مجتمع (النفاق) الدولي!
بقلم: عبدالله علي صبري
كنا نظُنُّ أن إسرائيلَ وحدَها مَن يرتكبُ الجرائمَ بحق الإنْسَـانية, وهي لا تخشى قراراتِ المنظمة الدولية متكئةً على الفيتو الأَمريكي, لكن ما لم نتخيله أن تأتيَ دولةٌ أخرى كالسعودية, فتشتري بأموالها مواقفَ وقراراتِ مجلس الأمن الدولي التي جاء آخرها (2216) ليشكّلَ غطاءً لعُـدْوَان وجرائم النظام السعودي بحق الـيَـمَـن.
الأمم المتحدة من جهتها فشلت حتى الآن في إقرار هُدنة إنْسَـانية طويلة نسبياً, وتبدو عاجزة حيال تفاقم الأوضاع بالـيَـمَـن جراء تداعيات العُـدْوَان الكارثية.
وبرغم الجهود التي تبذلها في هذا المضمار إلا أنها لا ترتقي إلى مستوى الحصار الشامل والجائر الذي تفرضه السعودية بالمخالفة لقرارات مجلس الأمن نفسه.
وحتى الآن، فإن المساعدات الدولية الإنْسَـانية التي تصل إلى البلاد لا تتناسَبُ وحجمَ المأساة والمعاناة التي يعيشُها الشعبُ الـيَـمَـني، وعندما أعلنت جمهورية إيران الإسلامية عن مساعدات سخية، عمل المبعوث الأممي الجديد على كبح جماحها بدعوى: عدم تسييس المساعدات الإنْسَـانية.
يعرف السيد إسماعيل وليد الشيخ أن الـيَـمَـنَ والـيَـمَـنيين أكبر من أن يستجدوا العالَمَ كي ينقذهم من هول ما حاق بهم، وأقصى ما يطالبون به أن تقومَ الأممُ المتحدة بواجبها في رفع الحصار المتوحش بحق 25 مليونَ إنْسَـان، وأن تعمل على اتخاذ عقوبات رادعة بحق قوى التحالف التي تجاهر بهذه الجريمة المخالفة للشرعة الدولية الإنْسَـانية في زمن يفترضُ معه أن التحضُّرَ الإنْسَـاني بلغ ذروته!.
لا يمتلكُ الـيَـمَـنُ الأموالَ والمصالحَ الكافية والمغرية للدول الكبرى، غير أن صمود شعبه كفيل بفضح نفاق المجتمع الدولي الذي لا يخجل من مساندة الجلاد على حساب الضحية، متلفعاً بذرائعَ واهية مصيرها التساقط تباعاً، ما دام المقاتل الـيَـمَـني مثابراً على اقتحام وإسقاط المواقع العسكرية لدولة العُـدْوَان الأكبر على أصل وعنوان العُروبة جمعاء.
ولأنه مجتمعٌ يسوده النفاق، فإن للقوة في أوساطه رواجَها أَيضاً، ولن يكون مستغرَباً من الآن وصاعداً أن تتوالى المبادراتُ؛ بهدف إنقاذ آل سعود من ورطتهم التي كشفت عنها وقائعُ المواجهات الميدانية الأخيرة بين المقاتل الـيَـمَـني ونظيره السعودي.
مع ذلك، وبغض النظر عن توازُنات القوة، وما قد تفضي إليه من تفاهُمات يمنية سعودية بعيداً عن الأمم المتحدة، فإن دورَ المنظمة الدولية ومبعوثها الجديد بشأن الحوار الـيَـمَـني الـيَـمَـني سيحظى بفرصة أكبر من النجاح في ظل تحييدِ التدخل السعودي الأَمريكي، واقتناع مختلف الأطراف أن المستجداتِ السياسية في الـيَـمَـن التي أعقبت 21 سبتمبر 2014م لا تختلفُ كثيراً عما حدث في فبراير 2011م. وأن محاولة القفز على الإرادة الشعبية الـيَـمَـنية لن تُفضي إلا إلى تعقيد الأزمة الـيَـمَـنية، وتقويض الاستقرار في منطقة إستراتيجية قد تؤدي ديمومة الصراع عليها إلى إشعال المنطقة برمتها!.