التناقضات في الأزمة الغزاوية: الدعمُ الأمريكي والمواقف العربية

 

د شعفل علي عمير

تزاحمت عليها الأزمنة والأحداث، تحتدم فيها الصراعات وتُسكب فيها الدموع بلا انقطاع. إنها جرح نازف في ضمير الإنسانية، حَيثُ تتوالى المآسي وتتجدد الأحزان بلا هوادة، وكأن الزمن قد توقف في هذه البقعة الجغرافية وصارت مرآة تعكس قساوة العالم وصمته المشين. إنها غزة.

لعقود طويلة، تظل القضية الفلسطينية جرحًا نازفًا في قلب الضمير العالمي وعار يعتري السياسات الدولية والإقليمية، ويكمن وراء ذلك تعقيدات تاريخية وسياسية تنعكس في تناقض مواقف الدول الفاعلة في الشرق الأوسط. الولايات المتحدة تعلن دعمها الكامل لـ (إسرائيل)، حتى في ظل التصعيد الأخير والمجازر الرهيبة التي يتعرض لها سكان غزة. وبينما يسفك الدم ويُزهق الأرواح، نشهد تباينًا صادمًا بين مواقف الدول المختلفة.

من جهة، تُظهر اليمن شجاعة نادرة بموقفها الثابت في دعم الشعب الفلسطيني، مؤكّـدةً وقوفها القوي مع نضال الفلسطينيين؛ مِن أجلِ الحرية والعدالة. يأتي هذا الدعم تأكيدًا على المبادئ الدينية الراسخة وللعدالة الدولية وحق الشعوب في تقرير مصيرها، وهذا ما يجب أن يكون عليه الحال.

أما العديد من الأنظمة العربية، فيبدو أنها تشاهد كمراقب متواطئ، عاجزة عن اتِّخاذ خطوات حقيقية لدعم القضية الفلسطينية. تكتفي ببيانات الشجب والإدانة، وهي كلمات جوفاء لا تُحدث فرقًا فعليًّا في الميدان. هذه المواقف المخزية تُفهم في إطار سعي بعض هذه الأنظمة للحفاظ على علاقاتها الدبلوماسية ومصالحها الاقتصادية مع القوى الكبرى، بما في ذلك الولايات المتحدة، ما يجعلها في مقام تواطؤ مشين.

تظل قضية غزة اختبارا قاسيًا لمدى التزام المجتمع الدولي بمبادئ العدالة والإنسانية، في ظل انقسامات سحيقة وتناقضات صارخة في سياسات الدول تجاه واحدة من أطول الأزمات الإنسانية والسياسية في التاريخ الحديث.، فالمجازر ما زالت ترتكب، بينما يبقى الأمل معقودًا على وعي الشعوب وإرادتها الحقيقية في اتِّخاذ مواقف جريئة تؤكّـد انحيازها للحق الفلسطيني بعيدًا عن أجندات حكامها.

تبقى القضية الفلسطينية أمرًا لا يمكن تجاهله أَو التفريط فيه. والواجب العربي يستدعي موقفًا أكثر صدقًا وفعالية، يتجاوز المواقف الروتينية ليصل إلى أفق جديد من الدعم الحقيقي والملموس. هذه القضية التي تمثل شرف الأُمَّــة وكرامتها، تستوجب موقفًا عربيًّا قويًّا ومتماسكًا يليق بتضحيات الشعب الفلسطيني وبمكانة القضية في الوعي العربي.

WP Twitter Auto Publish Powered By : XYZScripts.com