إعلاميون وسياسيون عرب لـ “المسيرَة”: الوفاء لشهيدَي الأُمَّــة الأمينَينِ يكمنُ في مواصلة نهج المقاومة
الإعلامية اللبنانية عرندس: ملايين البشر يجددون البيعة للشهيدين السيدين نصر الله وصفي الدين
الناشط المصري ماضي: الشهيد أبو هادي يحظى بمكانة عالمية في قلوب كُـلّ الأحرار
السياسي عنتر: مشروع المقاومة حاضر بوجدان السيول البشرية التي أحيت مراسم التشييع
المسيرة: محمد ناصر حتروش
في تشييعِ شهيدَيْ الأُمَّــةِ الإسلامية والإنسانية الأمينَين السيدين حسن نصر الله ورفيقه هاشم صفي الدين، شهدت العاصمة اللبنانية بيروت حدثًا عالميًّا لم يسبق له مثيل في تاريخ الشام.
وتقاطر مئات الآلاف من الأحرار من شتى أصقاع الأرض بمختلف طوائفهم ومكوناتهم وأيديولوجياتهم المختلفة للمشاركة في مراسيم التشييع، وقد عكس المشهدُ الجنائزي المهيب المكانة العظيمة التي يحظى بها سماحة الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله في الأوساط العالمية كقائد أممي فَذٍّ له باع طويل في مقارعة قوى الاستكبار العالمي ممثلاً بأمريكا وربيبتها “إسرائيل” وحلفائهم.
على مدى عقود طويلة من الزمن مثّل سماحة السيد نصر الله، حجرَ عثرة أمام مخطّطات الكيان الصهيوني الرامية لتصفية القضية الفلسطينية، جاعلًا من القدس القضية المركزية للأُمَّـة الإسلامية، مسخّراً كُـلّ إمْكَانياته وجهوده ووقته وكلّ حياته في سبيل تحرير المقدسات الإسلامية والدفاع عنها.
وفي السياق يؤكّـد مستشار رئيس مجلس الوزراء العميد حميد عنتر، أن أحرار العالم توافدوا من مختلف البلدان لتوديع بطل قومي وقائد ورمز وزعيم عربي ومجاهد كبير يملك صفات ربانية من الرسول الأكرم محمد صلوات الله عليه وعلى آله وسلم.
ويوضح في حديث خاص لـ “المسيرَة” أن حضور أكثر من 500 وسيلة إعلام دولية لتوثيق التشييع عكست المكانة العالمية التي يحظى بها شهيد الإنسانية والتي تأتي للتعبير عن الوفاء لسيد المقاومة.
السيول البشرية التي حضرت مراسيم التشييع لم يكن حضورها بمُجَـرّد المشاركة بمراسم الدفن وحسب وإنما تحمل العديد من الرسائل والدلالات أبرزها التأكيد على المضي في ذات الدرب الذي سار عليه السيد نصر الله، فيما يمثل أَيْـضًا استفتاءً واضحَ النتائج لاستمرار المقاومة وطريق التضحية والفداء.
وهو ما يؤكّـده عنتر بالقول: “الملايين الحاضرة بمراسم التشييع وغيرهم ممن أدوا صلاة الغائب يؤكّـدون مواصلة المشروع التحرّري ضد الهيمنة الغربية والكيان الصهيوني والتي لن تتوقف إلا بزوال الكيان الصهيوني اللقيط وإقامة دولة العدل الإلهي”.
مواقف خالدة للسيد نصر الله:
في مراسم التشييع يستحضر محبو السيد الأقدس المواقف والمحاطات الجهادية التي صنعها نصر الله ضد العدوّ الإسرائيلي بكل جرأة وشجاعة وإيمان في حين خيَّم الصمت على غالبية الأنظمة والزعماء والقادة العرب والمسلمين ليكون الرجل الناطق بالحق في زمن الصمت والتخاذل.
وحول هذا يؤكّـد الناشط المصري أشرف ماضي، أن “سماحة الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله، كسب قلوب أحرار العالم لاستثنائه عن بقية القادة الخانعين والجبناء والمطبعين مع الكيان الصهيوني”.
ويقول في حديث خاص لـ “المسيرَة”: “في مصر يحظى السيد نصر الله بمكانة مرموقة جِـدًّا، لا سِـيَّـما المجتمع الصعيدي المحافظ أثناء استشهاده خَيَّمَ الحزن الشديد على غالبية المدن والأحياء والعزل والقرى المصرية من هول الفاجعة”.
ويضيف “سيبقى أحرار مصر مَدينين لهذا القائد العظيم الذي وقف كالجبل الشامخ في مواجهة الكيان الصهيوني اللقيط مضحيًا بالغالي والنفيس ويبقى المضي في درب ونهج المقامة هو الرد الأمثل والجزاء الأوفى الذي يمكن أن نقدمه لسيد المقاومة وزعيمها السيد نصر الله”.
ويعود تاريخ الخنوع العربي والإسلامي للكيان الصهيوني إلى ما سمي بـ “النكسة العربية” بعام 1967م والتي ألحق فيها الكيان الصهيوني هزيمة مدوية لعدد من الجيوش العربية، لتنخرطَ على أثرها العديد من الأنظمة العربية والإسلامية في موجة التطبيع مع الكيان الصهيوني.
منذ تلك اللحظة استمرت موجة التطبيع العربي والإسلامي مع الكيان الصهيوني ليصل في الآونة الأخيرة إلى التطبيع التجاري والاقتصادي العلني مع دولة الكيان الصهيوني.
لم تقف المسألة عند هذا وحسب وإنما يتعامل العدوّ الأمريكي والصهيوني مع الدول العربية والإسلامية وكأنها مُجَـرّد تابع خاضع خانع مسلوبِ الحرية والاستقلال وهو ما تجرد حرفيًّا على لسان الخارجية القطرية بقوله: إن العرب والمسلمين قطيع نعاج يسوقه أمريكا و”إسرائيل”، حسب قول أشرف ماضي.
ويضيف “حينها لم يجرؤ أي أحد من الزعماء العرب والمسلمين بالرد على تصريحات وزير الخارجية القطري باستثناء سماحة الأمين العام لحزب الشهيد الأقدس نصر الله الذي ظهر بكلمة حازمة وفاصلة قائلًا: “نحن أحرار كرماء أعزاء شرفاء، ولا نخضع لأحد، كن ذلك أنشئت أما نحن فلا”.
وبالعودة إلى مراسيم التشييع المهيب يشير ماضي، إلى أن “الإحياء المليوني لمراسم التشييع يوصل رسائله المدوية للأعداء بأن المقاومة نهج لا يندثر باغتيال القادة، بل يزداد تلألُؤًا واتِّقادًا مع كُـلّ حدث يقوم به الأعداء”.
ويلفت إلى أن اغتيال القادة يمثل حافزاً معنويًّا لدى منتسبي المقاومة للمضي في درب الشهداء القادة حتى يتحقّق النصر الكبير المتمثل بزوال الكيان الصهيوني الغاصب.
ويتطرق إلى أن “اغتيال الشهيد نصر الله وصفي الدين، يأتي امتداداً لاغتيال العظماء من أجداده الإمام علي والإمام الحسن والحسين، وغيرهم من الأئمة الذين صدحوا بالحق وثبتوا على موقف الحق حتى ارتقوا إلى السماوات شهداء عظماء”.
وَهْــمٌ “إسرائيلي” لن يتحقّق:
بعد حادثة البيجر الأليمة التي نفذها العدوّ الصهيوني ضد رجال الحزب موقعًا الآلافَ من الجرحى والشهداء ليدشّـن بعدها فورًا مسلسل استهداف القادة وفي مقدمتهم الأمين العام لحزب الله السيد نصر الله، توهم الكيان الصهيوني أن قيامه باغتيال الشهداء القادة سيمكنه من تحقيق أهدافه الشيطانية المتمثلة في القضاء الكلي على المقاومة اللبنانية.
وهو وَهْمٌ أعلن حرفيًّا على لسان رئيس حكومة الكيان الصهيوني المجرم نتنياهو بقوله: إن (اغتيال نصر الله وقادات الصف الأول إنجاز كبير وتاريخي)، مبديًا نواياه الخبيثة المتمثلة في اجتياح لبنان والقضاء على حزب الله وتغيير وجه الشرق الأوسط، حدَّ قوله.
بعدها تقدَّم جيش العدوّ الصهيوني بأكثر من سبعين ألف جنديّ مدججًا بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة والخفيفة يرافقه في ذلك سرب من الطائرات الحربية صوب الجهة الجنوبية لبنان؛ بهَدفِ الاجتياح غير أن ثبات المجاهدين في ميدان المواجهة وتكبيده للكيان الصهيوني الخسائر الجسيمة على المستوى البشري والمادي بدّد الأحلام الصهيونية وجعلها تذهب أدراج الرياح.
وحول هذه الجزئية يؤكّـد ماضي أن ثبات المجاهدين في الجنوب اللبناني أرغم الكيان الصهيوني على وقف إطلاق النار والجنوح إلى السلام وبالرغم من الخروقات الصهيونية المتكرّرة لاتّفاق وقف إطلاق النار إلا أن المقاومة اللبنانية التي استعادت ترميم صفوفها فور استشهاد القادة كفيلة بردع العدوّ الصهيوني وإبعاده عن كافة الأراضي اللبنانية.
وداع القمرَين:
أثناء مواراته إلى المقام الشريف المحدّد بالقرب من مطار بيروت خيم الحزن أرجاء المنطقة وفاضت عيون الملايين من الدمع أسفًا على توديع شهيد الإنسانية الأسمى السيد نصر الله.
وفي هذا السياق تقول الناشطة الاجتماعية والإعلامية اللبنانية الدكتورة بتول عرندس: “انحنى الجنوبُ على نعشِك كما ينحني السنديان على جِراحِ الأرض”.
وتضيف لـ “المسيرَة” “أمسكت السماء أنفاسها وهي تراكما تسيرانِ نحو الأبدية، اليوم لا رصاص يخترق صدورنا، لكن القلوب مثقوبة بوجع الفقد”.
وتنادي الشهيدين السيدين قائلة: “أيها السيدان، كان الوداع ثقيلًا كأجراس الفجر في قرى لم تعرف سوى نداء المقاومة، مشى الناس خلفكما كأنهم ظلّكما الممتد على طرقات عبرها النصر مرارًا”.
وتشير إلى أنه “لم يكن تشييعًا، وحسب بل طوافًا حول كعبة الجهاد التي بنيتماها بدماء الشهداء، وكان الهتاف صلاة تُرفع في وجه الليل كي لا يطول”.
وتصف عرندس حال المشيعين قائلة: “بكت الرايات، وارتعشت الأكُفُ وهي تلامس نعشيكما، كأنها تستبقي شيئًا من روحكما قبل أن تعبُرا إلى حَيثُ لا قيد ولا عدو، إلى حَيثُ يصافحُكما الحسينُ ويمنحكما كوفيته، إلى حَيثُ الجنوب لا يُغلق بابُه على الغياب”.
وتختتم عرندس حديثها بالقول: “أيها السيدان، لم تمتد أيدينا للوداع، بل امتدت للبيعة، ولم تكن دموعنا رثاءً، بل كانت ميثاقًا أن الأرض التي مشيتما عليها لن تنحني، وأن الراية التي حملتماها لن تسقط، وأن صوتكما سيبقى في حناجر الذين عاهدوا الشمس أَلَّا تغيب”، مضيفة “يُشيَّع القمر، لكن السماء لن تكون مظلمة؛ لأَنَّ النور الذي زرعتماه في الضلوع، لن يعرف الليل أبدًا”.
ختامًا.. شاهد العالم مراسمَ تشييع الشهيدين، فكانت نتائج الاستفتاء أن خطَّ المقاومة لن ينحني أَو يميل، بل سيظل في اندفاع متصاعد حتى إسقاط العدوّ ومشاريعه الاستعمارية، كما يبقى المضي في مشوار المقاومة حتى التحرير وإنهاء الكيان الصهيوني المؤقت هو الخيار الأمثل والأعظم، وهو البيعةُ التي أدلى بها ملايينُ الأحرار لسماحة شهيد الإسلامية وزعيم المقاومة الشهيد الأقدس السيد نصر الله.