اقتصاد العدوّ ينهي شهرَه الثاني بمعاناة متواصلة والأوساط الصهيونية تحذّر من عودة التصعيد

انخفاض جديد للإيرادات وارتفاع للنفقات وشبح “العجز” يعود رغم تراجع الإنفاق الحربي..

 

المسيرة: خاص

انطوى الشهر الثاني من العام الجاري، وما يزال الاقتصاد الصهيوني في تراجع مُستمرّ، ويترنح بين العجز المالي، وارتفاع الإنفاق وبقاء التضخم وشحة الموارد وانخفاض النمو؛ ما يؤكّـد فعلًا أن العدوّ قد فقد كامل مكانته الاقتصادية، بالإضافة إلى فقدان القدرة على الردع ولا حتى الحفاظ على الموجود في ظل التهديدات المتصاعدة التي تتخطف العدوّ، لا سيَّما مع مؤشرات عودة العمليات البحرية اليمنية.

ونشرت ما تسمى “وزارة المالية” الصهيونية تقريرًا أظهر انخفاض الإيرادات الضريبية عن شهر فبراير الماضي، على الرغم من أن الشهر الذي سبقه شهد أكبر تحصيل ضريبي في تاريخ الكيان، ويشير هذا التراجع إلى فشل الاستراتيجية التي اتخذها العدوّ للبحث عن موارد بعد فقدان نصف الاستثمارات وثلاثة أرباع موارد السياحة وكذلك تعطل أهم المفاصل الحيوية والاقتصادية التي كانت تعود على خزينته بعشرات المليارات من الدولارات.

وبيّن تقرير مالية العدوّ، أن إيرادات الضرائب انخفضت بنسبة 38 % مقارنةً بيناير؛ أي بواقع 10 مليارات دولار مقارنة بـ 17 مليون دولار.

وعلى الرغم من الانحدار في حجم الإيرادات العامة خلال الشهر الفائت، فَــإنَّ “النفقات الحكومية” ارتفعت حسب ما أكّـدته صحيفة “كالكاليست” الصهيونية المتخصصة في الشؤون الاقتصادية؛ نظرًا للالتزامات الكبيرة التي تحيط بالعدوّ، في ظل تنصله عن الإيفاء بمعظمها، خُصُوصًا فيما يخص تصحيح أوضاع المنكوبين في الشمال المحتلّ، أَو أصحاب رؤوس الأموال الذين طالتهم الأضرار الجسيمة.

ومع انخفاض الإيرادات وارتفاع النفقات، يتضح أن اقتصاد العدوّ ما يزال يسير في مسارات متباينة، تكشف حالة الاضطراب الكبيرة التي لم يتمكّن من كبح جماحها على الرغم من استمرار وقف إطلاق النار في غزة وتوقف العمليات اليمنية وكذلك توقف الجبهة اللبنانية منذ أواخر أُكتوبر الفائت.

وحسب “كالكاليست” فقد بلغت النفقات خلال فبراير إلى 12,5 مليار دولار، مقارنة بـ11,2 مليار دولار في يناير؛ أي إنَّ إجمالي ما تم إنفاقه في يناير وفبراير بلغ 23,7 مليار دولار، وهو السقف الأعلى الذي حدّدته مالية العدوّ كموازنة قصوى، وهذه الموازنة لم تتضمن تصحيح أوضاع المنكوبين والمتضررين؛ أي إنَّ إيفاء العدوّ بالتزاماته تجاههم سوف تكبده مبالغ طائلة تقود لارتفاع العجز المالي مجدّدًا، وتجبر العدوّ على اللجوء للقروض والسياسات الأُخرى التي تزيد من الإضرار بالاقتصاد “الإسرائيلي” على المديين المتوسط والبعيد، وحتى القريب أَيْـضًا، حَيثُ تظهر معاناة العدوّ الاقتصادية باستمرار يومًا تلو آخر.

وفي هذا الصدد، يظهر تقرير ما تسمى “وزارة المالية الصهيونية” أن العجز المالي انخفض قليلًا من 5,8 % في يناير إلى 5,3 % من إجمالي الناتج المحلي، خلال شهر فبراير، مع العلم أن شهر فبراير لم يكلف العدوّ نفقات عسكرية، وكذلك لم ينفق العدوّ على الإصلاحات اللازمة لمخلفات الحرب، خُصُوصًا في الشمال الذي ما يزال كمدينة أشباح حسب ما وصفته الصحف العبرية؛ أي إنَّ المعركة القادمة وما تتطلبه من نفقات هائلة على المستوى العسكري والأمني والاقتصادي بشكل عام، سوف تكون باهظة للغاية على العدوّ وقد لا يقدر على تحملها، وهو ما يكشف حقيقة سعي العدوّ للتنصل عن التزاماته دون تفجير معركة؛ كونه يعرف تبعاتها، فمع العوائق الاقتصادية، هناك عوائق عسكرية مع تصاعد أزمة التجنيد ورفض المقاتلين الصهاينة العودة للحرب مرة أُخرى، فضلًا عن المشاكل الأمنية التي عطلت أهم مرافق العدوّ الحيوية والاقتصادية.

وإزاء ذلك، أكّـدت وسائل إعلام صهيونية أن تبعات الحرب والحصار على غزة وما انعكس معها من عمليات مضادة بجانب عمليات جبهات الإسناد، ما تزال تفرز تأثيرات متتابعة على الاقتصاد الصهيوني، محذرّة من عودة أي تصعيد؛ كون ذلك سيخلق أزمات يصعب حلها ولو خلال سنوات طويلة.

وركَّزَت على التأثيرات الناجمة عن الحرب، خُصُوصًا الاقتصادية، حَيثُ لم تتعافَ قطاعات التكنولوجيا والاستثمار والسياحة والصادرات والواردات والقطاعات الإنتاجية المختلفة، رغم التهدئة التي حصلت؛ ما يجعل من عودة الحرب رصاصةً تنهي ما تبقى من مرافق العدوّ الحيوية والاقتصادية.

وأوضحت أن معظمَ التحديات ما تزال قائمة، في ظل عدم عودة ثقة شركات الشحن البحري النقل الجوي، والمستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال، وحتى الغاصبين أنفسهم الذين يرفضون العودة إلى مغتصبات الشمال، والحال ذاته للذين غادروا فلسطين المحتلّة.

وقالت: إن أي تصعيد جديد سيؤدي إلى مزيد من التراجع على كُـلّ المستويات.

ومع هذه التحذيرات تعود للواجهة مؤشرات العمليات البحرية اليمنية مع مضي المُهلة التي حدّدها القائد بـ 4 أَيَّـام مساء الجمعة الفائتة لإدخَال المساعدات إلى غزة، والتي ما تزال حتى اللحظة محاصرة وممنوعة من أية أعمال إغاثية.

وببدءِ سريان فترة استئناف العمليات على وَقْعِ إصرار العدوّ على الحصار، يستبق الإعلام الصهيوني السيناريوهات بنشر المخاوف الكبيرة التي تحيط بكامل القطاعات في فلسطين المحتلّة، خُصُوصًا وأن عودةَ العمليات اليمنية البحرية مع إطالة الحصار قد يجر القوات المسلحة اليمنية إلى استهداف العُمق الصهيوني.

وقد عبَّرت قنوات وصحف “إسرائيلية” عن مخاوفها الكبيرة من عودة العمليات اليمنية في عمق فلسطين المحتلّة، مؤكّـدةً أن الكيان لم يعد قادراً على مواجهة أعباء التصعيد.

وبهذه المعطيات فَــإنَّ المخرجَ الوحيدَ لكيان العدوّ هو العودة إلى مشهد الاتّفاق وتطويره بما يحقّق المطالب العادلة والمشروعة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أما العودة للتصعيد فلن يكون هناك طرف خاسر أكثر من الكيان المنهار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com