المخطّط البديل: حين فشلت النار لجأوا إلى الفتنة

 

عبد الغني حجي

رغم كُـلّ الدعم الدولي الهائل، ورغم الترسانة العسكرية المتقدمة التي تمتلكها أمريكا و(إسرائيل)، فشل العدوان في تحقيق أيٍّ من أهدافه في غزة أَو لبنان أَو اليمن، لم تنحنِ غزة، ولم تركع لبنان، ولم تتوقف اليمن عن استهداف العمق الإسرائيلي، ولم يُفتح باب المندب أمام السفن الإسرائيلية، وأمام هذا الفشل الذريع، بدأت تتضح معالم الهزيمة الاستراتيجية للمشروع الصهيو-أمريكي في المنطقة.

وحين عجزت النيران عن كسر إرادَة الشعوب الحرة، وعلى رأسها شعب غزة الصامد، لجأ العدوّ إلى خطة أكثر خبثًا وتدميرًا: الفتنة، ضمن بدائل مدروسة بعناية، تستهدف النسيج الداخلي من خلال الطائفية والمذهبية والتشكيك بالمقاومة والانقسام الفصائلي والمناطقي، في محاولة لضرب الحاضنة الشعبيّة للمقاومة، وتمزيق صفها من الداخل وتحويل الأنظار عن العدوّ الحقيقي.

وفي هذا السياق، برزت الأصوات المأجورة من داخل البيت العربي ذاته، إعلاميون ونشطاء وسياسيون لم يكتفوا بالصمت، بل اختاروا الاصطفاف مع الجلاد ضد الضحية، ومع المحتلّ ضد المقاوم، ينشطون في ترويج الرواية الصهيونية، يشيطنون المقاومة، يدعون إلى التطبيع والاستسلام، ويزايدون على دماء الأبرياء في غزة واليمن ولبنان، أُولئك الذين باعوا ضمائرهم على شاشات الفضائيات، صاروا أبواقا تحرض على الفتنة وتمهد الطريق للتدخل الأجنبي، بدلًا عن أن يقفوا إلى جانب شعوبهم المظلومة.

أما الإعلام العربي الرسمي، أَو ما تبقى منه، فقد تحول إلى أدَاة فاعلة في يد الاحتلال، بدلًا عن أن يكون صوت الأُمَّــة ولسان حال المظلومين، بات مروجًا لأكاذيب العدوّ، مسوّقًا لروايته، حاصر الأصوات الحرة، وروّج للوجوه المتصهينة التي لا تمثل شعوبها بل تمثل مصالح أسيادها في واشنطن وتل أبيب.

لكن، هل ستنجح هذه المؤامرة؟

الجواب: لا.

هذه ليست أول مرة يُستخدم فيها هذا السلاح لقد جُرب من قبل في العراق وسوريا ولبنان واليمن، وفي كُـلّ مرة ارتد على أصحابه، والمقاومة في غزة اليوم أكثر وعيًا ونضجًا وخبرة، والشعوب التي اعتادت الصمود تحت القصف، لن تُخدع بكلمات الفتنة ولا بصرخات العملاء، وَمن عجز عن كسر إرادَة الشعوب بالصواريخ، لن يفلح في تدميرها عبر أدواته الإعلامية أَو نشطائه المأجورين.

وإلى أُولئك الذين باعوا ضمائرهم وتاجروا بدماء الأبرياء، إلى المطبِّعين الذين يرقصون على أنقاض غزة، إلى الإعلاميين الذين استبدلوا المبدأ بالمال، إلى النشطاء الذين خانوا قضايا أمتهم:

أنتم إلى مزبلة التاريخ، ستفشلون كما فشلت طائراتكم، وستُفضحون كما فُضح أسيادكم، أما المقاومة، فستبقى؛ لأَنَّها لم تكن خيار لحظة، بل قدر أُمَّـة، ومشروع حياة لا يقبل الانكسار.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com