ترامب والمُخيلة الداروينية الرأسمالية
عبدالله شرف المهدي
وفق الفلسفة الغربية ينظر الغرب للبشرية نظرة أحمق يتباهى بالذكاء، فالغربي يرى أن الشرقي ليس إنساناً، بل مخلوق لا يزال في دور التكوين، ويرون أن الإنسان الوحيد الذي أكتمل تكوينهُ هو الإنسان الغربي، وهذا ما قالهُ “موريس تورز” وأمثاله عندما تحدثوا عن الشعوب الشرقية، ومن هذا المُنطلق المشوه في جذر التكوين البشري لدى المباني الغربية، نرى قادة الغرب ومفكري الغرب والحداثيين فيهم ينظرون لبقية البشر بنظرة مشوهة خالية من الأخلاق، ولهذا السبب نجد “ترامب” الرأسمالي يُخطئ في تقدير الحسابات السياسية والاجتماعية؛ بسَببِ أنه ينظر للشعوب البشرية كأنها سلعة تجارية تُشترى بالمال، ولا يراها كهوية وثقافة وتاريخ في شتى الميادين.
إن السياسة الغربية تمضي وفق مباني الحداثة الاستعمارية، وقد كان الغرب يتحَرّك جغرافيًّا لتقويض هُويات الشعوب بكل استكبار دون أن يجد رادع، حتى بعث الله رجلًا من أقصى المدينة، عالمًا عَلمًا مُعلمًا ومُرشداً، قائدًا يزن الأرض ولا تزنه، إنه السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، هذا الرجل الذي تكاتف بالجهود مع إخوته في محور المقاومة، وسند غزة بكل ما يملك من إيمان ومسؤولية، فآثر على نفسهِ كجدهِ هاشم بن عبدالمطلب من هشم الثريد ليطعم جياع مكة في مجاعة قريش، فنرى الزمن يعيد نفسه، ونرى السيد عبدالملك يُطعم الأُمَّــة كرامةً وعزةً وإباء، وشجاعةً وإيمانًا ووفاء، ولينتقل من تهشيم الثريد إلى تهشيم الحديد وتفجير العديد من السفن، ضاربًا أوهام “هرتزل” في ناصيته، ونازلًا عليهم أسدًا غضنفرًا، حتى إذَا أنقض جعلهم شَذَرْ مَذَرْ في حرب لا تُبقى ولا تذر لحفظ الكرامات والبشر، فانتصرت بهِ غزة من بعد الله، وبهِ تغير منطق النظام العالمي الدارويني الرأسمالي، بعد اقتلاع باب خيبر لزماننا المتمثل في المواثيق والمعاهدات البحرية الحامية للكيان الصهيوني الغاصب، فأشعل السيد الحرب ضد الغرب، وهشم اقتصاد اليهود في قعر احتلالهم، وضربهم بقوة بأس الكرام، فأحيا بهِ الله أُمَّـة الإسلام.
ومن هنا أدرك الغرب واليهود كم هم أقل شأنًا فكريًّا وعقليًّا ونفسيًّا واجتماعيًّا وعسكريًّا وسياسيًّا، ووجد ترامب نفسهُ عاجزًا فوق ما هو عليه من العجز، لا سِـيَّـما عند تصور مخيلته أهوال إشعال الحرب ضد شخصية إسلامية لا تخشى بالله لومة لائم، فأذعن ترامب، وتراجع عن التهديدات مذلولًا مجبورًا أمام بأس ولي أمر المسلمين في اليمن، وهذه نقطة تحول مهمة في الصراع مع العدوّ الغربي الصهيوني، فقد أضحى الغرب يتجنب الصدام مع اليمن بعد أن خلص إلى نتيجة مفادها أن الحرب العسكرية ضد السيد عبدالملك لها خياران لا ثالث لهما، الخيار الأول النصر للإسلام والخيار الثاني النصر للإسلام، ولا مجال لهزيمة الأنصار فهم سادة الحرب والانتصار.