واشنطن في مأزق: هل تتحمّل أمريكا كُلفة التصعيد في البحر الأحمر؟

 

محمد عبدالمؤمن الشامي

مع بزوغ فجر الاثنين، وجّهت القوات المسلحة اليمنية صفعةً جديدةً للإدارة الأمريكية، مؤكّـدةً أن اليمن ليس ساحةً مستباحةً، بل قوةٌ إقليميةٌ تفرض قواعدها وتغير موازين الصراع. لم يكن الاستهداف المتكرّر لحاملة الطائرات الأمريكية يو إس إس هاري ترومان مُجَـرّد ردٍّ عابر، بل رسالةٌ استراتيجيةٌ بأن اليمن ماضٍ في تصعيد المواجهة، وأن زمن الهيمنة الأمريكية المطلقة قد انتهى.

 

اليمن يفرض معادلته: الهجوم يتجدد بقوة:

في أقل من 24 ساعة، نفّذت القوات المسلحة اليمنية هجومًا نوعيًّا للمرة الثانية على التوالي ضد حاملة الطائرات الأمريكية في شمال البحر الأحمر، مستخدمةً ترسانةً من الصواريخ الباليستية والمجنحة والطائرات المسيّرة؛ ما أَدَّى إلى اشتباك استمر ساعاتٍ وأجبر الطائرات الحربية الأمريكية على الانسحاب دون تحقيق أهدافها. لم تكن هذه العملية مُجَـرّد استهداف تكتيكي، بل ضربةٌ نوعيةٌ أربكت الحسابات الأمريكية وأثبتت أن اليمن قادرٌ على شلّ قدرة العدوّ على المناورة في ساحة البحر الأحمر الحيوية.

 

كلفة التصعيد: هل تتحملها واشنطن؟

التصعيد العسكري اليمني لم يأتِ كردّ فعلٍ فقط، بل هو جزءٌ من استراتيجيةٍ محسوبةٍ تهدف إلى استنزاف العدوّ وإجباره على مراجعة خياراته. فاستمرار الضربات ضد الأهداف الأمريكية، بالتوازي مع فرض حصارٍ محكمٍ على السفن الإسرائيلية، يعكس قدرة صنعاء على الجمع بين القوة العسكرية والتأثير الجيوسياسي، مما يعمّق الأزمة الأمريكية في المنطقة.

واشنطن اليوم أمام معادلةٍ صعبة: إما الاستمرار في التصعيد ودفع كلفةٍ باهظةٍ من الخسائر العسكرية والسياسية، أَو الإقرار بأن البحر الأحمر لم يعد تحت سيطرتها المطلقة. فكلما زادت الهجمات الأمريكية، جاء الرد اليمني أكثر إيلامًا، ليؤكّـد أن صنعاء لن تتراجع عن حماية سيادتها، ولن تسمح باستمرار العدوان دون ثمنٍ باهظٍ يدفعه العدوّ.

 

اليمن يعيد رسم المشهد الإقليمي:

لم يعد اليمن مُجَـرّد طرفٍ في معادلة الصراع، بل أصبح قوةً قادرةً على فرض إرادتها ومواجهة أعتى الجيوش بأدواتها الخَاصَّة. عمليات البحر الأحمر ليست مُجَـرّد معارك بحرية، بل هي امتداد لمواجهةٍ استراتيجيةٍ تهدف إلى كسر الهيمنة الأمريكية وإعادة رسم خارطة النفوذ في المنطقة.

إن ما ينجزه اليمنيون اليوم ليس مُجَـرّد مواجهةٍ مؤقتة، بل هو تأكيدٌ على أن شعبًا يرفض الخضوع قادرٌ على تغيير المعادلات، حتى في مواجهة أعظم القوى العسكرية. وبينما تواصل واشنطن اختبار خياراتها في البحر الأحمر، يبقى السؤال الأهم:

هل تستطيع أمريكا تحمل كلفة استمرار المواجهة؟ أم أن اليمن، بعزيمته وإرادته، سيدفعها إلى الاعتراف بأن زمن الهيمنة قد ولّى؟

اليمن باقٍ… والمعتدون إلى زوال.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com