تداعيات الفشل وتكاليف الاستنزاف تحاصر العدوّ الصهيوني وأمريكا في مواجهة اليمن

– اليمنيون يجبرون “إسرائيل” على دفع ثمن قرار استئناف الحرب

– إدارة ترامب تحاول خداع الدول العربية بتقديم حملتها ضد اليمن تحت عنوان “حماية الملاحة”

– الولايات المتحدة تخسر تكاليف ضخمة ومع ذلك لا تنجح حتى في تأمين مرور سفنها

 

المسيرة | خاص:

لا زالت دلائلُ الفشل الأمريكي المُستمرّ للعدوان على اليمن تتصاعدُ؛ كاشفةً عن مأزِقٍ كبيرٍ تعيشُه الولاياتُ المتحدة والكيانُ الصهيوني فيما يتعلَّقُ بالتعامُلِ مع الضغط الكبير الذي تمارسُه الجبهةُ اليمنية، حَيثُ أكّـدت تقاريرُ عبريةٌ جديدة أن اليمن يجبرُ كيانَ العدوّ على دفعِ ثمنٍ كبيرٍ لقرار استئناف العدوان على غزة، وأن إدارة ترامب تتخبط في محاولة الخروج من واقع العجز عن تغيير هذا الواقع، من خلال العناوين الدعائية.

إعلان القوات المسلحة، الثلاثاء، عن إطلاق صاروخين من نوع (فلسطين2) و (ذو الفقار) على مطار بن “غوريون” التابع للعدو، واستهداف حاملة الطائرات الأمريكية (ترومان) والقطع الحربية التابعة لها، مثل دليلًا عمليًّا جديدًا على أن العدوان الأمريكي ضد اليمن لم يفشل فحسب في التأثير على جاهزية القوات المسلحة وقرار الاستمرار بمساندة غزة مع التصدي للبحرية الأمريكية، بل فشل أَيْـضًا في منع تصاعد وتيرة العمليات اليمنية، حَيثُ يمثل إطلاق صاروخين على المطار في وقت واحد تطورا عملياتيًّا جديدًا يكشفُ تنوُّع خيارات التصعيد لدى القوات المسلحة اليمنية بما يضمن المضي في ترسيخ معادلة تعطيل حركة الملاحة الجوية للمطار، وهو ما اعترف الإعلام العبري بنجاحه، حَيثُ أوضح أن حوالي 8 رحلات جوية تم إجبارُها على التحليق في الأجواء وعدم الهبوط في المطار بالتزامن مع الهجوم اليمني.

وعلى وقع هذا التطور، نشرت صحيفة “ذا ماركر” الاقتصادية العبرية تقريرًا أكّـدت فيه أن اليمنيين “يصرون على أن تدفع (إسرائيل) ثمن قرارها باستئناف القتال” مشيرة إلى أن الضربات اليمنية الأخيرة “وضعت حَدًّا للشعور بانتهاء الحرب” وَ”أعادت إلى حياة الإسرائيليين عواءَ صفارات الإنذار والركض إلى الملاجئ والسلالم” كما “أجبرت الرحلات الجوية على تأخير هبوطها، ودفعت نتنياهو إلى التخلي عن الجلسة الكاملة في الكنيست؛ مِن أجلِ الوصول إلى منطقة محمية”.

وفي اعترافٍ واضحٍ بالعجز عن التعامل مع الصواريخ اليمنية، نقلت الصحيفة عن الباحث في معهد الأمن القومي الصهيوني، جوشوا كاليسكي، قوله: إن “الخوف من عدم النجاح في اعتراض الصواريخ اليمنية هو السبب وراء لجوء نصف الإسرائيليين إلى الملاجئ” مُشيرًا إلى أن اعتراض هذه الصواريخ في مرحلة المناورة يكون صعبًا، وبالتالي تلجأُ الجبهةُ الداخلية للعدو إلى إطلاق صافرات الإنذار في مناطقَ واسعةٍ خشيةً من وصول الصاروخ الذي قال وصفه بأنه “صاروخ قاتل يحمل 500 كيلوغرام من المتفجرات”.

وأوضحت الصحيفة أن قرار إطلاق صافرات الإنذار في مناطق واسعة جاء بعد أن تمكّنت صواريخ يمنية من تجاوز الدفاعات الجوية، في الأشهر الماضية.

وبحسب الصحيفة فَــإنَّ حجم التهديد الذي تمثله الضربات اليمنية لا يقتصر على “تعطيل الحياة اليومية” لقطعان المغتصبين الصهاينة، من خلال إجبارهم على الهروب إلى الملاجئ بالملايين، بل يشمل أَيْـضًا استنزاف الدفاعات الجوية للعدو، حَيثُ أشار الباحث الصهيوني إلى أن “تكلفة الصواريخ الدفاعية أعلى بكثير من تكلفة الصواريخ الهجومية” لافتًا إلى أن صواريخ منظومة “السهم” التي يستخدمها العدوّ تكلف حوالي 3 ملايين دولار لكل صاروخ.

وقال الباحث الصهيوني: “عندما يطلق اليمنيون صاروخًا واحدًا أَو اثنين يوميًّا، فَــإنَّهم يديرون اقتصادَ السلاح، بحيث يدفعوننا إلى الجنون”، وأكّـدت الصحيفة أنه “لا جدوى من انتظار نفاد هذه الصواريخ”.

وأشَارَ التقرير إلى أن “الإحباط الناجم عن عدم القدرة على التعامل مع هذا التهديد تشمل الأمريكيين أيضا”، حَيثُ نقلت الصحيفة العبرية عن رئيس معهد بحوث السياسَة والاستراتيجية البحرية التابع للعدو، شاؤول حوريف، قوله: إن “الأمريكيين أنفقوا حتى الآن نحو مليار دولار على اعتراض الصواريخ اليمنية فقط، وينفقون 2-3 ملايين دولار على اعتراض كُـلّ صاروخ، ومع ذلك يتمكّنوا من ضمان حرية الملاحة لسفنهم”.

وَأَضَـافَ أن “الأموال التي أنفقها الأمريكيون على عمليات الاعتراض لا تُمثل سوى جزء ضئيل من إجمالي الضرر الذي يتم إلحاقه بالولايات المتحدة تحديدًا؛ فرأس المال الذي استثمره الأمريكيون في نقل القوات العسكرية إلى منطقة الخليج، يفوق ذلك بعدة أضعاف” حسب وصفه.

ويشير هذا الاعترافُ الواضحُ بـ “الإحباط” إلى انهيار سريع لكل الآمال المعلقة على العدوان الأمريكي ضد اليمن، وإلى قدرة القوات المسلحة اليمنية على إعادة كيان العدوّ بشكل فوري إلى مأزق العجز عن التعامل مع الضغط الأمني والاقتصادي للجبهة اليمنية الذي كان له تأثيرٌ كبيرٌ على موقف العدوّ من غزة في المرحلة التي سبقت وقف إطلاق النار في غزة.

وقد دفعت حالة “الإحباط” التي يشعر بها كيان العدوّ إلى فضح الاستراتيجية الإعلامية لإدارة ترامب في العدوان على اليمن، حَيثُ كشفت صحيفة “معاريف” العبرية الاثنين، أن الإدارة الأمريكية الجديدة تحاول تقديم عدوانها على اليمن تحت عنوان “حماية الملاحة الأمريكية”؛ بهَدفِ “إبعاد (إسرائيل) عن المشهد” وذلك؛ مِن أجلِ “حشد الدعم الإقليمي” للحملة الأمريكية التي فشلت إدارة بايدن في “تجنيد الدول العربية” ضمنها؛ تجنُّبًا للظهور بمظهر الداعم للكيان الصهيوني.

ويشير هذا الاعتراف إلى أن العدوّ الصهيوني قد وصل إلى حالة يأس من نجاح الاستراتيجية الأمريكية، وبالتالي لم يعد مقتنعًا بالحاجة حتى لتعزيز الرواية الأمريكية المضلِّلة التي تهدفُ لإخفاء الهدف الحقيقي من العدوان على اليمن، طالما أنه لم يعد هناك أفقٌ لتحقيق ذلك الهدف أصلًا.

وتشبهُ هذه الحالة ما كان يعيشُه العدوّ الصهيوني قبل وقف إطلاق النار في غزة فيما يتعلق بالتعامل مع الجبهة اليمنية، فبرغم التهديداتِ الإعلامية، واللجوء إلى الانخراط بشكل مباشر في الانخراط على اليمن، لم يكن العدوّ وقتها قادرًا على السيطرة على إحداث أي فرق، أَو حتى وقف سيل الاعترافات بالعجز التام وبالمأزق الاستراتيجي الذي تمثله الجبهة اليمنية، وهو الأمر الذي ساهم في النهاية في خلقِ قناعةٍ لدى العدوّ بضرورةِ وقفِ إطلاق النار في غزة لتجنب تفاقم الأمور.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com