الشيخ قاسم في وادع السيدَين نصر الله وصفي الدين: المقاومة مُستمرّة وقوية بحضورها وجهوزيتها
المسيرة | متابعات
في مشهدٍ جماهيري أممي غير مسبوق، ودّع لبنانُ الأمينَين العامين لحزب الله سيد شهداء الأُمَّــة السيد حسن نصرالله والسيد الهاشمي هاشم صفي الدين؛ خلال مراسم تشييع مهيبة أقيمت في المدينة الرياضية، بحضور حشود ضخمة من مختلف المناطق، إلى جانب وفود رسمية وشعبيّة من لبنان وخارجه.
وخلال المراسم في العاصمة اللبنانية “بيروت” عصر الأحد، ألقى الأمين العام لحزب الله سماحة الشيخ نعيم قاسم كلمة مؤثرة خاطب فيها الجماهير قائلًا: “أخاطبكم باسم أخي وحبيبي ومقتداي السيد حسن نصرالله، السلام عليكم يا أشرف الناس وأوفى الناس وأكرم الناس، يا من رفعتم رؤوسنا عاليًا”.
وَأَضَـافَ: “نودّع اليوم قائدًا تاريخيًّا استثنائيًّا، قِبلة الأحرار في العالم، وحبيب المجاهدين والمستضعفين والمعذّبين في الأرض، رجل قاد المقاومة إلى الأُمَّــة، وقاد الأُمَّــة إلى المقاومة، وكانت وجهته دائمًا فلسطين والقدس”.
وأشَارَ إلى أن “السيد نصرالله تولّى رئاسة المجلس التنفيذي لحزب الله عام 1989م، ثمّ الأمانة العامة عام 1992م، واستمرّ في قيادته حتى يوم شهادته”، مؤكّـدًا أن “هذا الرجل العظيم ذاب في الإسلام والولاية، كان صادقًا، وفيًّا، حنونًا، كريمًا، متواضعًا، صلبًا، شجاعًا، حكيمًا، استراتيجيًّا، وحبيبًا للمقاومين”.
التزام المقاومة واستمرار المسيرة:
وتابع الشيخ قاسم بالقول: “أفتقدك يا سيدي، ويفتقدك كُـلُّ المحبين، لكنك باقٍ فينا بنهجك وتعاليمك وجهادك، وسنحفظ وصيتك، وسنكمل هذا الطريق حتى لو قُتلنا جميعًا ودمّـرت بيوتنا على رؤوسنا”، مُضيفًا، أن “السيد نصرالله، حبيب المقاومين، وجهته فلسطين والقدس، واستشهد في موقع متقدّم”.
وأكّـد أن حزب الله سيواصل مسيرة الدفاع عن القضية الفلسطينية، قائلًا: إن “مساهمة السيد نصرالله كانت عظيمة في إحياء القضية الفلسطينية، ونحن سنحفظ الأمانة وسنسير على هذا الخط”.
وأعرب عن افتقاده للسيد هاشم صفي الدين وقال: “كان صفيًّا وحبيبًا وصاحبًا ومؤازرًا وعضدًا نفتقدك عَلَمًا لمسيرتنا لكنك باقٍ فينا بنهجك وعطاءاتك”، وموجِّهًا التحية إلى الأسرى في سجون الاحتلال، قائلًا: “لن نترككم عند العدوّ، وسنبذل كُـلّ الجهود للإفراج عنكم”.
التحديات والمواجهة مع الاحتلال:
ولفت سماحته إلى أن حجم الإجرام الإسرائيلي كان غير مسبوق، مُضيفًا، “هدف العدوّ كان إنهاء المقاومة في غزة ولبنان، لكن حجم التضحيات كان عظيمًا، والصمود كان استثنائيًّا، وهذا إنجاز كبير”.
وشدّد على أن الحشد الجماهيري اليوم هو تعبير عن وفاء قلّ نظيره في تاريخ لبنان، مؤكّـدًا أن معركة إسناد غزة هي جزء من الإيمان بتحرير فلسطين.
وفي سياق المواجهة مع الاحتلال، قال: “واجهنا الكيان الإسرائيلي والطاغوت الأكبر، أمريكا، التي حشدت كُـلّ إمْكَاناتها لمواجهة محور المقاومة، ولكننا أثبتنا صمودنا”، مُضيفًا، أن “المقاومة موجودة وقوية عددًا وعُدة، وشعبنا صامد، والآن دخلنا في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وأساليبها”.
التزام بالاتّفاقات ومسؤولية الدولة اللبنانية:
وأوضح الشيخ قاسم أن المقاومة مُستمرّة، قوية بحضورها وجهوزيتها، وهي حق لن يستطيع أحد سلبه، مشدّدًا على أن “إسرائيل” يجب أن تنسحب من جميع المناطق التي لا تزال تحتلها، وهذه مهمة الدولة في البداية.
وقال: إننا “اتخذنا خطوة واضحة، وهي أن تتحمل الدولة اللبنانية مسؤولياتها، وسنتصرف وفقًا للظروف، نطلق النار متى نرى مناسبًا، ونصبر متى نرى مناسبًا”.
وأشَارَ إلى أن “المقاومة إيمان أرسخ من الجحافل وعشق يتغلغل في المحافل ونصر يخلد كُـلّ مقاتل والمقاومة باقية ومُستمرّة، المقاومة لم تنتهِ بل مُستمرّة في جهوزيتها وهي إيمان وحقّ ولا يمكن لأحد أن يسلبنا هذا الحقّ، المقاومة تُكتب بالدماء ولا تحتاج إلى الحبر على الورق”.
رسالة إلى أمريكا ودعاة السيادة:
وتوجّـه الشيخ قاسم برسالةٍ مباشرة إلى أمريكا قائلًا: “اعلموا أيها الأمريكيون، لن تتمكّنوا من تحقيق أهدافكم، أنصحكم بأن تكفوا عن مؤامراتكم، ولا تفسّروا صبرنا ضعفًا، فنحن لن نقبلَ بالاحتلال ونحن نتفرج”.
وذكّر الشيخ قاسم أنّ المقاومة موجودة ومُستمرّة في جاهزيتها وقوية عددًا وعدّة وأنّ “النصرَ الحتمي آتٍ”، مُضيفًا أنّ المقاومة هي “خيارُنا الإيماني والسياسي، وهي حق وهي حياة الشعوب الحرة للتحرير، ولا يستطيع أحد أن يسلبَنا هذا الحق”.
وأعلن الشيخ قاسم أننا “أصبحنا الآن في مرحلة جديدة تختلف أدواتها وكيفية التعامل معها”، وقال: “سنُمارس عملنا في المقاومة نصبر أَو نُطلق متى نرى مناسبًا”، مشدّدًا على أنّه “لن تأخذوا بالسياسة ما لم تأخذوه بالحرب”.
كما وجّه كلامه إلى دعاة السيادة في لبنان، بالقول: “استيقظوا، ماذا فعلتم عندما أتيحت لكم فرصة الاتّفاق؟ أين أنتم الآن؟ لا نسمع منكم كلمة واحدة ضد “إسرائيل” وأمريكا”، مُضيفًا، “ألا يبهركم أننا خرجنا من تحت الأنقاض، واستعدنا المبادرة، واضطررنا “إسرائيل” إلى طلب وقف إطلاق النار؟”.
وأشَارَ إلى ثوابت المرحلة الجديدة، مؤكّـدًا أن المقاومة هي الأَسَاس، وستبقى خيارًا ما دام الاحتلال قائمًا، مشدّدًا على التزام الحزب بالمشاركة في بناء الدولة اللبنانية القوية والعادلة تحت سقف اتّفاق الطائف، مؤكّـدًا “نحن حريصون على وحدة الوطن، والسلم الأهلي، ومشاركة الجميع في بناء الدولة”.
وختم الأمين العام لحزب الله، كلمته بتأكيد متانة التحالف مع حركة أمل، مؤكّـدًا أن “تحالفنا تعمّد بالدم، فلا تفكروا في اللعب بيننا، فنحن واحد في الموقف والخيارات والسياسة”، وفي وداع السيد نصرالله، قال الشيخ قاسم: “في جوار الله يا سيد نصرالله، مع صفيّك والأنبياء والشهداء.. هذا يومٌ من أَيَّـام الله، وهذا يوم من أَيَّـام الحسين، يا عزيزيْ الحسين”.