تشييع يخلده التاريخ: تجديد العهد والتزام نهج التضحية

 

محمد عبدالمؤمن الشامي

في يوم من أيام المجد والشرف، احتشدت الأمة في وداع شهداء الوطن، الأمينين العامين لحزب الله، السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين. هذه اللحظات الخالدة تبرز شجاعة ورؤية قادة عظماء شكلوا تاريخ الأمة بإيمانهم وتضحياتهم.

عندما بدأ التشييع، تلاشى الحزن أمام العزيمة والإرادة القوية التي جسّدها القائدان. لم يكن هذا اليوم مُجَـرّد وداع، بل تأكيدًا على أن الأبطال الحقيقيين يخلدهم التاريخ، وأن الإرث الذي تركوه سيظل نبراسًا للأجيال القادمة.

كان هذا التشييع استثنائيًّا بكل المقاييس، حَيثُ اجتمعت الحشود من مختلف الأقطار لتوديع القائدين. لم يكن هذا الحدث مُجَـرّد جنازة عادية، بل كان بمثابة ملحمة وطنية تعبر عن حجم الحب والاحترام الذي حظي به السيد حسن نصر الله والسيد هاشم صفي الدين.

السيد حسن نصر الله، الذي قاد الأمة نحو العزة والكرامة، لم يكن مُجَـرّد زعيم، بل كان رمزًا للمقاومة والإصرار. كان صوته يهز عروش الظالمين، ويمنح المستضعفين أملًا في نصر قادم. واليوم، حين يودعه الأحرار، فَــإنَّهم لا يبكون قائدًا فحسب، بل يبكون ابنًا لكل بيت، وأخًا لكل مقاوم، وأبًا لكل من سار على طريق العزة.

أما السيد هاشم صفي الدين، فقد كان شريكًا في هذه المسيرة البطولية، حمل همّ الأمة على كتفيه، وساهم في بناء قوة لا تُقهر. فقده لم يكن خسارة لفرد، بل كان خسارة للأمة بأسرها. إن روحه ستظل حية تلهم الأجيال القادمة، وتضيء طريق السائرين على درب المقاومة.

هذا التشييع المهيب لم يكن مُجَـرّد حدث محلي، بل حضره وفود من مختلف أقطار العالم، جاءت لتقدم واجب العزاء وتعبر عن تضامنها مع الأمة في مصابها الجلل. وكان هذا الحضور رسالة قوية للأحرار في جميع أنحاء العالم تؤكد بقائهم على العهد مع محور المقاومة ضد قوى الطغيان والاستكبار العالمي، وتؤكد التزامهم نهج وطريق التضحية الذي جسده الشهيدين العظيمين على طريق القدس. هذا الحضور هو تأكيدٌ على أن العهد مُستمرّ والنهج باقي.

دموع الأحرار في هذا اليوم ليست دموع ضعف، بل هي دموع الوفاء والعهد بأن المقاومة لن تتوقف، وأن الراية التي حملها هؤلاء القادة ستظل مرفوعة، وأن نهجهم سيبقى حيًّا في القلوب.

رحل الجسد، ولكن الروح باقية، والصوت الذي دوّى في ساحات العزة لن يُمحى من ذاكرة الأحرار. سيرتهم ستظل منارة يهتدي بها المقاومون، وستبقى دماؤهم وقودًا يُشعل جذوة النضال حتى تتحقّق الأماني التي أفنوا حياتهم من أجلها. إن هذا اليوم ليس مُجَـرّد وداع لرموزٍ خالدة، بل هو تجديد لعهدٍ لا يُنكث، وإحياء لمسيرةٍ لا تنطفئ، وتأصيل لنهجٍ صنع من الضعف قوة، ومن الألم صمودًا.

سلامٌ على الأرواح الطاهرة، وسلامٌ على من كانوا رمزًا للشرف والصمود. إن نصر الله وصفي الدين ليسا مُجَـرّد اسمين يُذكران، بل هما قضيةٌ باقية، ومسيرةٌ لا تتوقف، وعهدٌ لا يُنكث. وإنّا على العهد.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com