن كرامته وحريته.
إن صمود اليمنيين في مواجهة العدوان والحصار هو امتداد لتلك اللحظة التاريخية التي أجبرت المارينز الأمريكي على مغادرة صنعاء، هذه الروح الوطنية التي تجسدت في 11 فبراير ما زالت حية في نفوس اليمنيين، تؤكّـد أن الكرامة الوطنية لا تُباع ولا تُشترى، وأن اليمن سيظل حرًا مستقلًا مهما تكالبت عليه قوى الاستكبار العالمي.
وفي كُـلّ مرة نتذكر فيها هذه الذكرى، علينا أن نستحضر حجم التضحيات التي قُدمت؛ مِن أجلِ استعادة السيادة الوطنية، وندرك أن الحفاظ على هذا المكسب يتطلب وعيًا وطنيًّا مُستمرّا، ويقظة دائمة ضد أية محاولات جديدة للنيل من استقلال اليمن.
إن اليمن الذي طرد المارينز من صنعاء قادر على مواجهة أية تحديات مستقبلية؛ لأَنَّ إرادَة الشعب أقوى من أية قوة عسكرية أَو سياسية تحاول السيطرة عليه.