مع اقتراب العيد.. اليمنُ يُسندُ غزّةَ وغزّةُ تُقاوِمُ بالرُّكامِ

 

علي صالح راوع

العيد يقترب، والمسلمون يتجهزون، الأسواق تعج بالناس، المآذن تعلو بالتكبير، والثياب الجديدة تُجهّز للصباح، لكن في اليمن، الأمر مختلف، العيد هنا لا يقاس بعدد الهدايا ولا بألوان الملابس، بل بعدد البوارج الغارقة، وعدد الصواريخ التي تصيب أهدافها، وعدد الأعداء الذين باتوا يسهرون لياليهم في رعب، خشية أن تحل عليهم لعنة البحر الأحمر.

لم يكن العدوان الأمريكي على اليمن مُجَـرّد طلعات جوية عابرة، بل كان تحديًا لليمن كله، اختبارا جديدًا لصبر شعب لم يعرف الهزيمة يومًا، فجاء الرد كما توقعه الجميع، بل وأكثر مما تخيله العدوّ نفسه، صواريخ تحلق في السماء، بوارج تشتعل وسط البحر، حاملة طائرات أمريكية تتلقى الضربات لأول مرة منذ عقود، في مشهدٍ لم يكن في حسابات واشنطن ولا تل أبيب، لكنه في قاموس اليمنيين، مُجَـرّد بداية.

لكن الرد لم يكن في البحر فقط، بل امتد إلى فلسطين المحتلّة، حَيثُ صافرات الإنذار تدوي في تل أبيب، والاحتلال يجد نفسه أمام واقع جديد: اليمن لم يعد قوة محلية تحمي حدودها، بل صار يدًا طويلة، تمتد، حَيثُ يجب أن تمتد، فلا مسافات تمنعه، ولا جغرافيا تكبحه. فاليمن الذي يرى في فلسطين قضيته الأولى، لا يحتاج دعوات رسمية ولا بيانات دعم، بل يحتاج فقط إحداثيات الهدف، ليحولها إلى لهب يتساقط فوق رؤوس المحتلّين.

وفي غزة، العيد له وجه آخر، حَيثُ لا بهجة إلا في عيون الأطفال الذين ينجون من الموت، ولا زينة إلا آثار الركام، ولا صوت يعلو فوق صوت القصف. العرب يعيّدون ويغرقون في الاحتفالات، بينما أطفال غزة ينامون على العراء، يتقاسمون الجوع والخوف والموت، يراقبون سماءً لا تمطر مطرًا، بل نارًا وصواريخ.

لكن بين كُـلّ هذا، يخرج اليمن ليقول كلمته: لن يكتمل العيد إلا حين يفرح أهل غزة، لن تُضاء الشوارع إلا حين يخبو لهيب الحرب عن فلسطين، ولن نعيّد كما يعيّد الآخرون، بل سنعيد بطريقتنا، حَيثُ العيد ليس زينة وألعابًا نارية، بل صواريخ تهز البحر، ومسيرات تمزق دفاعات العدوّ، ومعادلات تُكتب من جديد، بمدادٍ من نارٍ ولهب.

عيدنا مختلف، فليكن لكم عيدكم، ولنا عيدنا، وبين العيدين، فرقٌ بين من يشتري الفرح بماله، ومن يصنعه بدمه، وشتان بين من يرفع التهاني، ومن يرفع الرايات.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com