ازدواجيةُ المعايير
المعتصم محمد العزب
يُبرز المشهد الدولي الحالي ازدواجيةً مُقلقة في التعاطف الدولي، وفي التعامل مع القضايا الإنسانية؛ فبينما نرى العالم الغربي يتحَرّك بسرعة وفاعلية غير مسبوقة لحل أزمة أوكرانيا، نجد العالم العربي غارقًا في صمتٍ مدوٍّ أمام معاناة الشعب الفلسطيني، وكأن قضية فلسطين، قضية الأُمَّــة قد طُويت صفحاتها.
مِن أجلِ أوكرانيا نلحظ تحَرّكًا دوليًّا سريعًا، وتدفقًا هائلًا للمساعدات ومليارات الدولارات دعماً لها، وتنسيقًا عسكريًّا ودبلوماسيًّا واسع النطاق، وتُغطي الأزمة بشكل مكثّـف في وسائل الإعلام العالمية؛ مِن أجلِ إنهاء الصراع.
وما يجعلني أتفرج بتفكير عميق هو أن السعوديّة من تسعى بكل جهودها لحل تلك الأزمة وإنهاء الصراع، ونراها مع قضايانا قضية كُـلّ عربي حر في سباتها العميق، ناهيك عن تحريضها للعدو الإسرائيلي على مقاومة فلسطين.
هذا التحَرّك، وإن كان له دوافعه الخَاصَّة، إلا أنه يُبرز حجم التعاطف الدولي، وقدرة المجتمع الدولي على التحَرّك السريع والفعال عندما يتعلق الأمر بقضية أوكرانيا؛ لأَنَّهم منهم وغير مسلمين.
أما في فلسطين، فالقصة مختلفة تمامًا؛ فقد طال أمد معاناة الشعب الفلسطيني، وتكرّرت جرائم الاحتلال الإسرائيلي، دون أن يتحَرّك العالم العربي، أَو حتى جزءاً منه، بالشكل المطلوب، تُتجاهل القضية الفلسطينية، أَو تُغطى بشكلٍ سطحي، وتُتخذ مواقف متردّدة، بل وحتى متخاذلة، تُطلق الوعود، وتُصدر البيانات، ولكن لا يتبع ذلك أي تحَرّك جاد وفعال على أرض الواقع.
هذا التناقض الصارخ في المواقف يُثير تساؤلاتٍ عميقة حول معايير التعاطف الدولي، وحقيقة الالتزام بالقيم الإنسانية؛ فهل أن حياة أوكراني أغلى من حياة فلسطيني؟ هل أن معاناة شعب أوكرانيا أكثر إيلامًا من معاناة شعب فلسطين؟ الجواب، بكل تأكيد، هو لا.
إن ما يُلاحظ هو ازدواجية المعايير، وغياب العدالة الدولية، وتأثير المصالح السياسية على المواقف الدولية، العالم العربي، الذي يمتلك تاريخًا عريقًا، وقوة اقتصادية كبيرة، يُظهر ضعفًا مُذهلًا في مواجهة القضية الفلسطينية، يُسيطر الخوف والتردّد على قراراته، ويُفضل الصمت على المواجهة.
وكم هو مؤسف أن نسمع من بعض الأصوات العربية، تلك الأصوات التي تُبرّر التخاذل والتهرب من مسؤولية نصرة فلسطين، بحجّـة الحفاظ على المصالح الضيقة، أَو الخوف من “دائرة الصراع”.
إن هذا الصمت، هذا الذل، هو الذي يُسيطر على المنافقين، الذين يخشون مواجهة قوى الشر، ويُفضلون الرضوخ لها.
قضية فلسطين ليست قضية شعبٍ واحد، بل هي قضية أُمَّـة بأكملها، إنها قضية الحق والعدل، وقضية الكرامة الإنسانية، إنها قضية يجب أن تُوحّد العالم العربي، وتحَرّكه للعمل الجاد والفعال؛ مِن أجلِ إنهاء الاحتلال، وإقامة دولة فلسطينية مستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
إن الصمت والتهرب من هذه القضية يُمثل خيانةً للأُمَّـة، وخيانةً للتاريخ، وخيانةً للقيم الإسلامية السامية، وأناديكم بنداء الإسلام فلنكن عند حسن ظن الله فينا، ولنُظهر للعالم أجمع أننا لسنا أُمَّـة ضعيفةً متخاذلة، بل أُمَّـة قوية، مؤمنة، قادرة على نصرة الحق والعدل، مهما كلف الأمر، فلتتعلموا من اليمن وقائدنا الحر، ولنُظهر للعالم أجمع أننا لسنا أُمَّـة ضعيفةً متخاذلة، بل أُمَّـة قوية، مؤمنة، قادرة على نصرة الحق والعدل، مهما كلف الأمر.