شهر رمضان: محطةٌ للتقوى والرحمة والنصر
هارون السميعي
أطل علينا شهر رمضان، فلا بد أن يكون الإنسان مُسْتعدًّا لاغتنام الفرصة، والتزود بالتقوى. شهر رمضان المبارك هو محطة عناية ورحمة ومغفرة واستجابة وعتق من النار.
شهر رمضان فيه زكاة للنفوس، وتآلف للقلوب، ووحدة للكلام، والحصول فيه على التقوى.
في هذا الشهر خدمة الناس، ومواساة الفقراء والمساكين، وتوفير كُـلّ ما يحتاجونه، مطلوب في كُـلّ زمان ومكان، ولكنّ التكافلَ في شهر رمضان يبرزُ أكثر؛ لأَنَّ لهذا الشهر مميزات خَاصَّة، فهو شهر الخيرات والبركات، وهو شهر التجليات والنفحات، شهر النوافل والطاعات، شهر الإنفاق والصدقات، شهرٌ تتضاعف فيه الأجور والحسنات.
الله يخاطب المؤمنين في القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ﴾. لا بد للإنسان في هذا الشهر أن يتدبر القرآن، لكي يحصل على التقوى.
فيه الإحسان، والغفران، والتقبل والمضاعفة للأعمال والفوز بالجنان، والعتق من النيران.
يقول السيد القائد -يحفظه الله-: “من أجل الحصول على الوسيلة العظمى، وهي التقوى وإشاعتها، والإحساس بآلام الآخرين بين الأفراد والجماعات، ومن ثم تتجسد فيهم أعمال الخير التي يقوم بها بعضهم تجاه البعض الآخر… فليكن هذا الشهرُ العظيمُ تجارةً رابحةً مع الله تعالى، يشعر فيه أغنياءُ المسلمين بإخوانهم الفقراء. ”
الله “سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى” هدانا في كتابه الكريم، وعلى لسان رسوله “صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ”، إلى ما تتحقّق لنا به التقوى، ما يقينا من المخاطر، من الشرور. التقوى هي تتمحور حول الالتزام بأوامر الله ونواهيه. التقوى حالة نفسية تدفع الإنسان إلى الالتزام؛ لأَنَّه يعي المسؤولية تجاه ما يعمل، يدرك أهميّة الأعمال، وما يترتب عليها من نتائج.
يوم القيامة، تتجلى على وجوه المحسنين البشائر والفرح، فهم مطمئنون برحمة الله، بينما يُظلم وجه المسيئين، ويكسوه القتر والذلة، كأنما أُغشيت وجوههم بقطع من الليل المظلم، ليعكس ذلك ما يعتمل في نفوسهم من حسرة وألم وخوف لا ينتهي.
حصلت غزوة بدر وفتح مكة، وتحقّقت الانتصارات بعده، والآن نتزود التقوى لكي نتغلب على أعدائنا وسيأتي بعده النصر والفتوحات بإذن الله.