التضامن العربي قوةٌ في مواجهة التحديات

 

صالح القحم

في عالم يموج بالصراعات والتحديات، تبقى قضية فلسطين واحدة من أبرز القضايا التي تثير مشاعر التضامن والتعاطف بين الشعوب العربية. هذه القضية التاريخية ليست مُجَـرّد مسألة سياسية، بل هي جزء من الهُوية العربية وثقافتها. وجاء من أقصى اليمن رجلٌ اسمه السيد عبد الملك الحوثي، ليعبر عن هموم الأُمَّــة العربية تجاه غزة، تلك البقعة من الأرض التي تحمل في طياتها آلام ومعاناة أهلها.

تتردّد في أذهاننا كلمات السيد القائد عبد الملك الحوثي يحفظه الله: “لستم وحدكم، أتتركون غزة وحيدة؟” فهذه العبارة ليست مُجَـرّد دعوة للتضامن، بل هي نداء للضمير العربي. فغزة ليست فقط جزءًا من الجغرافيا، بل هي رمز للمقاومة والصمود في وجه الظلم. إن ما يحدث هناك يذكرنا بالأخوة التي تجمعنا كعرب، ويؤكّـد لنا أن معاناة الفلسطينيين هي معاناة لكل عربي.

في هذا السياق، يظهر الموقف اليمني بشكل واضح، حَيثُ لم يكتفِ اليمن بإصدار التصريحات والإدانات، بل اتخذ خطوات عملية لنصرة القضية الفلسطينية. فالبلاد اليوم تضحي؛ مِن أجلِ غزة، حَيثُ تساهم في دعمها ليس فقط بالقول، بل أَيْـضًا بالفعل. لقد أرسلت اليمن صواريخ وطائرات مسيرة إلى الكيان الإسرائيلي، كرسالة قوية تعبر عن التضامن الفعلي مع الشعب الفلسطيني ورفض الاحتلال. إن هذا الموقف يعكس الإرادَة اليمنية القوية في الدفاع عن القضايا العربية، ويعزز من روح المقاومة.

علاوة على ذلك، نجد أن اليمن اليوم يلعب دورًا هامًا في مواجهة الهيمنة الأمريكية في المنطقة. فقد أظهر اليمن قوة عسكرية مؤثرة من خلال قصف البارجات الأمريكية، مما جعلها هدفًا للقوة الصاروخية اليمنية. هذه الخطوات تعكس عزم اليمن على مقاومة القوى الكبرى، وتثبت أنها الدولة العربية الأولى التي تضرب أمريكا فعليًّا، مما يجعلها أمام العالم تبدو ضعيفة وهشة. إن هذه الإجراءات تعكس تصميم اليمن على عدم وجود خطوط حمراء في مواجهة الظلم والاحتلال.

إن التحديات التي تواجه الأُمَّــة العربية ليست جديدة، ولكنها تتطلب اليوم أكثر من أي وقت مضى وحدة الصف. تتعدد الآراء وتختلف، ولكن في لحظات المحن، يجب أن نتذكر أن الوحدة هي السبيل الوحيد لتحقيق الأمل. فقد قالت الأعراب: “لا طاقة لنا بأمريكا وإسرائيل”، وهو اعتراف بالواقع الصعب، لكنه لا يجب أن يكون مبرّرا للتقاعس. بل يجب أن يكون دافعًا للعمل والتضامن، فالتاريخ يعلمنا أن الشعوب عندما تتحد، تكون قادرة على مواجهة أقوى التحديات.

إن التضامن العربي ليس مُجَـرّد شعارات، بل هو أفعال ومواقف تتطلب منا جميعًا العمل معًا؛ مِن أجلِ نصرة القضايا العادلة. فالتاريخ مليء بالأمثلة على كيفية تأثير الوحدة في تحقيق التغيير. لقد شهدنا في الماضي كيف تمكّنت الدول العربية من الاتّحاد في مواجهة الاستعمار، وكيف أسفرت تلك الوحدة عن انتصارات تاريخية.

لكن التضامن العربي اليوم يواجه تحديات كبيرة، منها الانقسامات السياسية والاختلافات الثقافية. ومع ذلك، تبقى الفرصة سانحة لإعادة بناء هذه الروابط وتعزيزها. يمكن أن نبدأ من خلال تعزيز الحوار بين الدول العربية، وتبادل المعرفة والخبرات، ودعم المشاريع المشتركة التي تعود بالنفع على جميع الأطراف. يجب أَيْـضًا على الإعلام العربي أن يلعب دورًا فعالًا في نشر الوعي وتعزيز القيم المشتركة.

في عصر العولمة، أصبح لدينا أدوات جديدة لتعزيز التضامن العربي. يمكن استخدام وسائل التواصل الاجتماعي لنشر الرسائل الداعمة للقضية الفلسطينية وتعزيز الوعي بين الشباب العربي. تعتبر هذه المنصات وسيلة فعالة لتوحيد الجهود وتعزيز التضامن بين الأجيال الجديدة.

في النهاية، فَــإنَّ كلمات السيد القائد عبد الملك الحوثي يحفظه الله تذكرنا بالدعاء: “ربنا أفرغ علينا صبرًا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين. ” إن هذا الدعاء يلخص آمالنا وتطلعاتنا لمستقبل أفضل، حَيثُ يتعزز التضامن العربي ويقف الجميع صفًا واحدًا في مواجهة الظلم.

لنستمر في تعزيز القيم العربية الأصيلة التي تجمعنا، ولنكن جميعًا جزءًا من هذه الحركة. إن صوتنا هو قوتنا، وعلينا أن نستخدمه لدفع الأمور نحو التغيير الإيجابي ودعم القضايا العادلة. لنقف جميعًا مع غزة ومع كُـلّ القضايا التي تهم أمتنا، ولنجعل من التضامن واقعًا ملموسًا يعود بالنفع على الجميع.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com