من يشبهك من؟
د. أشرف الكبسي
لماذا يعودُ العالقون؟ لماذا يقبِّلون الأسفلت على أرض المطار بشَغَفِ مَن يعانق الحجر الأسود؟
إن كان الوطن هو الكرامة، فالـيَـمَـنُ كرامة الـيَـمَـنيين، وإن كان الوطن هو ذاك العَصيُّ على التعريف، فاللاتعريف هو الـيَـمَـن..
يذهبُ أحدُنا إلى القاهرة ويشربُ ماءَ النيل وقد يحدثك بلكنة صاحب الحنطور.. إزيك عامل إيه متجيب حاجه يا بيه..
لكنه ومهما تمصرن لا يتحول إلى (حنفي)، ويظل ذلك الـيَـمَـني المتشوِّق لمساءات صنعاء ونسائم عدن الشغوف بأبي بكر في حضرة المقيل وبعلي الآنسي في صباحات العيد والمتعطش لمذاقات قهوة القشر وماء شملان والمتذوق بشهية للزربيان وبنت الصحن وجبن تعز، والقافز فرحاً أزلياً إن أحرز المنتخب الـيَـمَـني هدفاً في مرمى مصر أَوْ السعودية..
أنت في روما..
مائلاً كبرج بيزا، تلتهم قطعة من البيتزا، وتستمع، كقيصر مغترب، وفي آن إلى رامزوتي وبافاروتي، يقاطعهما بين الفينة والأخرى صوتُ حسناء لا تكف عن الدهشة: ماما ميا..
تغادر مقهى فيتروفيوس متلفتاً كرجل مافيا صقلي، يعمل لحساب الباتشينو في فيلم الأب الروحي..
تعبُرُ شارع مايكل أنجلو، متجهاً نحو ساحة القديس بطرس، حيثُ كُلّ الطرق تؤدي إلى روما، وهناك يحدث الانفجار الكبير..!
بين الركام يتلاشى كُلُّ شيء إيطالي، ويأتي صوتٌ من بعيد: أيش فيه العسيري، قصف حارة روما بصاروخ؟ والله ما راحت لك يا سعودي والذماري بعسيريين..
تغمض عينيك وتتمتم بألم ساخر يليق بخذلان روما: جراسياس نيرون، جراسياس سلمان..!
قد تغادر الـيَـمَـنَ لكنها أبداً لا تغادرك..
وبكل لُغات العالم وخطوط الجغرافيا: يا كاتبَ التَّأريخ
سجِّلْ بكل توضيح
إنتِ الأصلُ والفصل
والروح والفن
من يشبهك من؟