نصر الله حيٌّ فينا ما دامت المقاومة قائمة
عبدالحكيم عامر
في تاريخ الأمم، تمر شخصيات استثنائية تترك بصمات لا تُمحى، وتصنع التحولات الكبرى في مسار الشعوب، فكان الشهيد السيد حسن نصر الله، كقائد إيماني عظيم، حمل راية المقاومة بثبات وعزم، وسخّر حياته للدفاع عن الأُمَّــة الإسلامية والإنسانية جمعاء، كان رمزًا متجذرًا في وجدان أمته، نادرًا في عطائه، متقدمًا في رؤيته، حاضرًا في كُـلّ ميادين المواجهة.
قاد السيد حسن نصر الله، مسيرة حزب الله الجهادية لنحو ثلاثة عقود، وخاض معاركه ضد الكيان الصهيوني والمستكبرين بصلابةٍ وإيمانٍ لا يلين، كان قائدًا استراتيجيًّا، قائدًا ملهمًا، محنكًا، أدرك أهميّة كُـلّ خطوة على طريق المقاومة، مما جعل من حزب الله قوة لا يستهان بها، فرضت معادلات جديدة في الصراع العربي-الإسرائيلي، فبفضل قيادته الحكيمة، تكبد العدوّ الإسرائيلي هزائم متتالية، وعاش العدوّ في حالة رعب دائم من ضربات المقاومة.
كان رمزًا للكرامة، لم يتراجع يومًا عن المواجهة، لم يخف يومًا من المواجهة، ولم تهزمه التهديدات، ولم يساوم على قضيته، وقف في وجه المشاريع الأمريكية والصهيونية بصلابة، وأطلق مواقف إيمانية وقرآنية وجهاديه عزّزت من مكانته كقائدٍ لا يساوم على حقوق الأُمَّــة، ظلت مواقفه خالدة يشهد لها الميدان، ولا يُمكن أن يطويها النسيان.
جاهد في الله حق الجهاد، ظل ثابتًا على نهجه، لم ينكسر أمام الحصار أَو الضغوط، ولم يتخلّ عن مبادئه، وظل شعبه يلتف حوله بإيمانٍ راسخ.
إن رحيل القادة العظماء يشكّل لحظة فارقة في تاريخ الأمم، لكنه لا يعني النهاية، بل بداية عهد جديدٍ من الصمود والتحدي، لقد ترك السيد حسن نصر الله، خلفه آلاف القادة والمجاهدين، الذين حملوا الراية من بعده، وترك لهم إرثًا جهاديًّا وروحيًّا عظيمًا، تجلّى في جيلٍ من المقاومين الذين شبّوا على نهجه، وتربوا في مدرسته، واستمروا في الدرب الذي خطّه بدمائه الزكية، ليكونوا هم الامتداد الجهادي له، يحملون رايته بإصرار، ويتقدمون نحو الأهداف التي خطّها بدمائه.
اليوم، يقف محبّو شهيد الإسلام السيد حسن نصر الله، أمام مسؤولية تاريخية، لا تقتصر على استذكار مآثره، بل تستلزم الاستمرار في درب المقاومة، العهد باقٍ، والراية لن تسقط، ستظل مسيرتك متواصلة بنار غضبنا الجهادي، ونور إيمان قلوبنا، وحرارة عشقنا ووفائنا، ستظل ذاكرتك حية في قلوب الأحرار، وسنحمل رايتك وأهدافك بثباتٍ وعزمٍ لا يلين، وسنحوّل أمطار السماء إلى شلالات دمعٍ وآهاتٍ تخفق مع نبضات قلوب الوالهين.
وداعًا يا حصن الأُمَّــة، يا قائدها وصمام أمانها، يا من صنعت النصر بدمائك وبصمودك، ستبقى ذكراك محفورة في قلوبنا، وستبقى رايتك خفاقة، يحملها من آمنوا بنهجك وساروا على دربك.
إن استشهادك يا قائد المقاومة ويا شهيد الإسلام هو إيذان ببدء معركة مصيرية تتعلق بكل المستضعفين والمسلمين والأحرار في العالم.
سلامٌ على روحك الطاهرة، يوم ولدت قائدًا، ويوم استشهدت مجاهدًا، ويوم تبعث حيًّا في وجدان الأُمَّــة، ستظل كلماتك نبراسًا يضيء درب المقاومة حتى تحرير الأرض والمقدسات.
فأنت يا نصر الله حيٌّ فينا ما دامت المقاومة قائمة، وعهدًا منا أن نكمل المسير، وأن نبقى أوفياء لخطك الجهادي حتى النصر والتحرير بإذن الله.