الجيشُ العراقي يضَعُ قَـدَمَه في الموصل
صدى المسيرة/ متابعات
تمكّنت القواتُ العراقية من دخول المدينة وتحرير أول الأحياء فيها، وسط اشتباكات عنيفة مع مسلحي تنظيم «داعش» بعد أُسْبُوْعين من القتال في محيط الموصل.
وتزامناً مع التقدم الميداني، ندد رئيسُ الحكومة العراقية حيدر العبادي بالسياسيين الذين «يطعنون القوات المسلحة بالظهر»، واضعاً إياهم في مصاف «الخونة في أيام الحرب».
وأعلن عضو مجلس محافظة نينوى حسام الدين العبار، أن قوات الجيش حررت حي كوكجلي الذي يعتبر أول حي في المدينة من المحور الشرقي، عادّاً ذلك انهياراً في خطوط صد تنظيم «داعش».
وقال إن «دخول القوات الأمنية إلى حي كوكجلي يعتبر خطوة مهمة لفرض سيطرة القوات الأمنية على باقي الأحياء في الساحل الأيسر والأيمن، ويعتبر انهياراً مهماً في خطوط صد التنظيم الإرهابي».
وقال قائد في جهاز مكافحة الإرهاب في وقت سابق إن قوات الجيش دخلت حي الكرامة بمدينة الموصل، في أول توغل لها داخل المدينة.
أما خلية الإعْلَام الحربي فقد أعلنت أن الساحل الأيسر من الموصل بات تحت مرمى قوات الجيش، مشيرة إلى أنه تم تحرير قرى «ألك ونجموم وتل اليابس وقريتي طبرق وطهراوة» في المحور الجنوبي الشرقي للمدينة، إضافة لتحرير مدينة بزوايا بمساعدة جهاز مكافحة الإرهاب.
وكان رئيس جهاز مكافحة الإرهاب الفريق أول ركن طالب شغاتي، أشار إلى أن قطعات الجهاز باتت على بعد «مئات الأمتار» عن مركز مدينة الموصل، متحدثا عن «وجود معلومات عن تعاون من داخل مدينة الموصل لطرد داعش»، ودعا أهالي المدينة إلى البقاء في منازلهم لتجنب النيران الخطأ.
إلى ذلك، أفاد مصدر في محافظة نينوى بأن «فوضى عارمة دبت في أغلب أحياء الساحل الأيسر لمدينة الموصل وسط إطلاق نار عشوائي، إثر بدء هجوم القوات الأمنية لاقتحام المدينة»، موضحاً أن «بعض الطرقات الرئيسة أَصْبَحت شبه خالية من وجود نقاط المرابطة الأمنية لتنظيم داعش فيما شوهدت النيران تلتهم بعض المقارّ الرئيسة للتنظيم من دون أي وجود لمسلحي التنظيم».
وفي هذا الإطار، أقدم مسلحون على إطلاق النار باتجاه مسؤول سجون تنظيم «داعش» في الساحل الأيسر للمدينة أثناء وجوده أمام منزله في حي المهندسين، ما أدى إلى مقتله.
ومع دخول عمليات محور تلعفر غرب الموصل يومها الثالث، تمكنت قوات «الحشد الشعبي»، أمس الأول، من تحرير عدد من القرى من تنظيم «داعش»، فيما تابعت تقدمها سعياً لقطع طرق إمداد المسلحين من سوريا.
وفي المحور الجنوبي، استكملت الشرطة الاتحادية تطهير بلدة الشورة التي استعيدت السيطرة عليها أمس الأول، بعد حصار دام عشرة أيام.
سياسياً، أكد رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، أن القوات الأمنية أَصْبَحت «قاب قوسين أَوْ أدنى» من مدينة الموصل، مشدداً على أن «الحشد الشعبي قوة وطنية لها مهامّ قتالية شأنها شأن القوات الأمنية، وهي قوات عراقية تدافع عن أهل الموصل كما دافعت عن غيرها من الأراضي العراقية»، لافتاً إلى أنه لا أطماع لقوات «الحشد» في الموصل.
وقال العبادي أثناء زيارته لناحية الشورة لتفقد قوات عملية «قادمون يا نينوى»، إن القوات العراقية تحاول غلق المنافذ على تنظيم «داعش، موضحاً أن «تحرير نينوى وحماية الأهالي هدفان أَسَاسيان للعمليات العسكرية». وقال «سنقطع رأس الدواعش في الموصل، وليس أمام الدواعش أي مخرج ولا خيار لديهم سوى الموت أَوْ الاستسلام».
وعن التدخلات المستمرة لأنقرة في الشأن العراقي، أوضح العبادي أن الأتراك حاولوا إشاعة جوّ من الخوف بين أَبْنَاء الموصل نظراً لوجود مصالح لهم في المدينة، موضحاً أن العراقيين لا يريدون حروباً مع أحد وخاصة مع جيرانهم، داعياً كُلّ من يتدخل في شؤون العراق إلى وقف تدخلاته والانصراف لتدبير شؤونه الخاصة.
وأعاد العبادي انتقاد بعض السياسيين ممن يساهمون في نشر المعلومات المضللة التي يعمد إليها «داعش» في حربه الإعْلَامية، لافتاً انتباه العراقيين لضرورة الحذر، مشيراً إلى أن «نقل مثل هذه الإشاعات في أوقات الحرب يعتبر خيانة، وهو طعن للقوات المسلحة من الخلف، فمثل إشاعات كهذه مضادّة تؤدي إلى مساعدة العدوّ في مهمة كسر المعنويات، وهو أمر غير جائز».
تركيا وَبثّ الفرقة والشقاق
استمرت أنقرة في محاولات بثّ الفرقة والشقاق بين أَبْنَاء الشعب العراقي، خاصة مع فتح «الحشد الشعبي» محور تلعفر عند الحدود مع سوريا، فأكد نائب رئيس الحكومة التركية نعمان قورتولموش أن بلاده ستمنع قوات «الحشد» من المشاركة في معركة تحرير الموصل.
وقال خلال مؤتمر صحافي عقب اجتماع مجلس الوزراء التركي، إن «معركة الموصل تستمر كما هو مُخَطّط، الحشد الشعبي لم يشارك في معركة الموصل، وسنمنع مشاركته»، مضيفاً «الموضوع الرئيسي الذي نركز عليه هو تحرير تلعفر».
وحذر قورتولموش من مغبة تسليم مدينة الموصل لقوات «الحشد» عقب تحريرها من قبضة «داعش»، لافتاً إلى أن «تحرير المدينة مهم بقدر أَهَميَّة الجهة التي ستتولى إدارة المدينة في المرحلة اللاحقة»، وشدد على «ضرورة اتخاذ الخطوات اللازمة للحيلولة من دون احتلال الموصل من قبل قوات من خارج المدينة».
وأعاد قورتولموش انتقاد الأطراف الرافضة مشاركة تركيا في عملية تحرير الموصل، مشيراً إلى أن «مستقبل الموصل مهم للغاية بالنسبة لنا، وكذلك الأمر بالنسبة لمستقبل حلب ودمشق، فشعوب هذه المدن هم أصدقاؤنا وإخوتنا وأقرباؤنا، وإننا نتقاسم وإياهم أراضي هذه المنطقة».
من جهة ثانية، نفى المتحدث الإعْلَامي باسم قوات «الحشد الشعبي» كريم النوري، صحة الأنباء الصحافية الواردة حول تدفق عناصر تابعة لـ «داعش» من مدينة الرقة السورية باتجاه الموصل.
ونقلت وكالة «سبوتنيك» عن النوري قوله: «نتمنى تدفق أَكْبَر عدد من الدواعش إلى العراق، حتى يتم القضاء عليهم، ولا نتكبد عناء الذهاب إليهم في سوريا؛ لأننا كنا ننوي تتبعهم بالفعل، ونتوقع أن يحدث العكس، وتتدفق العناصر الإرهابية إلى الرقة».
وأوضح أنّ ما يحدث حالياً هو انسحابهم من الساحل الأيسر إلى الساحل الأيمن، من أجل تحصين أَوْضَاعهم. وشدد على أن قوات «الحشد» لن تدخل إلى مركز مدينة الموصل، معيداً تأكيد أن دورهم «يقتصر على تطويق حدود مدينة نينوى، القضاء الأَسَاسي في الموصل، حتى تعطى الفرصة لأَبْنَاء الموصل، ونينوى في الدخول إلى مناطقهم الداخلية».
إلى ذلك، أعرب قائد «منظمة بدر» هادي العامري عن أمله ألا يطول أمد معركة الموصل وألا تكون للمعركة آثار مدمرة مثل معركة حلب في سوريا.
وقال للصحافيين في الزرقاء جنوب الموصل «نخشى أن تتحول الموصل إلى حلب أُخْــرَى لكننا نأمل ألا يحدث ذلك»، مضيفاً «الحشد (الشعبي) سيذهب إلى سوريا إذا تطلب الأمر، نحن نعتقد أنه إذا لم نقض على داعش في سوريا فسيشكل خطراً حقيقياً على العراق».