العالم يودّع شهيدَي الإسلام والإنسانية السيدَين نصر الله وصفي الدين
في مشهد مهيب غير مسبوق في تاريخ الشام:
المسيرة: خاص
ودّعت العاصمة اللبنانية بيروت، الأحد، في مراسم تشييع مهيبة وتاريخية، شهيدَي الإسلام والإنسانية الأمينين العامين لحزب الله السيد حسن نصر الله والشهيد هاشم صفي الدين.
وفي مشهد غير مسبوق لم تشهده العاصمة اللبنانية في تاريخِها، شارك مئات الآلاف من داخل لبنان وخارجها في مراسم تشييع الشهيدين الأمينين.
ومنذ بواكير صباح الأمس، امتلأت المدينة الرياضية والشوارع والساحات المحيطة بها بحشود غير مسبوقة جاءت لوداع شهيدَي الإسلام والإنسانية الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله وصفيه السيد هاشم صفي الدين.
وبالإضافة إلى مئاتِ آلاف المشاركين من دخل لبنان، حضرت وفودٌ شعبيّة ورسمية من 80 دولة عربية وإسلامية وعالمية للمشاركة في مراسم التشييع، على الرغم من الضغوط والعراقيل الأمريكية والغربية الرامية إلى إفشال وتشويه هذه المراسم.
وشاركت اليمن بوفد رسمي تقدمهم مفتي الديار اليمنية العلامة شمس الدين شرف الدين، وعدد من الوزراء والمسؤولين.
وعبَّرت الحشود المشاركة في التشييع عن المحبة والوفاء لقادة المقاومة، رافعةً صورَ الشهيدين وأعلام حزب الله، وأعلام اليمن والعراق.
وعُلِّقت صورٌ عملاقة للشهيدين نصر الله وصفي الدين على الجدران الخارجية للمدينة الرياضية وفي الطرقات المؤدية لمكان التشييع.
وألقى الشاعر اليمني معاذ الجنيد، قصيدة شعرية في رثاء السيدين الشهيدين، ختمها ببيت قال فيه: “لا لن يموتَ ففيه القدسُ موعود.. إن هدنا الحزن فالرحمن ملجأنا.. وظهرنا بابن بدرالدين مسنود”.
مراسم التشييع:
وانطلقت مراسم التشييع الساعة الواحدة ظهراً بتوقيت بيروت (الثانية بتوقيت مكة) من داخل التجمع الرئيسي في مدينة الرئيس كَميل شمعون الرياضية، بآيات من الذكر الحكيم، والنشيد الوطني اللبناني ونشيد حزب الله، ودخول نعشي الشهيدين على آلية خَاصَّة.
وألقيت كلمة لقائد الثورة الإسلامية في إيران السيد علي خامنئي، ألقاها عنه السيد مجتبى الحسيني أكّـد فيها أن روح ونهج الشهيد السيد نصر الله ستتجلى شموخهما أكثرَ فأكثرَ يومًا بعد يوم، ويُنيران درب السالكين.
وقال: “فليعلم العدوّ أن المقاومة في مواجهة الغصب والظلم والاستكبار باقية ولن تتوقف حتى بلوغ الغاية المنشودة”، بإذن الله.
وَأَضَـافَ السيد الخامنئي أن “السيد هاشم صفي الدين؛ فهو أَيْـضًا نجم لامع في تاريخ هذه المنطقة، وقد كان ناصراً صفيًّا، وجزءًا لا يتجزأ من قيادة المقاومة في لبنان”.
ووسط أجواء من حزن ودموع المشاركين في مراسم التشييع دخل نعشا الشهيدين إلى ساحة التشييع في المدينة الرياضية على آلية خَاصَّة، وقد سُجِّيَا بعلم حزب الله.
وهتف المحتشدون بشعار الموت لإسرائيل الموت لأمريكا، مؤكّـدين الوفاءَ والعهدَ لسيد المقاومة السيد حسن نصر الله، مردّدين “لبيك يا نصر الله”، و”كلنا مقاومة”.
الشيخ نعيم قاسم: نودع قائداً عربيًّا إسلاميًّا استثنائيًّا يمثل قبلة أحرار العالم
تلا ذلك، كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، بدأها بالسلام على الوفود من كُـلّ أنحاء العالم وكلّ المجتمعين في هذه المناسبة لتشييع الشهيدين السيدين نصر الله وصفي الدين.
وقال الشيخ نعيم قاسم: “أخاطبكم باسم أخي وحبيبي ومقتداي السيد حسن نصر الله، السلام عليكم يا أشرف الناس وأوفى الناس وأكرم الناس يا من رفعتم رؤوسنا عاليًا”.
وَأَضَـافَ “نودِّع اليوم قائداً استثنائيًّا عربيًّا إسلاميًّا يمثل قبلة الأحرار في العالم”.
وأشَارَ إلى جوانبَ من مراحل حياة وسيرة الشهيد السيد حسن نصر الله، ومواقفه، مُضيفًا أن “السيد نصر الله رجل عظيم ذاب في الإسلام والولاية هو صادق وفيٌّ حنون كريم متواضع صلبٌ شجاعٌ حكيم استراتيجي وحبيب المقاومين”.
وقال: “إن السيد نصر الله أحب الناسَ وأحبه الناسُ وهو قائدُ العقول والقلوب، ووجهتُه دائمًا كانت فلسطين والقدس”.
وجدَّد العهدَ بالوفاء للسيد الشهيد نصر الله، مُضيفًا سنحفظ وصيتك “هذا الطريق سنُكمله لو قُتلنا جميعًا ولو دمّـرت بيوتنا على رؤوسنا”، مردفًا “أنت باقٍ فينا بنهجك وتعاليمك وخط سيرك وجهادك”.
وأكّـد أن “مساهمة السيد نصر الله كانت عظيمة في إحياء القضية الفلسطينية ونحن سنحفظ الأمانة وسنسير على هذا الخط”.
وإذ حَيَّا الأسرى في سجون العدوّ الصهيوني، وخاطبهم بقوله: “لن نتركَكم عندَ العدوّ وسنقودُ كُـلُّ الضغوطات اللازمة للإفراج عنكم”.
ورأى الشيخ نعيم قاسم أن “الحشد اليوم هو تعبير عن الوفاء الذي قلّ نظيره في تاريخ لبنان”، مُشيرًا إلى أن “هذا الحشد لم يوجد مثله في لبنان على مرّ التاريخ”.
وفي السياق، أوضح أن المقاومة واجهت الكيان “الإسرائيلي” والطاغوت الأكبر أمريكا التي حشدت كُـلّ إمْكَاناتها لمواجهة محور المقاومة الذي التفّ حول غزة وفلسطين، لافتًا إلى أن معركة إسناد غزة هي جزء من إيماننا بتحرير فلسطين.
ولفت إلى أن العدوّ “الإسرائيلي” لم يستطع التقدّم؛ بسَببِ المقاومة وصمودها وعطاءاتها، مُشيرًا إلى أن حجم الضغط كان غير مسبوق على المقاومة ومجاهديها وبيئتها ولكن حجم الصمود في المقابل كان غير مسبوق أيضًا.
وأكّـد الشيخ قاسم أن المقاومة موجودة قوية عددًا وعدّة، مؤكّـدًا أن كيانَ العدوّ الصهيوني لا يستطيعُ أن يستمرَّ احتلالُه وعدوانُه، مشدّدًا على أن المقاومةَ مُستمرّةٌ بحضورها وجهوزيتها، مردفاً “المقاومة إيمان وحق ولا يمكن لأحد أن يسلبنا هذا الحق”.
وأشَارَ إلى أن “أبرز خطوة اتخذتها المقاومة أن تتحمّل الدولة اللبنانية مسؤولياتها”، مُضيفًا “أصبحنا الآن في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وكيفية التعامل معها”.
وخاطب أعداء المقاومة بقوله: “موتوا بغيظِكم المقاومة مُستمرّة وقوية وباقية، مُضيفًا لو اجتمع طواغيت العالم بأسره لقتلنا سنواجههم حتى الشهادة”.
كما وجّه رسالة للأمريكيين قال فيها: “لن تتمكّنوا من تحقيق أهدافكم في لبنان”، مؤكّـدًا أن “المقاومة ستواجهُ مشروعَ ترامب التهجيري مع كُـلّ قوى التحرير في المنطقة”.
وأكّـد أن “حزب الله سيشارك في بناء الدولة القوية العادلة وسنساهم في نهضتها تحت سقف اتّفاق الطائف”، منوِّهًا إلى أن “لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه ونحن من أبنائه”.
وبالتزامن مع كلمة الأمين العام لحزب الله الشيخ نعيم قاسم، حلَّقَ الطيرانُ الحربي الصهيوني على علوٍّ منخفض جِـدًّا في أجواء بيروت لمرتين متتاليتين، في محاولة لإرهاب وإخافة المشيِّعِين.
وبعد كلمة الأمين العام لحزب الله، أقيمت صلاة الجنازة، ثم انطلق مسير التشييع إلى موقع دفن الشهيد السيد نصر الله، على أطراف الضاحية الجنوبية لبيروت، فيما من المقرّر دفن السيد الشهيد صفي الدين، اليوم الاثنين، في مسقط رأسه في بلدة دير قانون النهر في جنوبي لبنان.
التغطية الإعلامية:
وشاركت قناة “المسيرة” بوفد إعلامي كبير في تغطية مراسم التشييع؛ تقديراً وشكراً وعرفانًا لشهيد الإسلام والإنسانية وصفيه وشهداء حزب الله الذين كرسوا حياتهم وقدموا أرواحهم خدمة لقضايا الحق والعدل ومواجهة قوى الاستكبار والظلم في العالم، وناصروا اليمن في وجه العدوان السعوديّ الأمريكي حين تخلى عنه العالم، كما شاركت أكثر 400 مؤسّسة إعلامية في تغطية الحدث.
وخلال مراسم التشييع وزعت اللجنة المنظمة 120 كاميرا على أكثر من 25 نقطة للمساهمة في توفير الخدمات الإعلامية، كما نقلت المراسم من خلال شاشات عرض عملاقة على امتداد الشوارع والساحات المحيطة بالمدينة الرياضية.
يُذكَرُ أنه لم يقتصر التشييعُ وتوديع الشهيدَينِ السيدَينِ في لبنان؛ حَيثُ أقيمت فعاليات وخرجت مسيرات في عدد من دول العالم، مثل العاصمة اليمنية صنعاء التي أقامت فعالية تأبين جماهيرية حاشدة أقيمت خلالها صلاة الغائب على الشهيدين.
ورفع مقدسيون صورةَ سيد شهداء الأُمَّــة السيد حسن نصر الله تحت قبة الصخرة في المسجد الأقصى المبارك في يوم تشييعه المهيب، فيما شهدت بغداد مسيرة حاشدة في يوم التشييع.