يوم القدس.. معركة وعي في مواجهة المشروع الصهيوأمريكي
عبدالحكيم عامر
يوم القدس العالمي محطة جهادية، وصرخة في وجه الظلم والاستكبار العالمي، ويوم تعبئة عامة للأُمَّـة الإسلامية في مواجهة المشروع الصهيوني الأمريكي الذي يسعى لطمس هُــوِيَّة الأُمَّــة وسلب مقدساتها، أصبح هذا اليوم سلاحًا استراتيجيًّا لإحياء قضية فلسطين، وتثبيت الهُــوِيَّة الإسلامية للأقصى، وتذكير الأُمَّــة بمسؤوليتها تجاه مقدساتها ومظلومية شعبها.
يوم القدس.. تصعيدٌ للوعي وتثبيتٌ للموقف
أراد الأعداء تغييب القضية الفلسطينية من الوجدان الإسلامي والعربي، وحرف بوصلة الصراع نحو معارك داخلية تخدم المصالح الصهيونية والغربية، مستغلين الأنظمة العميلة وأدوات الإعلام المضلل لصرف اهتمام الشعوب عن العدوّ الحقيقي، لكن يوم القدس العالمي أعاد توجيه الأنظار نحو القضية المركزية، وجعل من فلسطين محور الصراع بين المستضعفين والمستكبرين، إن القضية هي معركة الأُمَّــة جمعاء؛ لأَنَّ الكيان الصهيوني لا يمثل مُجَـرّد احتلال استيطاني، بل هو رأس الحربة في مشروع استعماري يهدّد الأُمَّــة الإسلامية بأكملها.
يوم القدس ومعركة الهُــوِيَّة الإسلامية
يواجه المشروع الصهيوني مقاومة شرسة من محور المقاومة في المنطقة، لكنه في الوقت نفسه يحظى بحماية ودعم غير محدود من قوى الاستكبار العالمي، التي تسعى لإخضاع الشعوب الإسلامية وإجبارها على القبول بالأمر الواقع، عبر الضغط السياسي والاقتصادي والعسكري، ولكن الأخطر من ذلك، هو ما يقوم به الأعداء من محاولات حثيثة لحرف البوصلة الإسلامية، عبر ترويج إسلام مشوه، يتخلى عن قضية فلسطين، ويروج للاستسلام والركون للطغاة.
لقد عملت الدول الغربية طوال العقود الماضية على تطويع بعض الأنظمة العربية لتكون أدوات طيّعة في يد المشروع الصهيوني، فشاهدنا كيف تحولت دولٌ إلى حلفاء للاحتلال، وصارت تخدم أجندته علنًا، بعد أن كانت تمارس الخيانة في الخفاء.
إن إحياء يوم القدس العالمي يمثل ردًا مباشرًا على هذه المحاولات، ويعيد تصحيح مسار الصحوة الإسلامية، عبر التأكيد على أن الإسلام الحقيقي هو الإسلام الجهادي والمقاوم، الذي لا يهادن الظالمين، ولا يقبل بالهيمنة الغربية، ولا يعترف بشرعية الكيان الصهيوني.
اليمن.. في طليعة المواجهة والموقف الاستثنائي
يتميز الموقف اليمني عن غيره من المواقف العربية والإسلامية، فهو لم يقتصر على الخطاب السياسي أَو الفعاليات الرمزية، بل تُرجم إلى خطوات عملية في مواجهة الكيان الصهيوني وأدواته في المنطقة. فقرار منع السفن المتجهة إلى الموانئ الإسرائيلية من العبور في البحر الأحمر لم يكن مُجَـرّد موقف احتجاجي، بل كان إعلانا واضحًا بأن اليمن اليوم بات لاعبًا رئيسيًّا في معركة تحرير فلسطين، مقدمًا نموذجًا متقدمًا من المقاومة التي تتجاوز البيانات إلى الفعل المباشر.
إن الموقف الشعبي اليمني هو انعكاس لهذا الالتزام الجهادي؛ فالمسيرات المليونية التي تخرج في كُـلّ عام، تؤكّـد أن فلسطين قضية ثابتة في وجدان الشعب اليمني، الذي يرى أن المعركة ضد الصهيونية هي جزء من معركته ضد قوى الاستكبار العالمي.
ولا ننسى أن اليمن، رغم العدوان والحصار، كان في مقدمة الدول التي وقفت ضد التطبيع، وأفشلت مؤامرة “صفقة القرن”، في وقت خنعت فيه أنظمة عربية وهرولت للتطبيع.
إن المسيرات المليونية التي في صنعاء وغيرها من المحافظات اليمنية رسالة واضحة للعالم، بأن فلسطين لا تباع ولا تُشترى، وأن الشعب اليمني، رغم معاناته، لم يتخل عن قضيته المركزية، بل زاد إصراره على نصرة الأقصى والمقدسات الإسلامية.
يوم القدس العالمي هو رسالة عالمية للصراع الحتمي ضد الاحتلال الصهيوني
إن معركة فلسطين لم تعد مقتصرة على الفلسطينيين وحدهم، بل أصبحت معركة تحرّر عالمي بين محور المقاومة وأحرار العالم من جهة، وبين منظومة الاستكبار الصهيو-أمريكي من جهة أُخرى.
إنها رسالة واضحة بأن تحرير فلسطين ليس مسؤولية الفلسطينيين وحدهم، بل مسؤولية الأُمَّــة الإسلامية كلها، وأن المعركة ليست معركة أرض فقط، بل هي معركة إسلامية وهُــوِيَّة، ومعركة وجود في مواجهة مشروع استعماري غربي متكامل.
يوم القدس هو دعوة لكل الشعوب الحرة للمشاركة في هذا الصراع؛ لأَنَّه صراع عالمي بين الحق والباطل، بين الحرية والاستعباد، وبين المقاومة والمطبعين الخانعين.
في الأخير، يوم القدس العالمي هو محطة متجددة لتجديد العهد، واستنهاض الهمم، وتعزيز الجهاد، وترسيخ اليقين بحتمية الانتصار، مهما طال الزمن ومهما تكالب الأعداء.
إنها معركة بين الحق والباطل، وبين الحرية والاستعباد، وبين أُمَّـة تريد استعادة عزتها، وأعداء يريدون إدامة احتلالهم وظلمهم، والمستقبل لمن ينحاز لقيم الحرية والكرامة والمقاومة.
في هذا اليوم، نقول للعالم أجمع: فلسطين ليست للبيع، والقدس ليست للمساومة، والمقاومة خيارنا حتى النصر، وكما سقطت مشاريع الاستعمار السابقة، فَــإنَّ الاحتلال الصهيوني مصيره السقوط، طالما أن هناك أحرارًا يرفعون راية الجهاد، ويؤمنون بأن النصر وعد إلهي لا يتخلف.