قراءةٌ في خطاب السيد القائد.. رسالةٌ تصعيدية للعدوان ونداءٌ لوحدة الأُمَّــة
وضاح بن مسعود
في خضمِّ تصاعد العدوان الأمريكي-الإسرائيلي على المنطقة، وتحديداً في ظلِّ استمرار المجازر بحقِّ الشعب الفلسطيني في غزة، جاء خطاب السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي ليرسم معالم مرحلة جديدة من المواجهة، مُحمِّلاً الولايات المتحدة الأمريكية مسؤولية وتبعات الغارات العدوانية على عدد من المحافظات اليمنية وسقط على اثرها عشرات الشهداء والجرحى من المدنيين بالإضافة إلى دعم الاحتلال الإسرائيلي وتورطها المباشر في إبادة المدنيين لم يكتفِ الخطاب بتوجيه الانتقادات، بل حدّد بوضوحٍ استراتيجية الردع اليمنية، مُحذِّراً من عواقب استمرار العدوان، ومُعلناً أن الساحة البحرية ستكون ساحة مواجهة مفتوحة إذَا لم تتوقف آلة الحرب
وقد أشار السيد القائد عبدالملك بدرالدين الحوثي إلى أن الولايات المتحدة لم تعد طرفاً محايداً، بل شريكاً فعلياً في جرائم الحرب عبر طائراتها وبوارجها وقواعدها العسكرية المنتشرة في المنطقة وَدعمها العسكري والسياسي غير المحدود لإسرائيل. وتحوُّل حظر الملاحة البحرية – الذي كان موجهاً سابقًا ضد السفن الإسرائيلية – ليشمل القطع البحرية الأمريكية، يُعدُّ تصعيداً نوعياً يعكس تغييراً في حسابات الردع، حَيثُ تُصبح القواعد الأمريكية وقواعدها في المنطقة تحت طائلة الرد
وقد أكّـد الخطاب أن الصمت الدولي تجاه الإبادة الجماعية في غزة والعدوان الجائر على اليمن لن يُمرَّر، وأن اليمن لن تكون مُجَـرّد متفرجٍ على جرائم تُنتهك كُـلّ المواثيق الإنسانية هذه الرسالة ليست موجهة للعدو فحسب، بل أَيْـضاً للأُمَّـة العربية والإسلامية، داعيةً إياها إلى تحمُّل مسؤوليتها الأخلاقية
الخروج المليوني: ذكرى غزوة بدر رمزاً للصمود
اختيار ذكرى غزوة بدر – التي غيَّرت موازين القوة في التاريخ الإسلامي – لتكون مناسبةً للخروج المليوني، يُعبِّر عن ربط النضال الحالي بالرمزية الإيمانية والتاريخية، فالخروج ليس مُجَـرّد مسيرة احتجاجية، بل تجسيدٌ لإرادَة شعبٍ يؤمن بأن النصر مرتبط بالوحدة والإيمان، كما حدث في غزوة بدر
قراءة في الأبعاد الاستراتيجية للخطاب (الردع بالتصعيد):
تحويل حظر الملاحة ليشمل السفن الأمريكية يُشكّل رسالة واضحة بأن اليمن لن تتردّد في استخدام أدواتها العسكرية لردع العدوان الأمريكي، خَاصَّة في البحر الأحمر الذي يُعتبر شرياناً حيوياً للتجارة العالمية
التأطير الإيماني للنضال.. ربط الخطاب بين القضية الفلسطينية والهوية الإيمانية لشعب اليمن يعزِّز الحاضنة الشعبيّة للنضال، ويجعل المواجهة مع العدوّ جزءاً من صراع وجودي، وليس مُجَـرّد صراعٍ سياسي. هذا التأطير يُذكِّر بخطابات المقاومة التاريخية التي حوَّلت المعارك العسكرية إلى معاركَ رمزيةٍ تُلهِم الأجيال
دعوة السيد القائد للخروج المليوني:
الخروج المليوني ليس حدثاً محلياً فحسب، بل وسيلةً لخلق ضغطٍ دولي عبر إظهار التماسك الداخلي لليمنيين وتأييدهم لخيارات القيادة، كما أنه يُرسل رسالةً للفلسطينيين بأنهم ليسوا وحدهم في خندق المواجهة وهذا ما سيثبته الشعب اليمني الأصيل بخروجه المشرف يوم الغد…
ردود الفعل المتوقعة وتداعيات الخطاب عسكرياً:
قد ترد الولايات المتحدة بزيادة انتشارها البحري أَو شنِّ ضربات انتقامية، لكن ذلك سيعني فتح جبهةٍ جديدةٍ في منطقةٍ تعجُّ بالأزمات، وهو ما قد لا تُقدِم عليه واشنطن بسهولةٍ تحسبا لردة الفعل من قبل القوات المسلحة اليمنية
خطاب السيد القائد لم يكن مُجَـرّد تهديدات عسكرية، بل تأكيدٌ على أن معركة اليمن هي معركةُ أُمَّـة بأكملها. فكما انتصر المؤمنون في بدر رغم قلتهم، يُعيد الشعب اليمني اليوم إحياء نفس الروح لمواجهة أعتى القوى. الرسالة الأهم هي أن طريق المواجهة لا يقوم على القوة العسكرية وحدها، بل على الإيمان الراسخ بأن العدالة ستنتصر، وأن دماء الأبرياء في غزة واليمن ستكون شعلةً تُحرق مشاريع الغطرسة والهيمنة الأمريكية ونهاية الكيان الصهيوني المحتلّ..