تهمةُ “الإيرانية” سلاحٌ لإخراس المقاومة وتبرير التطبيع
شاهر أحمد عمير
في السنوات الأخيرة، برز خطاب إعلامي يسعى إلى إعادة تعريف المفاهيم الأَسَاسية في العالم العربي، حَيثُ أصبحت المقاومة تهمة، والانتماء لقضايا الأُمَّــة محل تشكيك. إحدى أبرز أدوات هذا الخطاب هي اتّهام كُـلّ من يدافع عن القضية الفلسطينية أَو يقف مع المقاومة اللبنانية واليمنية بأنه “إيراني”، في محاولة لإخراس الأصوات الحرة وتبرير الانخراط في المشروع الصهيوني تحت غطاء “العروبة الجديدة”.
التهمة الجاهزة سلاحٌ لإسكات الأحرار:
الترويج لفكرة أن دعم المقاومة يعني “التبعية لإيران” ليس عفويًّا، بل هو جزء من مشروع متكامل لإعادة صياغة العدوّ في الوعي العربي، بحيث تتحول “إسرائيل” من كيان محتلّ إلى “حليف استراتيجي”، فيما يصبح المقاومون “خارجين عن الصف العربي”. الهدف من هذا التضليل هو دفع المجتمعات العربية إلى تقبل التطبيع والارتهان للمشروع الأمريكي والصهيوني دون مقاومة.
هذه السياسة تعتمد على ترويج الخوف من “الخطر الإيراني” كأدَاة لإشغال الشعوب عن القضية الفلسطينية، وتشويه كُـلّ من يرفض الانخراط في مخطّط التطبيع. يتم تسويق هذه التهمة في الإعلام الخليجي الممول، حَيثُ تستضاف شخصيات تدعي الدفاع عن “العروبة” بينما تبرّر التحالف مع الاحتلال الصهيوني وتهاجم فصائل المقاومة.
السيد عبدالملك الحوثي: العروبة الحقيقية مقاومة
في هذا السياق، كان للسيد عبدالملك بدر الدين الحوثي، حفظه الله، موقف واضح، إذ أكّـد أن العروبة لا تُقاس بمدى الولاء لأمريكا و”إسرائيل”، بل تُقاس بالموقف من القضية الفلسطينية، والتمسك بالحقوق والسيادة والكرامة. العروبة ليست مُجَـرّد هوية ثقافية، بل موقف عملي تجاه الاحتلال والاستعمار، ومن يدافع عن الأُمَّــة هو العربي الأصيل، بينما من يتحالف مع الصهاينة لا يمكن أن يكون إلا خائنًا مهما ادعى العروبة.
إعادة تعريف العروبة لخدمة التطبيع:
الدعاية التي تصور المقاومة كحركة “إيرانية” ليست مُجَـرّد هجوم سياسي، بل هي مشروع لضرب الهوية العربية والإسلامية، بحيث يصبح التطبيع مع “إسرائيل” جزءًا من “الانفتاح”، بينما يصبح التصدي للمحتلّ “عمالة”. هذه الاستراتيجية تهدف إلى كيّ وعي الشعوب حتى تتقبل تدريجيًّا التحالف مع العدوّ، وتعتبر كُـلّ من يرفضه غريبًا أَو متطرفًا.
لكن، ورغم كُـلّ هذه المحاولات، فَــإنَّ الشعوب العربية لم تنخدع بهذه الدعاية الرخيصة. فاليوم، نرى الملايين في العواصم العربية تهتف لفلسطين وللمقاومة، رغم كُـلّ محاولات التشويه. فالموقف من العدوّ الصهيوني هو المحك الحقيقي للعروبة، ومن يريد إعادة تعريف العروبة بعيدًا عن فلسطين، فهو ليس سوى أدَاة رخيصة في يد المحتلّ.
التاريخ لا يرحم الخونة:
رغم الحملات الإعلامية والسياسية، فَــإنَّ الحقائق تبقى واضحة: العروبة الحقيقية تقف مع المقاومة، ولا يمكن أن تكون العروبة مبرّرًا للتحالف مع الاحتلال. الذين يسعون إلى تزييف المفاهيم لن يجدوا لهم مكانًا في المستقبل؛ لأَنَّ الشعوب لا تنسى من وقف معها، ولا من خانها. وكما سقط العملاء والخونة في مزبلة التاريخ، فَــإنَّ من يحاولون تسويق الاحتلال كحليف سيلقون المصير ذاته.