أنتم ملامون!
بشرى المؤيد
ونحن نستمع وَنشاهد محاضرة للسيد القائد -سلام الله عليه- حين قال فيما معنى كلامه: “نحن ملامون، يلوموننا وَيوجهون لنا اللوم؛ لأَنَّنا نقف وَنساند غزة ويرون في هذا الموقف حماقة، تهوراً، وَتصرفاً غير مناسب؛ لأَنَّه لا ينسجم مع المصالح العامة وَالاقتصادية بينما المفروض من يوجه له اللوم هو العدوّ الإسرائيلي الذي يجوع وَيحاصر وَيمارس الإبادة الجماعية”.
تذكرت سماحة سيد الأُمَّــة -سلام الله عليه- حين قال له المتخاذلون: “أنتم مغامرون” ووجِه له اللوم حين كان يدافع عن بلاده وأراد إخراج العدوّ من بلاده وحين انتصر ابتلعوا ألسنتهم ولومهم ولم يدروا ماذا يقولون له فكان “نصرك هز الدنا” في عام ٢٠٠٦ وَظهر غيظ المنافقين ولم يعترفوا بالنصر برغم أن عدوهم اعترف بالنصر، وأهدى سماحته نصره لكل لبنان.
واليوم المنافقون من الداخل وَالخارج يلومون موقف سيدنا القائد لمواقفه العظيمة وَالشجاعة والمشرفة والصادقة وَالمحقة لشعب أعزل لم يجد له نصيراً وَلا سنداً إلا “موقف اليمن وَمحور المقاومة” الذي كان يفترض أن تكون المواقف القوية والحاسمة من العرب وَالمسلمين.
قال السيد في محاضرته: “فهذا الخذلان العربي أثر على المواقف الإسلامية وكان أقصى سقف بياناتهم في اجتماعاتهم الطارئة إما تنديد أَو شجب، أَو تأسف أَو مطالبات أَو بيانات هزيلة، أَو تصريحات موقفها ضعيف، يوجهون اللوم ضد الحق وَيسكتون وَيتغاضون عن الموقف الظالم”.
هؤلاء المتخاذلون من كُـلّ بقاع الدنيا سيقفون أمام الله يوم القيامة حين يرون بشاعة تخاذلهم وَتجاهلهم عن أهم قضية وَهي “قضية فلسطين” حين يسألهم الله ويقول لهم لقد أتيتكم جائعا فلم تطعموني؟ ويقولون متى يا الله؟ يقول سبحانه لهم: حين كان أهل غزة جائعين لم تطعموني، ولقد أتيتكم عطشاً فلم تسقوني؟ ويقولون متى يا الله؟ يقول لهم: حين كان أهل غزة عطاشا ولم تسقوني، ولقد أتيتكم مستنصراً فلم تنصروني؟ سيقولون متى يا الله؟ سيقول سبحانه: حين استنجد أهل غزة فلم تنصروني، هكذا تخيلنا كيف سيكون موقفهم يوم القيامة حين يسألهم عن تخاذلهم، ففي الحديث القدسي لله يخاطب ابن آدم: “اسْتَطْعَمْتُكَ فَلَمْ تُطْعِمْنِي، قالَ: يا رَبِّ، وكيفَ أُطْعِمُكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: أَمَا عَلِمْتَ أنَّه اسْتَطْعَمَكَ عَبْدِي فُلانٌ، فَلَمْ تُطْعِمْهُ؟ أَمَا عَلِمْتَ أنَّكَ لوْ أطْعَمْتَهُ لَوَجَدْتَ ذلكَ عِندِي، يا ابْنَ آدَمَ، اسْتَسْقَيْتُكَ، فَلَمْ تَسْقِنِي، قالَ: يا رَبِّ، كيفَ أسْقِيكَ وأَنْتَ رَبُّ العالَمِينَ؟! قالَ: اسْتَسْقاكَ عَبْدِي فُلانٌ فَلَمْ تَسْقِهِ، أمَا إنَّكَ لو سَقَيْتَهُ وجَدْتَ ذلكَ عِندِي”.
▪ هل ماتت الضمائر الإنسانية في قلوب البشر وَلم يبقَّ إلا الضمير الإنساني اليمني؟
▪ هل أصبحت عيون البشر لا ترى الطريق الصحيح ولم يعودوا يميزون بين ما هو حق؟ وما هو باطل؟
▪ هل أصبحت المواقف الإنسانية جرماً؟ والمواقف الشيطانية حقاً؟
▪ هل المواقف الإيمانية الحقيقية النابعة من صدق الإنسان وَإخلاصه أصبحت في دائرة الشك وَالمواقف المنافقة هي المواقف التي تحظى بتأييد وَدعم وَمساندة؟
▪ كيف يريدون شكل الضمير الإنساني أسود معتماً قاتماً؟ هل تنزع الضمائر الحية وَتستبدل بضمائر ميتة لا تشعر، لا تحس، لا تتألم؛ ترى مناظر الجوع، العطش، الذبح، القتل، السحل فتكون جامدة، صامتة، قاسية كالحجارة، متوحشة كالحيوانات المفترسة، تائهة كأُولئك التائهون الذين ضلوا عن صراطهم المستقيم، ولو استقاموا لكان لهم كبوصلة إرشاد يبصرهم، يقويهم، يزكيهم، يجعلهم أناساً صالحين ليتخذوا مواقف صحيحة في حياتهم تشرفهم وَتزيد من حسناتهم في الميزان يوم القيامة.
حكمة الله وَسننه تجري في ملكوته، تدبر الأمور حسب تدبيره وحكمته وَعلمه وَملكه؛ ليميز وَيفصل بين المواقف العظيمة التي تتخذ في أهم المواقف التاريخية والمفصلية، والمواقف السيئة التي ليس لها قيمة تذكر، كي لا يختلط الحابل بالنابل، وَتكون المواقف الواضحة وَالمشرفة وَالعملية لأصحابها، يعرفون أمام الله وَرسوله، وَيشهد عليها العالم أجمع؛ فهم “يحبهم وَيحبونه” ينتصرون لأجل القضايا المهمة ولأجل المظلومين والمستضعفين الذين خذلوا فلم يجدوا إلا مواقف اليمن “الحصار بالحصار” فيكتب التاريخ الجديد العظيم بالقلم الناصع البياض من دون كذب أَو تزوير انتصار الحق على الباطل، فهذه حكمة الله ووعده الذي لا يخلف الوعد، من كانوا معه كان معهم وَأيدهم وَنصرهم وعلم ما في قلوبهم من “صدق وَإيمان” قال تعالى: “يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ، وَالَّذِينَ كَفَرُوا فَتَعْسًا لَّهُمْ وَأَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ، ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ”.
ليس الكفار فقط من ستحبط أعمالهم، بل بعضٌ من المسلمين الذين كفروا بآيات الله سيحبط الله أعمالهم ويخُذلون، ويكون نصر المؤمنين الذين آمنوا بالله وَرسوله.