رمضان.. جهاد وتقوى ونصر على الأعداء
ق. حسين بن محمد المهدي
التقوى مشتقة من الوقاية، وهي حفظ الشيء مما يؤذيه ويضره، والتقوى البالغة الجامعة تعني اجتناب كلما فيه ضرر لأمر الدين.
وقد وصفها الإمام علي -عليه السلام- بأنها: الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل.
وقد وردت في القرآن الكريم بمعنى الخوف والخشية: (يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ) أي: خافوه، واخشوه.
وبمعنى: الطاعة والعبادة، كما في قوله تعالى: (أَفَغَيْرَ اللَّـهِ تَتَّقُونَ).
فبالصيام في شهر رمضان تزكو النفوس، وتستقيم الأخلاق، وتستجاب الدعوات، وتقضى الحاجات، ويرزق المسلم فيها الصبر والثبات.
في رمضان بعث رسول الإسلام، وانتصر على الكفرة الطغام، وافترض الله فيه الصيام، وسنَّ رسوله القيام، وقال: “من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه”.
فالصوم يعتبر اختباراً روحيًّا، وتجربةً خلقية يستطيع الإنسان من خلالها اكتسابَ ملكة التقوى، والتي هي هدف الصوم وثمرته، فإذا اكتسب المرء المؤمن ملكة التقوى حصل على مطلوبِه، ونجح في كُـلِّ أموره، ودانت له الدنيا والآخرة، وأضحى جديرًا بالاستخلاف في الأرض، وقيادة البشرية إلى ما يصلحها في الدنيا والآخرة موعوداً بالنصر والتمكين والظفر قادراً على تحرير فلسطين وغيرها، مبشراً بالعون والنصر (إِنَّ اللَّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَالَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ)، مبشراً بالكرامات وأعلى الدرجات: (الَّذِينَ آمَنُوا وَكانُوا يَتَّقُونَ، لَهُمُ الْبُشْرى فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَفِي الآخرة)، مبشِّرًا بالفرقان، وتكفير الذنوب والغفران: (وَ مَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا)، مبشراً بتيسير الأمور، والخروج من الغَم والشرور: (وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا، وَيَرْزُقْهُ من حَيثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّـهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا)، مبشراً بجنات وعيون (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ، أخذينَ ما آتاهُمْ رَبُّهُمْ إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُحْسِنِينَ).
لقد جاء محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- بدين الوحدة والاتّحاد في الفكر والعمل، ودعا إلى التقوى التي تبعث في الإنسان القوة والبطولة والإيمان؛ فالصائم لا يخشى بأس بشر ولا ضرره فقد جاء الإسلام بعقيدة تحمي الأعراض والحرمات، وتصون النواميس، وتحب الجهاد.
إن المسلم في شهر الصيام لا يهزه تطاوُلُ المفسدين ولا استعلاءُ المستكبرين ورجال الصهيونية في أمريكا وغيرها.
إن المسلمين اليوم بحاجة إلى الاتّحاد وإلى اغتنام فضيلة هذا الشهر الكريم والتناصح فيه، ورفع راية الإسلام؛ مِن أجلِ كبح جماح الظالمين، وتحرير فلسطين، ونشر الإسلام في مشارق الأرض ومغاربها لينالوا بذلك شرف الدنيا والآخرة، وليكونوا جميعًا أنصار الله وحزبه (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ).
العزة لله ولرسوله وللمؤمنين، والخزي والهزيمة للكافرين والمنافقين، ولا نامت أعين الجبناء.