انقضاء مهلة القائد: القلق يخيّم على كيان العدوّ وتأثيرات عودة الحصار اليمني تبرز مبكرًا

– انخفاض مؤشرات البورصة والعملة “الإسرائيلية” على خلفية “التهديدات من اليمن”

– حالة تأهب قصوى لدى جيش الاحتلال ومخاوف من اتساع الصراع إقليميًا

– مخاوف من العودة إلى روتين الحرب ورعب صافرات الإنذار

 

المسيرة | خاص:

على وقع انقضاء مهلة السيد القائد لاستئناف العمليات البحرية ضد العدوّ الصهيوني، مع استمرار منع إدخَال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة، سيطرت حالة من القلق والارتباك على كيان الاحتلال، الذي أعلن جيشه حالة تأهب قصوى؛ خشية وقوع هجمات يمنية على الأراضي المحتلّة، بالرغم من أن إعلان السيد القائد كان واضحًا في استئناف العمليات البحرية، وقد انعكس هذا الارتباك على المؤشرات الاقتصادية للعدو والتي شهدت انخفاضًا كان بمثابة تأثير مبكر للموقف اليمني، وتأكيد جديد على أن الاقتصاد الصهيوني سيكون معرضًا لخسائرَ كبيرة في حال استمر تعنت العدوّ.

ومع انقضاء يوم الثلاثاء، كحد أعلى، تكون المهلة التي أعلنها السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي، لإدخَال المساعدات لغزة، قد انتهت بشكل كامل، على الرغم من أن مسؤولين في قطاع الأمن البحري قدروا أن المهلة انتهت بين الساعة الثامنة وَالتاسعة مساء الثلاثاء، قياسًا على توقيت إعلانها يوم الجمعة الماضية، وفي ظل استمرار العدوّ الصهيوني بمنع إدخَال المساعدات، فَــإنَّ عودة العمليات البحرية اليمينة قد دخلت حيز التنفيذ عمليًّا، وفقًا لتأكيدات السيد القائد مساء الاثنين، والتي أوضح فيها أن الإجراءات العسكرية ستبدأ فور انتهاء المهلة.

وبرغم أن السيد القائد قد ربط المهلة المحدّدة بعودة العمليات البحرية ضد العدوّ الصهيوني تطبيقًا لمعادلة “الحصار بالحصار”، وهو ما تعاملت معه شركات الأمن البحري بوضوح في تحذيراتها الموجهة للسفن ذات العلاقات “الإسرائيلية”، فَــإنَّ تقارير عبرية قد كشفت عن حالة قلق كبيرة دفعت جيش العدوّ الصهيوني إلى اتِّخاذ “حالة تأهب قصوى” لاحتمال إطلاق صواريخ بالستية وطائرات مسيّرة من اليمن على الأراضي الفلسطينية المحتلّة، وفقًا لما كشفته صحيفة “معاريف” التي أكّـدت أن جيش العدوّ “يأخذ التهديدات اليمنية على محمل الجد” وأنه قام بوضع عدة أنظمة دفاعية في حالة استعداد.

وشملت إجراءات التأهب المدفوعة بحالة القلق أَيْـضًا تعطيل نظام تحديد المواقع العالمي في الأراضي المحتلّة، على الرغم من أن هذا الإجراء قد أثبت فشله وعدم جدواه خلال الحرب.

وعبَّرت القناة العبرية الرابعة عشرة عن تعاظم حالة القلق داخل كيان العدوّ قائلة إن: “إسرائيل ربما تعود إلى روتين الحرب اعتبارًا من يوم الثلاثاء؛ خوفًا من تهديد الحوثيين بتجديد هجماتهم” حسب وصفها، مذكرة بأن من وصفتهم بالحوثيين “لم يهاجموا إسرائيل بانتظام فحسب، وخَاصَّة في الأسابيع التي سبقت وقف إطلاق النار، بل كانوا يفعلون ذلك أَيْـضًا في وقت متأخر من الليل، مما جعل الأمر أكثر صعوبة بالنسبة للإسرائيليين، والآن قد يحدث ذلك مرة أُخرى”.

وخاطبت القناة العبرية المستوطنين الصهاينة قائلة: “عند انطلاق صفارة الإنذار، يجب الدخول فورًا إلى الغرف المحمية في المنازل الخَاصَّة، أَو إلى الملاجئ في المباني السكنية، أَو إلى غرفة داخلية بدون نوافذ إذَا لم يكن هناك ملجأ متاح، ومن المهم البقاء في المساحة المحمية لمدة 10 دقائق على الأقل بعد انطلاق صفارة الإنذار، ما لم يتم توجيهكم بخلاف ذلك، لتجنب خطر التعرض لشظايا أَو سقوط غير مكتشف”.

وفسر موقع “سروجيم” العبري الاستعدادات لهجمات يمنية على الأراضي المحتلّة بأن “إسرائيل تأخذ جميع السيناريوهات في الاعتبار، ولا تستبعد أن تكون التصريحات حول العمليات البحرية مُجَـرّد محاولة لتضليل إسرائيل حتى لا تأخذ تهديد إطلاق الصواريخ في الاعتبار” حسب تعبيره.

وعكست حالة القلق الواسعة التي تم تغليفها بعنوان “التأهب” استمرار المأزق الأمني الكبير الذي تشكله الجبهة اليمنية على كيان العدوّ، واستمرار انعدام خياراته لمواجهة التهديدات القادمة من اليمن، برغم ادِّعاءاته خلال الأيّام الماضية بأنه مستعد لكل السيناريوهات، فكل الإجراءات التي تحدثت عنها التقارير العبرية قد أثبتت فشلها الذريع في حماية كيان العدوّ من الهجمات اليمنية، كما أن تلك الإجراءات لم تتضمن شيئًا بشأن التحَرّك الفعلي للقوات المسلحة اليمنية في هذه المرحلة والمتمثل باستئناف العمليات البحرية، باستثناء الحديث عن “التنسيق مع القيادة المركزية الأمريكية” وهو ما يعني أن العدوّ لم يجد أمامه سوى الاستراتيجية السابقة المتمثلة في توكيل مهمة حماية الملاحة الصهيونية على الولايات المتحدة، وهي استراتيجية أثبتت فشلًا ذريعًا خلال المرحلة السابقة، ولن يغيّر وجود “ترامب” في البيت الأبيض ذلك الواقع.

ووفقًا لصحيفة “يديعوت أحرنوت” العبرية، فَــإنَّ مسؤولي العدوّ لديهم أَيْـضًا مخاوفُ من أن يؤديَ استئنافُ العمليات اليمنية إلى اتساع تدريجي لرقعة الصراع على المستوى الإقليمي ليضم جبهات أُخرى، وهو ما يعني أن حالة القلق التي تخيم على كيان الاحتلال أكبر من “استعداداته” المزعومة.

وقد انعكس تأثير حالة القلق وغياب الخيارات لدى كيان العدوّ على مؤشراته الاقتصادية، حَيثُ أغلقت بورصة “تل أبيب” مساء الثلاثاء، على انخفاض للعديد من المؤشرات الرئيسية، بما في ذلك مؤشر البنوك، وهبط سعر عملة “الشيكل” أمام الدولار واليورو.

ونقلت صحيفة “غلوبس” الاقتصادية العبرية، عن رئيس مجلس إدارة شركة “بوريا فاينانس” قوله: إن هذه الانخفاضات “تأتي على خلفية حالة عدم اليقين الجيوسياسي، واحتمالات تجدد القتال في الجنوب والتهديدات من الحوثيين” حسب تعبيره.

وجاء ذلك بمثابة تأثير مبكر لاستئناف العمليات البحرية اليمنية، ودليل واضح على أن هذه العمليات سيكون لها تداعيات مباشرة وغير مباشرة واسعة على اقتصاد العدوّ الصهيوني، وهو أَيْـضًا ما تؤكّـده التجربة السابقة التي يريد العدوّ أن يكرّرها من خلال التعويل على الولايات المتحدة لوقف العمليات اليمنية والحد من تأثيرها، فقد أرسلت واشنطن خلال الجولة السابقة أربع مجموعات من حاملات الطائرات والسفن الحربية المرافقة لها إلى المنطقة لحماية السفن المرتبطة بالعدوّ الصهيوني، وَأَيْـضًا السفن الأمريكية، وشنت هجمات جوية مشتركة مع بريطانيا وجيش العدوّ، وهجمات مستقلة على اليمن، ولم تفشل تلك الجهود فحسب في وقف العمليات اليمنية، بل كانت لها نتائج عكسية شاملة، تضمنت إظهار انهيار أساليب ووسائل وتكتيكات الردع الأمريكي أمام اليمن، بما في ذلك السفن الحربية وحاملات الطائرات والصواريخ الدفاعية المكلفة، وُصُـولًا إلى تكبيد الاقتصاد الأمريكي نفسه خسائر فادحة؛ بسَببِ ارتفاع تكاليف الشحن والتأخيرات الكبيرة للسفن، كما كشف فشل الولايات المتحدة في التحشيد ضد اليمن عن فشل دبلوماسي كبير للبيت الأبيض، وعن نجاح يمني في تثبيت معادلات ردع إقليمية تقوض ضغط النفوذ الأمريكي حتى على حلفاء واشنطن وأدواتها.

وقد بدا مؤخّرًا أن إدارة ترامب تحاول تغيير واقع الفشل في التحشيد ضد اليمن من خلال لقاءات مكثّـفة مع مسؤولين سعوديّين ومسؤولين في قوات المرتزِقة، تزامنًا مع دخول قرار “التصنيف” الانتقامي حيز التنفيذ، لكن أفق هذه التحَرّكات لا يزال مسدودًا بجاهزية القوات المسلحة للتعامل مع أية تطورات، وحقيقة أن الأدوات الإقليمية والمحلية للولايات المتحدة قد فشلت بالفعل مسبقًا في تحقيق أي شيء قبل أن تمتلكَ صنعاء ما تملكه اليوم من وسائل الردع الاستراتيجي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com