صمودٌ يُشبهُ الخيال

 

محمد يحيى فطيرة

حين تفتحُ صفحات التاريخ وتبحثُ عن أُسطورةٍ كُتبت بمدادِ الدم والتضحيات لن تجد أعظم من حكايةِ أهل غزة صمودٌ يُشبهُ الخيال لكنه واقعٌ لا يُنكَر عامٌ ونصفٌ من القهرِ والحصارِ والعدوان عامٌ ونصفٌ من القصفِ والدمار والمجازر ولكن غزة لم تنحنِ لم تستسلم ولم تتراجع رغم الأسلحة الفتاكة والصواريخ الحارقة بقيت غزة واقفةً كالنخيل في وجه العاصفة كالجبل أمام الطوفان.

في كُـلّ زاويةٍ قصةُ شهيدٍ حفر اسمه في الأرض والسماء في كُـلّ بيتٍ وجعُ فراقٍ ودمعةُ أم على وليدها في كُـلّ شارعٍ صوتُ تكبيرٍ يزلزل الاحتلال في كُـلّ حارةٍ مقاتلٌ ينفضُ الغبارَ عن بندقيته ويواجه الموت بصدرٍ عارٍ غزة التي ظنّ العدوّ أنها ستنهارُ خلال أَيَّـام صارت مقبرةً لأحلامه تحطمت خططه على صخرةِ الإرادَة التي لا تلين.

عامٌ ونصفٌ وعيونُ العالمِ تراقبُ بدهشةٍ كيف لم تُهزم غزة كيف لم تستسلم كيف بقيت صامدةً رغم المجازرِ والتجويع والإبادة كيف ظلّ رجالها يقاتلون بلا كلل ونساؤها يصنعن من الآلام قوةً ومن الأحزان صلابةً كيف بقي أطفالها رغم الدماء يبتسمون وكأنهم يردّدون للعالم كله لن ننكسر.

ليس هناك تفسيرٌ لهذا الصمودِ إلا الإيمانُ العميق بالله والثقةُ المطلقةُ بأن النصر قادمٌ لا محالة ليس هناك سرٌّ سوى أن غزة تعرفُ أن الأرض لنا وأن الحقّ معنا وأن العدوّ مهما طغى فَــإنَّه زائلٌ كما زال كُـلّ الطغاة من قبل عامٌ ونصفٌ أثبتت فيه غزة للعالم كله أن الأوطان لا تُحرّر بالمفاوضاتِ ولا بالاستسلام بل بالصبرِ والثباتِ والتضحية وأن من يمتلك الإرادَة يمتلك النصر.

غزة اليوم ليست مُجَـرّد مدينةٍ تُحاصرها الآلةُ الحربيةُ الصهيونية غزة اليوم صارت رمزًا للحريةِ والعزة مدرسةً للأجيال القادمة تُعلمهم أن الكرامةَ لا تُشترى وأن الحقوقَ لا تُوهب بل تُنتزع غزة اليوم ليست وحدها فقلوب الأحرار في كُـلّ العالم تنبضُ بها وأصوات الشرفاءِ تهتفُ لنُصرتها وما النصرُ إلا صبرُ ساعة وإن غدًا لناظره قريب.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com