شهيد الإسلام والإنسانية.. رحيلُ الجسد وبقاءُ المقاومة
بشير ربيع علي الصانع
إنه رحيل رجلٍ من أعظم رجالها، قائدٍ أفنى عمره في درب الجهاد، ورمزٍ من رموز الكرامة والمقاومة الشهيد السيد حسن نصر الله الأمين العام لحزب الله الذي لم يكن مُجَـرّد قائد سياسي أَو عسكري فقط بل كان مشروع أُمَّـة وصوت المستضعفين وسيفًا مشرعًا في وجه الطغاة والمحتلّين.
لقد مثّل السيد حسن نصر الله وجدان الأُمَّــة الحي، وعاش حياته قائدًا لا يعرف الخوف مؤمنًا بقضية شعبه وأمته ثابتًا على مبادئه رغم كُـلّ التحديات كان فارس المقاومة الذي لم يعرف الهزيمة وصوت المظلومين الذي دوّى في أرجاء العالم يفضح ظلم المستكبرين ويعلن أن المقاومة خيار لا رجعة فيه حتى تحرير الأرض والإنسان.
كم من قائدٍ مضى، ولم تُمحَ آثاره؟ لكن السيد حسن نصر الله ليس كغيره فهو قائدٌ صنع للأُمَّـة عزتها وكان السد المنيع أمام مشاريع الهيمنة والاستكبار لم يكن زعيمًا لحزب بل كان أُمَّـة في رجل وفكرةً تتجذر في وجدان الأحرار.
رحل السيد حسن نصر الله بعد عقودٍ من النضال وبعد أن قدّم روحه في سبيل الله لكن خسارته ليست مُجَـرّد فقدان قائدٍ سياسي بل هي خسارةٌ لا تُعوض لضمير الأُمَّــة التي كانت تنظر إليه على أنه الحارس الأمين لقضيتها والعين التي لا تنام عن القدس والسيف الذي لا يُغمد في وجه الاحتلال.
كيف يمكن أن نعبر عن حزننا اليوم؟ أي كلماتٍ يمكنها أن تواسي أُمَّـة فقد قائدها؟ أي بيانٍ يمكنه أن يصف حجم الفاجعة التي نعيشها؟ لقد بُتر جزءٌ من قلب الأُمَّــة وانطفأت شمعةٌ كانت تضيء درب الأحرار والمقاومين.
يوم الأحد، الثالث والعشرين من فبراير عند الساعة الواحدة ظهرًا ستخرج الجماهير الغفيرة في بيروت لتشييع جثمان السيد حسن نصر الله في مشهدٍ لن يكون مُجَـرّد وداع بل عهدٌ بأن تبقى المقاومة مُستمرّةً وبأن دمه لن يذهب هدرًا. ستكون الشوارع مكسوة بالسواد والقلوب مملوءة بالحزن لكن خلف الدموع والقهر هناك قسمٌ بأن تبقى الراية التي حملها مرفوعةً وبأن تبقى القدس هي البوصلة والمقاومة هي النهج حتى تحقيق النصر.
لقد رحل السيد حسن نصر الله جسدًا لكن فكره ومبادئه ستبقى خالدة وستظل كلماته نبراسًا لكل من يرفض الخضوع والانكسار هو لم يكن مُجَـرّد زعيم بل كان مدرسةً في العزة والكرامة وكان عنوانًا لمعنى أن يكون الإنسان مقاومًا في وجه الظلم.
ستبكيه الأُمهات اللاتي كنّ يرَينه أملًا وسينعاه المجاهدون الذين كانوا يستمدون منه العزيمة وستشعر الأُمَّــة كلها بأن هناك جبلًا قد هوى لكن روحه ستبقى ترفرف في سماء المقاومة وستظل كلماته تتردّد في الميادين تذكّر الجميع بأن “إسرائيل أوهى من بيت العنكبوت”، وأن “من كان مع الله كان الله معه”.
أيها القائد العظيم نم قرير العين فالأمة التي غرست فيها روح المقاومة لن تموت والراية التي رفعتها ستظل عالية والعدوّ الذي حاربته لن يهنأ يومًا نم مطمئنًا فقد علّمت أمتك كيف يكون الرجال وزرعت فيها إرادَة لا تُكسر.
سلامٌ عليك يوم ولدت وسلامٌ عليك يوم قاتلت وسلامٌ عليك يوم استشهدت وستظل حيًّا في قلوب الأحرار حتى يتحقّق النصر الذي كنت تحلم به.