حين يسجد العملاءُ لترامب.. أيُّ زمن هذا؟!

 

علي أحمد الحميضة

أي زمن هذا الذي صرنا نعيش فيه؟ زمن انقلبت فيه الموازين حتى صار الجلاد معبودًا، والمحتلّ وليًّا، والخائن قائدًا، والمخلص عدوًّا! زمن يتفاخر فيه العملاء والمرتزِقة بأعدائهم الذين يغتصبون أرضهم، ويسفكون دماء أطفالهم، ويهدمون أوطانهم! زمن صار فيه طاغية مجنون مثل ترامب إلهًا عندهم، ينتظرون تغريداته كما ينتظر المؤمنون آيات الوحي!

لقد رأيناهم اليوم يحتفون بتغريدة ترامب التي زعم فيها أن “وقت الحوثيين قد انتهى”، وكأنها آية نزلت عليهم من السماء، وكأن كلمات طاغوت العصر أصبحت وعدًا حقًّا لا شك فيه، هؤلاء الذين يصفقون للغزاة، يبتهجون لقتل أبناء جلدتهم، ويستبشرون بدمار وطنهم، ليسوا سوى أدوات رخيصة بيد الاستعمار، باعوا كرامتهم بثمن بخس، وسجدوا على عتبات البيت الأبيض.

 

أين عقولكم؟ أم على قلوب أقفالها؟

أيها المرتزِقة… ألا ترون أنتم من تستنجدون به قد قتل أطفالكم في العراق وسوريا وليبيا وأفغانستان، وأغرق أمتكم في الدم والدمار؟ ألا تعلمون أن من تمدحونه اليوم هو نفسه الذي يقف خلف المجازر في غزة، وهو الذي يبارك إبادة الشعوب؟ أم أنكم مسختم عقولكم ومسحت عنكم كُـلّ بصيرة؟

كيف تستبشرون بأن أمريكا ستضرب وطنكم؟ هل فقدتم إحساسكم بالانتماء حتى أصبحتم جنودًا لأعدائكم؟ هل أصبحتم إلى هذا الحد عبيدًا للقاتل، تصفقون له وهو يسفك دماءكم، ويفتك بأهلكم؟

أما نحن، فنحن رجال الموقف، رجال العقيدة، رجال لا نبيع ديننا ولا نخذل أمتنا، حين وقفنا مع غزة، لم يكن موقفنا مجاملة أَو مصلحة، بل موقف إنسانيّ قبل أن يكون دينيًّا، موقف الفطرة السليمة قبل أن يكون قرارًا سياسيًّا، نحن لم نبع ديننا ولم نؤجر ضمائرنا، ولن نركع لمن أركعكم، ولن نسجد لمن سجدتم له.

 

الضربات لا تهزم المؤمنين:

إن كان ترامب يظن أن قصفه سيكسر إرادتنا، فهو أحمق كمن يظن أن ضرب الحديد بالمطرقة سيذوبه، بينما الحقيقة أن كُـلّ ضربة تزيده صلابة، أما أنتم أيها العملاء، فاعلموا أن التاريخ لن يرحمكم، ولن تكون نهايتكم بأفضل ممن سبقكم من الخونة، الذين رماهم أسيادهم في مزابل التاريخ بعد أن استُهلكوا.

أما نحن، فنحن رجال الله في الأرض، نؤمن بقوله: “إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ” (محمد: 7).

ونحن على يقين أن سنة الله في الأرض لا تتغير، وأن الطغاة إلى زوال، والباطل مهما تعاظم فإن مصيره السقوط، كما سقط الفراعنة والتتار والنازيون، وكما ستسقط أمريكا وإسرائيل وكلّ من والاهم.

 

لا رجوع ولا تراجع:

نحن في اليمن، لن نتراجع ولن نلين، لأن التراجع في معركة الحق خيانة، والخيانة كفر ونفاق، وذنب لا يُغتفر، لن نكون ممن قال الله فيهم: “وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ” (المائدة: 51).

أما أنتم أيها العملاء، فانتظروا مصيركم، فإنه قريب، وإن كنتم اليوم تفرحون بتغريدة من ترامب، فستبكون قريبًا حين تُكتب عليكم لعنة التاريخ، وحين تنتهي أدواركم ويُلقيكم أسيادكم كما يُلقى النعل المهترئ.

أما نحن، فصامدون، ثابتون، مؤمنون بعدالة قضيتنا، ماضون إلى حَيثُ أراد الله لنا أن نكون، أُمَّـة لا تخضع إلا له، ولا تنتظر النصر إلا من عنده…

أيها الخونة والعملاء… إن كان اعتمادكم على ترامب وقوته وجبروته، فاعلموا أنكم تستندون إلى ظل زائل، وقوة واهية، وباطل لا قرار له، إنكم ترتمون في أحضان من قال الله فيهم: “فَلَمَّا جَاءَهُمْ بَأْسُنَا جَعَلْنَاهُمْ حَصِيدًا خَامِدِينَ” (الأعراف: 4).

وإن كنتم تفرحون اليوم بما تظنونه نصرًا لكم، فانتظروا ما قاله الله عن أمثالكم: “إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلَىٰ أَدْبَارِهِم مِّن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَىٰ الشَّيْطَانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَأَمْلَىٰ لَهُمْ” (محمد: 25).

أما نحن، فإننا نسير على طريق الله، ونحن على يقين بوعده الذي لن يتخلف: “إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ الْأَشْهَادُ” (غافر: 51).

نحن الذين قال فينا الله: “وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ” (الصافات: 173).

فابشروا يا أهل اليمن، ويا أحرار الأُمَّــة، فإن النصر وعد الله، والحق غالب، والكفر زائل، والمنافقون إلى هلاك.

أما أنتم أيها العملاء… فتذكروا هذه الآية جيِّدًا، فإنكم ستذوقون مرارتها قريبًا: “وَلَوْ تَرَىٰ إذ الظَّالِمُونَ فِي غَمَرَاتِ الْمَوْتِ وَالْمَلَائِكَةُ بَاسِطُو أَيْدِيهِمْ أَخْرِجُوا أنفسكُمُ، الْيَوْمَ تُجْزَوْنَ عَذَابَ الْهُونِ بِمَا كُنتُمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ غَيْرَ الْحَقِّ وَكُنتُمْ عَنْ آيَاتِهِ تَسْتَكْبِرُونَ” (الأنعام: 93).

أما نحن، فثابتون على الحق، صابرون على البلاء، نعلم أن الله معنا، وأن النصر آتٍ لا محالة، وأن الباطل وإن انتفش، فإنه زائل بإذن الله.

“وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَىٰ أَمْرِهِ وَلَٰكِنَّ أكثر النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ” (يوسف: 21).

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com