شهيد الإسلام والإنسانية مقارعًا جبهة العدوّ من مقام الشهادة: تأثيرٌ لا يمكنُ اغتيالُه
– الانتصار التأريخي لحزب الله على كيان العدوّ أسقط كُـلَّ آمال العدوّ المعلقة على الاغتيال
– صمود الحاضنة الشعبيّة للمقاومة وعودتها جسّد استمرار حضور سماحة السيد في المشهد
– خروجُ غزة منتصرةً تذكيرٌ مُستمرّ للعدو بالفشل في إعاقة تحقّق وعد السيد الشهيد
– التفاعُلُ الإقليمي والعالمي مع التشييع يعكسُ تزايدَ الالتفاف حول مشروع المقاومة الذي أسّسه الشهيد
المسيرة | خاص
في يوم تشييعه سَيِّدًا لشهداء المقاومة على طريق القدس في أكبرِ معركة بين الأُمَّــة وكيان العدوّ الصهيوني، لا يزال سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، يقارعُ جبهةَ العدوّ بتأثيرِ مكانته العظيمة لدى حاضنة المقاومة وأحرار الأُمَّــة والعالم، وامتداد الإنجازات الكبرى التي راكمها طيلةَ مسيرته الجهادية الاستثنائية، بما في ذلك إنجازُ فتح أبواب “زمن الانتصارات” الذي يمثل عنوانًا لمرحلة حسم الصراع على كُـلّ المستويات.
على عكس الآمال التي كان العدوُّ يعلِّقُها على اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، في القضاء على حزب الله وضرب محور القدس بأكمله، فقد برهن الحزبُ بعد جريمةِ الاغتيال أن تأثيرَ سماحة السيد في موقعِ القيادة يتجاوز حضورَه الجسدي، وبفضلِ مرونة الهيكل التنظيمي الذي شكَّله السيد الشهيد، وامتداد تأثيره الخاص عمليًّا ووجدانيًّا على كُـلّ مَن في ذلك الهيكل، وُصُـولًا إلى الحاضنة الشعبيّة، لم تواصل المقاومةُ الإسلامية في لبنان المعركةَ فحسب، بل تمكّنت من تحقيق انتصار تأريخي جديد على كيان العدوّ، لتثبت للأخير أن كُـلّ ما استطاع تحقيقه من خلال جريمة الاغتيال هو حرمان حزب الله وجبهة المقاومة من إطلالة سماحة السيد في خطاب النصر لا أكثر.
الانتصارُ التاريخي الذي حقّقه حزبُ الله على كيان العدوّ في معركة ارتقى فيها سماحةُ السيد حسن نصر الله، كان دلالةً واضحةً على أن “الكابوس” الذي كان يمثّله سماحته لجبهة العدوّ قد تجاوز حدود الظروف الذي يمكن السيطرة عليها، وأن محاولة اغتيال هذا “الكابوس” لن تكون سوى مرحلة جديدة من مراحل تعاظمه وتزايد تأثيره.
هذا ما أثبته أَيْـضًا فشلُ كُـلِّ المحاولات الأخيرة من جانب جبهة العدوّ الصهيوني الأمريكي وأدواتها لاستغلال رحيل سماحة السيد، بعد تحقيقِ الانتصار، من خلال تأليبِ الداخل اللبناني على حزب الله وحاضنته الشعبيّة، سواء على المستوى السياسي عن طريق محاولة إقصاء الحزب من الحكومة الجديدة، أَو على المستوى الشعبي من خلال محاولةِ التضييق على جمهور المقاومة وتهميش حقوقه، حَيثُ أَدَّت كُـلُّ هذه المحاولات إلى نتائجَ عكسية برز فيها استمرارُ تأثير سماحة السيد الشهيد على الساحة كملهم وقائد، كما لو أنه لم يغب.
وكان من محطات إخفاق جبهة العدوّ في اغتيالِ تأثيرِ سماحة السيد الشهيد، الفشلُ في مساعي عرقلة ترتيباتِ تشييعه، من خلال عدة خطوات كان أبرزها الإيعاز للحكومة الجديدة بوقف الرحلات الجوية بين بيروت والجمهورية الإسلامية في إيران، والإيعاز لبعض التيارات السياسية بدفع جماهيرها لمقاطعة التشييع، وُصُـولًا إلى محاولات منع رفع صور السيد الشهيد، وهي المساعي التي تبخرت تمامًا أمام التفاعل الهائل على مستوى لبنان والمنطقة والعالم.
لقد أثبتت الحاضنة الشعبيّة للمقاومة في لبنان مرة أُخرى أن جبهةَ العدوّ ليست فقط عاجزةً عن اغتيال تأثير سماحة السيد حسن نصر الله في الوعي وفي الميدان، بل إن أية محاولة لاستهداف ذلك التأثير سترتد عكسيًّا بشكل يزيده فاعلية، وقد انعكس ذلك بوضوح في مختلف المناسبات التي أعقبت شهادة سماحته، بَدْءًا من العودة الشجاعة إلى جنوبِ لبنان والمواجهة المباشرة مع آليات ودبابات العدوّ التي كانت ترفُضُ الانسحابَ، وُصُـولًا إلى الوقوف في وجه محاولة منع رفع صور السيد الشهيد في مطار بيروت.
وبالتوازي مع ذلك، برهنت الوفود الرسمية وغير الرسمية من المنطقة ومختلف أنحاء العالم، والتي توجّـهت للمشاركة في التشييع، على أنه حتى الرسالة الترهيبية التي أراد العدوّ توجيهها لأحرار المنطقة والعالم من خلال اغتيال سماحة السيد حسن نصر الله، جاءت بنتيجة عكسية، وبدلًا عن أن يسعى الجميع إلى النأي بأنفسهم عن مشروع المقاومة خوفًا من “البطش” الإسرائيلي كما كان يأمل العدوّ، انكسرت القيود بشكل أكثر وضوحًا وعبّر الجميع من خلال تدافعهم على المشاركة في التشييع عن التفافهم وراءَ مشروع السيد الشهيد ومنهجه الجهادي المتحدّي لكل محاولات الترهيب والوسائل الإجرامية للعدو.
وهكذا تحوّل التشييعُ من مناسبة كان يأمل العدوّ أن تترجم قدرتَه على ضرب المقاومة، إلى محطة تحدٍّ جديدة تكاد من شدة خروجها عن السياق الذي كان العدوّ يأمله أن تلغيَ غيابَ سماحة السيد عن المشهد بشكل تام.
والحقيقة أن العدوَّ لا يمتلكُ حتى مساحةً لغضِّ النظر عن واقع إخفاقه في اغتيال تأثير سماحة السيد حسن نصر الله على الساحة، فخارجَ لبنان، وفي غزة تحديدًا، تبرز معالم ذلك الإخفاق في كُـلّ جولة من جولات تبادُل الأسرى التي تجسد حقيقة انتصار المقاومة الفلسطينية، يبرز تحقّق وعد سماحة السيد الشهيد بضمانِ “خروج غزة منتصرة” من خلال فتح جبهة الإسناد اللبنانية التي كشف مسؤولٌ في حركة حماس مؤخّرًا أن سماحة السيد الشهيد تعهَّد في يومها الأول بأن يكونَ سقفُها مفتوحًا حتى وإن وصلت إلى حربٍ كبرى، وهو ما حدث.
وهكذا فَــإنَّ “الكابوس” الذي كان يشكِّله سماحة السيد الشهيد على كيان العدوّ، لم يختفِ بعملية الاغتيال، بل أصبحت مواجهته أكثر صعوبةً وقد تحول إلى إلهام متوقِّدٍ في وعي أحرار المنطقة والعالم، وأمانة يرى الجميع أنهم مسؤولون عن رعايتها حقَّ الرعاية؛ وفاءً للسيد الشهيد ورغبة في تتويج مسيرته الجهادية بالمزيد من الانتصارات على كُـلّ المستويات، وُصُـولًا إلى حسم الصراع مع العدوّ وفق الوعد الإلهي الذي لطالما كان سماحةُ السيد يذكّرُ به بكُلِّ يقين.