رعب الجبهة اليمنية يتواصل.. “الكيان” ينهار بين مخرجات “الهُدنة” والتزاماتها وفاتورة تفجيرها
– مخاوف من تدهور التصنيف الائتماني وتلاشي كُـلّ الحلول مع بداية أي تصعيد
– دعاة الحرب يؤجِّجون لتجديدها وإجماع “إسرائيلي” على كارثية نتائجها نظرًا للتهديدات
المسيرة: نوح جلّاس
تأكيدًا على استمرارية الرعب الصهيوني من الجبهة اليمنية وتداعياتها التي ما تزال حتى اللحظة تنخر في الكيان الإسرائيلي، أكّـدت صحيفة عبرية أن عودة الحرب والحصار على قطاع غزة ستعود بضربات اقتصادية قاصمة على العدوّ، في إشارة إلى المخاوف الكبيرة من عودة العمليات اليمنية التي تأخذ مسارات عدة لضرب الاقتصاد الإسرائيلي بحرًّا وجوًّا وبرًّا في العمق المحتلّ، خُصُوصًا وأن وسائل إعلام العدوّ ما تزال حتى اللحظة تغطي تهديدات القائد ومآلاتها ومخاطر تجاهلها.
ونشرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” العبرية، تقريرًا حديثًا، حذرت فيه من مغبة العودة إلى التصعيد في غزة ونكث الاتّفاق، مؤكّـدةً أن ذلك سيؤدي إلى مزيدٍ من الانهيارات الاقتصادية، وتراجع العدوّ إلى تصنيفات متأخرة على السُّلَّمِ الاقتصادي والائتماني الدولي والعالمي، بالإضافة إلى انهيارات جديدة للاقتصاد في “يافا –تل أبيب” مع أولى بدايات التصعيد؛ ما يؤكّـد أن تهديدات اليمن بضرب عمق العدوّ فور معاودة عدوانه على غزة، قد صارت تشكل رادعًا قويًّا ورعبًا مدويًا للعدو.
ونقلت “يديعوت أحرونوت” تصريحات لمن أسمته “مصدرًا رفيعَ المستوى في القطاع الاقتصادي”، قال فيها: إنه تحدث مع مسؤولي شركات تصنيف الائتمان الكبرى المعنية بالتصنيف الدولي للقوى الاقتصادية الدولية، وأبلغوه أن “عودة الحرب ستؤدي بلا شك إلى زيادة القلق بشأن خفض التصنيف مجددًا، في ظل التوقعات الحالية السلبية بالفعل، ويتعين على “إسرائيل” التفكير في تبعات ذلك على الاقتصاد والموازنة إذَا ما عادت الحرب الآن”.
وَأَضَـافَ “لم أسمع أنا فقط عن هذا القلق، بل أَيْـضًا كبار المسؤولين في الحكومة وفي القطاع الاقتصادي سمعوا في الأسابيع الأخيرة عن المخاوف المتعلقة بتداعيات تجدد الحرب على تصنيف الائتمان، إذَا ما انتهت الهُدنة ولم يتم اتِّخاذ قرار بتمديدها”، في إشارة إلى اليقين التام الذي ينتاب قادة القطاع الاقتصادي الصهيوني بقدرة جبهات المقاومة إلى خلق نتائجَ كارثية أكثرَ وطأة على اقتصاد العدوّ، عكس ما كان في السابق عندما كان يتم التحريض على استمرار الحرب والحصار على غزة وتجاهل تداعياتها؛ ظنًا من العدوّ وأجنحته الداخلية أنهم قادرون على تجاوز التهديدات والتبعات، قبل أن يجدوا أنفسَهم في مأزِقٍ اقتصادي غير مسبوق في تاريخ الكيان الغاصب.
اليمن كـ “تهديد” رئيس وردع يحاصر الإجرام:
وتابعت “يديعوت أحرونوت” نقل تصريحات مصدرها التي قال فيها: إن “الجهات الدولية الكبيرة، بما في ذلك شركات تصنيف الائتمان، حذرت بشكل صريح من أن تجدد القتال في غزة سيعيد الصواريخ إلى سماء “إسرائيل”، سواء من غزة أَو اليمن أَو ربما من لبنان والعراق وحتى إيران”.
وبالنظر لهذا التصريح فَــإنَّ المخاوف الكبيرة المذكورة هنا هي من الجبهة اليمنية، حَيثُ إن جبهة الشمال متوقفة باستمرار اتّفاق وقف إطلاق النار بين لبنان وكيان العدوّ، فيما الجبهة العراقية كانت قد أعلنت خفض التصعيد بجانب الجبهة الإيرانية، ولم يتبقَّ سوى الجبهة اليمنية التي ظلت تضرب حتى فجر الـ 19 من يناير الفائت؛ أي قبل دخول الاتّفاق في غزة حيز التنفيذ بساعات قليلة، فضلًا عن تجدد التهديدات اليمنية على لسان السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، في خطابه الأخير، والتي أكّـد فيها أن اليمن سيعود لضرب العدوّ بشكل مركّز في “يافا” إذَا ما أقدم العدوّ على شن عدوان جديد على غزة؛ أي إن المخاوف الصهيونية ومخاوف المراقبين من تداعيات عودة الحرب، سببه الرئيس مخاطر الجبهة اليمنية، وما قد تحمله معها من صفعات أكثر إيلامًا على العدوّ الصهيوني.
وتضيف “يديعوت أحرونوت” نقلًا عن مصادرها “سيغادر رجالُ الأعمال وشركات الطيران المنطقة بسرعة، وسيتذكر العالم أننا منطقة حرب؛ مما يجعل الاستثمار فيها أمرًا محفوفًا بالمخاطر، مع كُـلّ ما ينطوي عليه ذلك من تبعات”، وهنا تأكيد جديد على أن المخاوف تتركَّزُ بشكل كبير على تداعيات الجبهة اليمينة التي أكّـدت أنها ستعودُ بسرعةٍ كبيرة لضرب العدوّ فور نكث الاتّفاق، خُصُوصًا “يافا –تل أبيب”، ولذلك تأتي التحذيراتُ من أن الإفرازات الكارثية لعودة التصعيد ستبدأ من “يافا” وليس من غِلافِ غزة أَو مغتصبات الشمال؛ ما يؤكّـدُ أن الجبهةَ اليمنية باتت الهاجِسَ الأكبرَ والتهديد الأعظم الذي يحيط بالكيان الصهيوني ويحاصر إجرامه.
وتشير هذه التصريحات التي قالها مسؤولو شركات التصنيف الائتماني، إلى وجود قناعة تامة بأن عودة الحرب على غزة يعني تعرض العدوّ الصهيوني لضربات اقتصادية، غير تلك الناتجة عن الإنفاق العسكري الهائل أَو العجز المتواصل في الموازنة، حَيثُ يمثل الحصار البحري اليمني والضربات الصاروخية والفرط الصوتية في العمق المحتلّ طعنات كبيرة لمفاصل العدوّ الصهيوني الحيوية والاقتصادية.
وقد أثبتت إفرازات المرحلة الراهنة، أن الحصار البحري أَدَّى لتعطل قطاعَي الصادرات والواردات بشكل كبير وارتفاع أسعار الشحن البحري إلى كيان العدوّ، فضلاً عن الأزمات التموينية جراء عزوف شركات الشحن عن التعامل مع العدوّ، وهو ما انعكس سلبًا في ارتفاع الأسعار وتعطل إنتاج الشركات العاملة التي تعتمد على مدخلات الإنتاج الخام القادمة من شرق آسيا، وكذلك تضرر قطاع الإنتاج التكنولوجي بشكل كبير، حَيثُ أصبح يعاني شبح التقهقر المتسلسل بعد أن كان يمثل عصب اقتصاد العدوّ ومصدر رُبع عائداته الضخمة.
كما أن العمليات في يافا وحيفا ومختلف المناطق العسكرية الحيوية التي تطالها الصواريخ البالستية والفرط صوتية اليمنية، تقود إلى عزوف جماعي للاستثمار وأصحاب رؤوس الأموال، وكذلك تسفر عن ترنح حركة النقل الجوي؛ ما يخلق حصارًا مزدوجًا على العدوّ، خُصُوصًا أن الشركات العاملة في التكنولوجيا الفائقة التي كانت تعتمد على النقل البحري لمدخلاتها من الرقائق وغيرها، لجأت للنقل الجوي كحل مبدئي، ما جعل من أزمة النقل الجوي التي رافقت استهداف مطار بن غوريون وتكثيف العمليات على يافا، سَدًّا منيعًا أمام عمل تلك الشركات التي يعتمد عليها العدوّ الصهيوني بشكل رئيس في رفد اقتصاده.
وفي هذا السياق أَيْـضًا، ما تزال أصداءُ تهديدات السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي، تتردّد في الإعلام الصهيوني، حَيثُ نشرت القناة الـ 12 الإسرائيلية الثلاثاء، ما ورد في خطاب القائد الأخير بشأن الاستعداد الكبير لضرب العدوّ بشكل فوري ولحظي إذَا ما عاد لمربع التصعيد، فيما نشر موقع “ماكو” ومجلة “إيبوك” الإسرائيليين تقريرين، سلَّطا الضوءَ على مآلات تهديدات القائد إذَا ما تم اختراق الاتّفاق في غزة، وهو الأمر الذي يؤكّـد أن الردع اليمني بات جامحًا للغطرسة الصهيونية وهاجسًا لدى دعاة الحرب.
بين مجريات “التهدئة” وتداعيات إشعالها.. العدوّ منهار ومحتار:
وبالعودة إلى تقرير “يديعوت أحرونوت” فَــإنَّ هناك قلقًا كبيرًا من عودة الحرب على غزة؛ كون ذلك سيؤدي حتمًا إلى نتائجَ سلبية وكارثية على الاقتصاد “الإسرائيلي”.
وقالت الصحيفة في التقرير: إن “عودة الحرب في قطاع غزة، تفتح الباب أمام تخفيض آخر لتصنيف الائتمان لإسرائيلَ، هذا ما خلص إليه كبار المسؤولين في القطاع الاقتصادي الذين تحدثوا في الأيّام الأخيرة مع خبراءَ اقتصاديين في شركات تصنيف الائتمان الدولية”.
ولفتت إلى أن “وقف الحرب قد يساهم في إلغاء التوقعات السلبية بشأن تصنيف “إسرائيل”، وبالتالي قد يؤدي إلى رفع التصنيف الائتماني في المستقبل، لا سِـيَّـما مع تحسن المؤشرات الاقتصادية في “إسرائيل”، مثل العجز في الموازنة ونسبة الدين إلى الناتج المحلي”، في حين أن هذا التحسن الذي تحدثت عنه الصحيفة كان طفيفًا للغاية وناتجًا عن توقف العمليات العسكرية سواء التي تنطلق من الجبهة اليمنية أَو التي تنطلق من العمق الفلسطيني في غزة أَو الضفة، وقبلها الجبهة اللبنانية التي أنهكت الكيان الغاصب.
يشار إلى أن العدوّ الصهيوني وقطاعاته الاقتصادية تخشَى تصنيفًا ائتمانيًّا سلبيًّا جديدًا؛ لما لهذه التصنيفات من تأثيرات كبيرة تقود لاعتبار الكيان الصهيوني وجهة خاسرة لأي استثمار أَو تنمية، خُصُوصًا وأن المراحل السابقة شهدت قيام كبريات شركات التصنيف الائتماني المعروفة دوليًّا “موديز، ستاندر أند بورز، فيتش”، بوضع تصنيفات العدوّ الصهيوني في خانات سلبية، وذلك في ثلاث مرات، في حين ما تزال هذه الشركات تعلن –بشكل غير رسمي– أنه ما تزال لديها توقعات سلبية؛ بسَببِ تدهور المؤشرات الاقتصادية لدى العدوّ الصهيوني، على الرغم من توقف الجبهات.
وفي هذا السياق ذاته نشرت وسائل إعلام صهيونية أخبارًا أكّـدت أن شركات التصنيف الائتماني قد تتجه إلى إعلان تصنيف ائتماني سلبي جديد، على وقع التدهور الاقتصادي الحاصل في ظل وقف إطلاق النار من جميع الجبهات؛ أي إن عودة التصعيد من جديد فعلًا ستعود بنتائجَ كارثية وغير مسبوقة على العدوّ، خُصُوصًا وأنه قد بات منهكًا للغاية وغير قادر على احتمال المزيد من الضربات.
ولفتت إلى أن شركات التصنيف بعثت رسائلَ طمأنة للمستثمرين بأنه حال الحصول على وقف دائم لإطلاق النار في غزة فَــإنَّ ذلك سيعود بنتائج اقتصادية إيجابية تدريجيًّا، في حين أن أية عودة للتصعيد ستحيل العدوّ إلى بيئة غير صالحة للاستثمار، وهو ما سيفقده المزيد من المراتب الاقتصادية رغم أن تصنيفه الأخير كان متدنيًا وجعله متساويًا مع دول ضعيفة كـ “كازاخستان وبيرو”، بعد أن كانت التصنيفات السابقة قبل “الطوفان” تجعله في مصافِّ القوى الاقتصادية الكبرى فئة “A”.
ووفق هذه المعطيات، بات العدوّ الصهيوني حائرًا وقد دخل في تآكل ذاتي دون القدرة على تجاوز هذه الحالة، فهو ينهار اقتصاديًّا وسياسيًّا بشكل متدرج في ظل الهُدنة وتوقف عمليات جبهات المقاومة والإسناد، في حين أن تفجيرَ المعركة ليس حَلًّا مع الترصد والاستعداد المناهض الذي تعد له الجبهتان الفلسطينية واليمنية، والذي يتضمن عملياتٍ مميتةً بعد أن أصبح كيان العدوّ خاويًا ومريضاً للغاية، وبين هذين الحالين يظل العدوّ الصهيوني ومفاصلُه الاقتصادية والحيوية وحتى مفاصله السياسية الداخلية، في تقهقر مُستمرّ، ليكون الخيار الوحيد والأمثل هو شروع العدوّ في مغادرة غزة بشكل نهائي ودائم، وتفادي ما يقود لأي انفجار في “الضفة” أَو “الشمال”، وكلُّ ذلك يتحقّقُ بكامل شروط المقاومة العادلة والمشروعة والمحقّة.