صحيفة صهيونية تعلن: «أنصار الله مأزق إسرائيلي –سعودي»، وتُنَظّر لـ«الصراع (الطائفي» في المنطقة!
خاص “صدى المسيرة”
بركيك المنطق تروّج صحيفة إسرائيلية لـ (الصراع الطائفي)، فتكشف فلسفة صانع القرار الإسرائيلي وتوجهه ومصلحته. وبقلق ووقاحة تكشف عن الخطوط الإسرائيلية الحمراء في اليمن، التي اجتازتها الثورة الشعبية، وتعجز عن كتم حقيقة أن في العدوان يد إسرائيلية وعلائق وثيقة، وتظهر كم هي إسرائيل متخوفة من أنصار الله وحزب الله. ولو لم يكن الكيانان السعودي والإسرائيلي عدوانيان توسعيان خادمان للاستعمار، ما مثل الشعب اليمني لهم خطراً، وهو المحب للسلام، المدافع عن نفسهِ، والمؤمن بقضايا أمته المضطهدة.
تبدأ صحيفة “يدعوت احرنوت” الإسرائيلية مقالها (حزب الله اليمن مآزق إسرائيلي-سعودي) بما يلي: «السعودية دخلت في الحرب اليمنية لأنها لم ترد الوصول الى الوضع الذي تواجهه اسرائيل والذي تسيطر فيه منظمة شيعية على دولة مجاورة لها، منظمة تطلق الصواريخ مرارا نحو مدنها وقراها وتهدد المملكة كلما رغبت إيران في ذلك».
فرغم وجود تزييف فيما يتعلق بقصف المدن فالجيش اليمني واللجان الشعبية لا يقصفون سوى المواقع العسكرية، إلا ان الأهم في هذه المقالة هو انه يظهر التعبير السياسي الإسرائيلي للطابع الذين يريدونه للصراع في المنطقة (كصراع سني-شيعي. وشيعي- يهودي) فيما يخفي هذا الخطاب الصهيوني جوهر الصراع في المنطقة والعالم، وهو ليس صراع طوائف، بل نضال شعوب وحركات مقاومة تريد التحرر الوطني من الاستعمار المباشر والاحتلال، وتريد صون الاستقلال سياسيا واقتصاديا والتخلص من الهيمنة الخارجية، وقوى ثورية عالمية ومحاور مقاومة ضد المصالح الاستعمارية لدول الاستكبار، الامبريالية والصهيونية.
تتحدث الصحيفة عن احياء ذكرى عاشروا على مستوى العالم وتسميها فعالية شيعية فيما هي فعالية إسلامية، ورتكز على شيء هام،:«في ضاحية بيروت الجنوبية التي هي معقل حزب الله في لبنان ارتفعت الى جانب بعضها البعض صورتي الامين العام لحزب الله حسن نصر الله وقائد الحوثيين في اليمن عبد الملك الحوثي فما العلاقة بين الرجلين؟ وهل مأزق اسرائيل يمثل ايضا مأزقا للسعودية؟». وهذا هو السؤال الذي يجيب عليه الصحيفة لاحقا بتفسيرات خادعة، وتضيف الصحيفة: «الموت لأميركا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود. هذا هو شعار الشيعة الحوثيين في اليمن. الحوثيون الذين يعيشون على بعد 2200 كلم عن اسرائيل لماذا يلعنون اليهود؟ الجواب كامن في تاريخ اسرة الحوثي التي تقود الشيعة الزيديين في اليمن…في قيادة المملكة السعودية يحكم ملك يمثل النظرية السنية السعودية اﻷكثر تطرفا وعداوة للشيعة. ووفق التصور اﻹيراني فإن هذا صراع ديني سياسي بين الشيعة والشيطان اﻷكبر الذي هو الولايات المتحدة التي تقف خلف إسرائيل والسعودية في السيطرة على الشرق اﻷوسط».
وهنا عين التزييف، فإيران لا تصوره كصراع للشيعة مع أمريكا بهذا الفهم الطائفي، فهي تدعم حركات مقاومة غير شيعية، وتنطلق من أيدولوجيتها الإسلامية الخاصة لتشبه شر أمريكا الاستعماري بالشيطان. والإسرائيليين يتبنون التحليل الطائفي لأنهم مستفيدين منه، خاصة بعد ان تم تصوير إيران شيطان والشيعة كفضائيين، يتهم بها كل من يعادي إسرائيل! فالتحليل الموضوعي في نهايته تتجلى إسرائيل كدولة معادية للاستقلال الوطني ولحرية وسعادة الشعوب وهي لا تريد تعمم هذا الوعي. وفي خطابها هذا، تقدم أنصار الله كحركة “شيعية”، بالمعنى الطائفي لا بالمعنى الفكري، رغم ان أنصار الله الله منهجيتهم قرآنية، في خلاف مع كثير من الاطروحات الشيعية، وقواعد أنصار الله من مختلف المذاهب في اليمن. وتساؤل الصحيفة الأخطر والاقذر: «لماذا الشيعة يلعنون اليهود؟» وكأن لعن اليهود موقف مذهبي! فيما هو كما يرد في القرآن الكريم، موقفاً إسلاميا عاما من قبل تشكل المذاهب. لكن إسرائيل تريد القول ان (الشيعة وحدهم مَن يعادونها)، وان (السنة جميعهم حلفائها) وأن الملك السعودي الوهابي “سني” (يعادي “الشيعة” الذين يعادون إسرائيل) ليبدو الصراع مع إسرائيل وحلفائها صراعا طائفيا!
صحيح لإسرائيل حلفاء (عرب)و(مسلمين) لكن حلفائها ليسوا معتنقي المذهب السني من الجماهير العربية المسلمة، فليس المذهب السني مذهب للتطبيع مع إسرائيل. إن حلفائها هم الحكام الذين يدعون بأنهم “سنه”، وبالمقابل حكام (هاشميين) اصولهم من (آل البيت) منبع المذهب الشيعي، مثل حكام “الأردن” و “المغرب”، لكنهم في حقيقة الأمر ليسوا شيعة بل عملاء، ليسوا في واقع حياتهم اليوم المادية والروحية من آل بيت النبي محمد، بل من آل (صندوق النقد الدولي)، كما أن حكام الخليج ليسوا مطبعين مع اسرائيل لأنهم سنة كما يدعون بل لأنهم عملاء مذهبهم البترو دولار.
الصراع مع إسرائيل ليس صراعاً طائفياً فإسرائيل (الدولة الصهيونية) تستهدف الفلسطينيين وغالبيتهم يعتنقون المذهب السني، وتستهدف الفلسطينيين المسيحيين، والعلمانيين. كما تستهدف واستهدفت اللبنانيين بتنوعهم “سنه” و”شيعه” و”مسيحيين” و”ملحدين”، وبمختلف توجهاتهم “قوميين” و”شيوعيين”. وهذا التعدد الموحد في مظلوميته والموحد بموقفه من الاستعمار والاحتلال، لا يجعل السخط على إسرائيل (التي تقودها الحركة اليهودية الصهيونية) سخطاً طائفيا، بل سخطاً ثوريا لجماهير مظلومة وشعوب مضطهده.
تعود الصحيفة للقول: “الحوثيون انطلقوا من مدينة صعدة في الشمال، وفي بداية 2015 تجاوزوا الخطوط الحمر عندما احتلوا العاصمة صنعاء وتقدموا نحو مضيق باب المندب وعدن”. لا يملك الاسرائيليون أدنى خجل ليضعوا لليمنيين خطوط حمر! وقاحة يفهم منها تدخلاتهم في اليمن اذ يرددون ما يردده تحالف العدوان والهاربين في الرياض ويتفقون بموقفهم معهم. ويظهروا تخوفهم من الثورة اليمنية وحركة أنصار الله فيتجلى الترابط فيما بين الصهاينة وبين السعوديين والعملاء المحليين، وقبل هذا المقال صرح نتنياهوا في 2014 بأن الثورة اليمنية تشكل خطرا على إسرائيل وكشف مطامعها في باب المندب في اجتماع للكونجرس الأمريكي. وتنهي الصحيفة المقالة باعتراف وتخوف واتهام هو فخر لنا وتبدي تمنياتها لهزيمة شعبنا، إذ تقول: اليوم حزب الله يساعد الحوثيين لكن يجب أن نفترض أنه في حال لم تتمكن السعودية من تصفية الكيان الحوثي فسيأتي اليوم الذي يقدم فيه الحوثيون المساعدة لحزب الله. في حال حصل ذلك فإن مشكلة السعودية ستصبح مشكلة اسرائيل أيضا”.