استشهاد سماحة السيد حسن نصر الله يفتح باب الجهاد
ق. حسين بن محمد المهدي
لقد كشفت الصهيونية اليهودية عن وجهها القبيح، وأقدمت على اغتيال سيد الشهداء السيد حسن نصر غيلة وغدراً، وذلك شرف له كبير (وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّـهِ أَمْواتًا بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ).
إن الشهادة تعني الحياة الدائمة، والشرف الكبير، والمقام الرفيع.
إن “إسرائيل” المحتلّة أرض العرب والمسلمين في فلسطين تظن بأن قتل هذه الهامة الإسلامية الكبيرة ستضعف المسلمين فهي لا تزال يداعبها الخيال في أن تملك أرض العرب والمسلمين، فهي تطرق إطراق الثُّعبان الذي إذَا وجد مساغًا بنابَيه صمم، وهي لا تدري أن روح الشهيد الكبير ستلهب مشاعر المسلمين وتدفعهم إلى رفع راية الجهاد ونبذ كُـلّ خِلاف بينهم.
إن هؤلاء القتلة المجرمين قد لعنوا كما لعن أسلافهم؛ لأَنَّهم يستمرؤون الفساد في الأرض وسفك الدماء، وكأنهم بفعلتهم الشنيعة هذه يتوارثون ما فعله أسلافهم الذي لعنهم الله في كتابه: (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ بَنِي إسرائيل عَلى لِسانِ داوُدَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ).
وإن لمن المغريات لهذا العدوّ على الاستمرار في غيه ما يراه من خلاف بين المسلمين، ومحاولة شق العصا بين المسلمين، ودس الضغينة بينهم؛ حتى يصيرَ بأسُهم بينهم، ولكن اعتداءها على رموز هذه الأُمَّــة سيجمع بين القلوب ويؤلف بين النفوس.
فَالأُمَّــة الإسلامية كلها أُمَّـة واحدة قد اشتركت في العواطف والميول ونظرتها إلى توحش عدوها، فعليها أن تعد العدة، للجهاد، وأن تسارع إلى نبذ كل ما يحدث الشقاق والتباعد، فهَـا هي تتداعى عليهم الصهيونية اليهودية من أمريكا وأُورُوبا وغيرها، ولن يحافظوا على أرضهم وبلادهم ورجالهم ونسائهم وأطفالهم إلَّا بالقوة والاتّحاد وإعلان النفير لقتال هؤلاء المارقين، فالله سبحانه وتعالى يقول: (قاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ) (انْفِرُوا خِفافًا وَثِقالًا وَجاهِدُوا بِأموالكُمْ وَأنفسكُمْ فِي سَبِيلِ اللَّـهِ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ).
لقد جاء وقت الجهاد، ودقت الصهيونية الباب، فالحذر الحذر أن تكون ردود المؤمنين ضعيفة، (فَلا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إلى السَّلْمِ وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَنْ يَتِرَكُمْ أَعْمالَكُمْ).
فالتخاذل والتفرق وترك الجهاد عواقبه وخيمة، فقد جاء في الحديث: (ما ترك قوم الجهاد إلَّا عمهم الله بعذاب من عنده).
إن المسلمين اليوم مدعوون لنصرة إخوانهم في فلسطين ولبنان، لقد أنصف القدر الأُمَّــة الإسلامية ووضعهم على سلم العز والمجد وأعطاهم العنصر الأقوى من حَيثُ وجود الثروات في بلادهم، وقدرتهم على التصنيع العسكري للصواريخ والطائرات التي ستكون عليهم حجّـة أمام الله إذَا لم يظهروا العزيمة والقوة ضد هؤلاء المعتدين، فالفرصة سانحة، فليجعلوا من هذا الاعتداء الأليم فرصة لضرب المعتدين، فالفرصة كما يقول الناس: صلعاء من الخلف، فإذا لم تأخذوا أيها العرب والمسلمون بناصيتها فاتتكم.
تعازينا الحارة في شهيد الإسلام والمسلمين سماحة الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله، الذي جاء نبأ استشهاد القائد الكبير والأمير المحنك السيد الصدر الشهير، شهيد الإسلام، شهيد القرآن، شهيد القدس، شهيد لبنان، شهيد المروءة والإحسان، شهيد الإنسانية بمثابة صاعقة على رؤوس الموحدين، رغم أنه نال الشهادة التي هي وسام عِز وشرف للمؤمنين:
رزء أسال من العيون مدامعا
وأذاب أفئدة وصك مسامعا
فمصاب نصر الله جد مصيبة
صبت على كُـلّ القلوب مواجعا
لبنان ذاهلة عليه حزينة
والقدس غاضبة تسحُ مدامعا
والشام تبكي فقده وفراقَه
واليُمْن من يَمَن الشجاعة فازعا
وعمان تبكي والعراق وفارس
تنعَــى شهيداً للمكارم جامعا
من كان للإسلام طودًا شامخا
وعليه في كُـلّ الأمور مدافعا
فأتى له الجمع الغفير مُعَزِيا
من كان شهماً للبطولة رافعا
ضَجَّت عليه مساجد ومآذن
وبكت عليه منابر وجوامعا
نَظَّمت خطو المؤمنين وصفهم
نحو الجهاد مناضلاً ومصارعا
نبكيك من دمع يسيل قنابلا
وأَزيز صاروخ يقض مضاجعا
يقضي على كُـلّ اليهود وغدرهم
ويذيقهم سُماً زُعَافاً ناقِعا
مَن قائل للمسلمين مقالة
ذكر المصيبة في البرية ذائعا
يا قومنا اتحدوا جميعًا كلكم
تجدوا الهدى والنصر نوراً صادعا
لقد كان السيد حسن نصر الله زينة الفضلاء، وقُدوة الأمجاد، وفخر الرؤساء، جامعاً لمحمود الخصال، ومحاسن الأفعال، شجاعاً أبياً.
كان لنبأ استشهاده الأثر الكبير في العالم كله، فهو خطب جسيم:
خطبٌ أتى وكأن الشمس كاسفة
والأرض ترجف إنذاراً وتهديد
وشعب لبنان يشكو ما ألم به
قد ناله نَصَبٌ قتل وتشريد
هيا انهضوا يا رجال الله واتحدوا
وقاتلوا في سبيل الله تجديد
إخوان ذو عزة في كُـلّ نائبة
مَن كان ذو عزة بالنصر موعود
فشرف الإسلام السيد حسن نصر الله خليق بالاقتدَاء به وتجديد عهده:
لعهدك اليوم نصر الله تجديد
فللشجاعة تأييدٌ وتأبيد
نجل الكرام الذي تاهت به مضر
ومن له في سماء العز تمجيد
أبت روح هذا السيد العلم إلا أن تعانق السماء وتكون مع النبيين والصديقين والشهداء؛ فقد أبلى بلاء حسناً في مقارعة الصهيونية اليهودية دفاعاً عن الشعب العربي الأبي الفلسطيني ونصرة للإسلام والمسلمين والتي أظهر فيها نصرته لإخوته المستضعفين من أبناء فلسطين.
وقد أثبتت مواقفه تلاحم السنة والشيعة وتعاونهم وتناصرهم وهو ما دعا إليه القرآن: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّـهِ جميعًا وَلا تَفَرَّقُوا).
فتعازينا للأُمَّـة الإسلامية ولأسرة الفقيد ولشعب لبنان وشعب فلسطين ولقائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بدرالدين الحوثي -حفظه الله- إمام المجاهدين ولقائد الثورة الإسلامية السيد علي الخامنئي وللمجاهدين المرابطين في فلسطين ولبنان واليمن في هذا المصاب الجلل الذي لن يزيد المسلمين إلا عزة والمجاهدين إلَّا قوة ونصرًا، وستحصد الصهيونية ثمرة انحطاطها ومغامرتها، وفي الغد القريب بإذن الله ترحل الصهيونية من أرض العرب والإسلام وهي تجر أذيال الهزيمة والعار، (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) (وَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصارُ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.