أَمريكا تخرج من خلف الستار مرتديةً بزّة الحرب
نُوح جلاس
منذ قُرابة عقد ونصف عقد ولدت ثورة المستضعفين التي زلزلت عروش المستكبرين، وبدأ مسيرُها القرآني يتحرك في خطٍّ مستقيمٍ لا ينتهي إلا عندما تتساقط أركان الشر وتتبدد قوى الطغيان.
ومن حين انْطلَاقة هذا المسير شعرت أَمريكا بالقلق وباشرت إيقاف هذا التحرّك ولكن من بعيد عبر أذرعتها في ذاك الوقت، حيث اكتفت بتجنيد وكلائها والزج بهم في ستّ حروب ظنت أنهم سينجحون في إيقاف عجلة المسيرة، ولكن باءت محاولتها بالفشل أمام رجالٍ صادقين واثقين بالله رب العالمين.
وبعدها بدأت أَمريكا بالتخطيط لاستعمال أوراقها المتعددة بهدوءٍ تام يشمل انتشار الخلايا التكفيرية الإرهابية في ربوع الوطن، وسيطرة وتمكين أوراقها العسكرية والإعلامية والسياسية، وهذا ما حصدته عبر ثورة الـ11 من فبراير التي حاولت سرقَها واستعمالَها في تنفيذ مُخَطّطاتها.
ولكن ظلت عجلة المسيرة تمشي في مسار الثورة ذاتها مُصرّةً على تحقيق أَهْدَافها وإزاحة الطغاة الذين ركبوا موجتها.
وعندها بدأت أَمريكا بتحريك ورقتها الإرهابية التكفيرية سعياً في عرقلة المسير الثوري؛ وذلك باستخدام مركز النواة التكفيرية في “دماج”، وأسندت مهام قيادة الحرب إلى وكيلها في المنطقة “النظام السعودي” الذي كان يقدم الدعم العسكري والسياسي والإعلامي في تلك الحرب التي انتهت باحتراق الأوراق التي راهنت عليها أَمريكا وعملاؤها في الداخل والخارج، ومع هذا الإصرار الثوري تم أَيْضاً قطع الذراع القبلي العميل وإجهاض هيمنة “آل الأحمر” وإحراق الورقة العسكرية الرابحة للعدو التي تمثلت بإسقاط لواء “القشيبي” في عمران.
وفي ظلِ استمرار العجلةِ الثورية المصحوبة بالعديد من الأحداث، بقي العدو يزرع المطبات أمامها مُصرّاً على إيقافها مستخدماً كُلّ الأوراق الداخلية، وما إن جاءت ثورة الـ 11 من سبتمبر صارت كُلّ تلك الأوراق والمؤامرات في خبر كان، وتم إفشال كُلّ المُخَطّطات التي كانت أَمريكا قد رسمتها ولم تنفذها مثل مُخَطّط الأقاليم وغيرها.
وبعد أن تولت الثورة زمام الأمور في البلاد وبادت كُلّ الأذرُع للعدو، حصلت أَمريكا على محط قدم مرة أخرى وذلك بعد فرار “هادي” إلى عدن، ولكن أصرت الثورة على انتشال أقدام أَمريكا واستئصالها نهائياً، وهذا ما حصل بالفعل، وهنا فشل مشروع أَمريكا إطلاقاً وخسرت في حربها الباردة ضدنا.
وبعد فشلها الذريع قررت الدخول معنا في حربٍ أكثر جدية وبلهجة قوية، حيث حشدت أكثر من عشرين دولة بجيوشها وعتادها العسكري الهائل واشترت المواقف الدولية والإنْسَانية وأعلنت الحرب وكلفت وكيلها السعودي بتصدر الواجهة، وعملت على إدارة غرفة العمليات والإشراف على كُلّ الأمور، إضافةً إلى التنفيذ المباشر للعديد من المهمات التي كانت تلزم خروجها من داخل غرفة العمليات، وبعد مرور ما يقارب عامين من القتل والدمار والحصار وارتكاب كُلّ الجرائم بحق الإنْسَانية في ظلِ الصمت الفاضح والمخزي لكل من يتشدق بها، فشل العدو وانكسر قرنه في صخرة صمود وإيمان شعبنا اليمني العظيم، وذهبت كُلّ مساعيه أدراج الريح.
هنا لم يتبقَ أمام أَمريكا سوى حلٍّ وحيد، وهو الدخول المباشر في حربٍ مع هذا الشعبِ الذي جعلها تبدو هينةً وضعيفةً أمام العالم، وهذا ما أعلنته أَمريكا مؤخراً بعد فشلها في حربها الباردة طيلة سنين، حيث قررت الخروج من خلف الجدران مرتديةً البدلة العسكرية وبحجة سخيفة كسائر حججها التي احتلت بها جميع الأقطار العربية والإسْلَامية، وحجتها هذه المرة تمثلت في إعْلَانها حماية المياه الإقليمية بعد أن اختلقت لها أكذوبة تبرر لها ذلك، وما زالت تبحث عن حجج أخرى.
ولكن لتعلم أَمريكا وكل من يدور في فلكها أن هذه الأكاذيب لم تعد تنطلي على شعبٍ واعٍ متمسك بكل المبادئ والقيم، ولتعلم أننا لن نخاف منها حتى لو جاءت بكل قواها؛ لأننا استعدينا لهذه الحرب منذ اللحظة الأولى التي انطلقت فيها مسيرة الثورة القرآنية العظيمة، حيث أن القائد المُؤسّس والمحرك لهذه المسيرة قد كشف هذه الأحداث وفضح زيف العدو وهيأ لمسيرتنا الطريقَ وكشف لها كُلّ المطبات التي قد تقف أمامها وأعدها بالعتاد اللازم لجرف هذه المطبات ودفن كُلّ الحفر التي حفرها هذا العدو المتربص، فشعبنا الواعي متمسك بمشروعه القرآني وهو يعرف كُلّ ما قد يلاقي أمامه من عقبات وقد عرف أَيْضاً كيف يتجاوزها، لأنه بات يعلم أن هذه المرحلة هي التي صارع كثيراً حتى يصل إليها كي يحقق ما يتضمنه مشروعه من أَهْدَاف كفيلة بإنقاذ الأمة.