للذين إستَخفُّوا باليمن: هذه قصة الشعب الذي لم يخضع حتى أصبح لاعباً إقليمياً!
حقيقة الصمود اليمني: عزة تتصف بالشجاعة
لم تنجح السعودية في جعل اليمن ساحتها، بل نجح اليمنيون في جعلها ساحتهم. هذه بإختصار، نتيجة الحرب السعودية على اليمن. وهنا نُشير للتالي:
– انقلبت التوازنات في الحرب على اليمن. ومُخطئٌ من يظن عكس ذلك. فالسعودية التي سعت دوماً لدعم الصراعات وإجهاض التسويات، باتت اليوم بحاجة لتسوية أوضاعها مع اليمن قبل غيره. فمعادلة الإبادة مقابل الخضوع، والتي حاولت إرساءها السعودية سقطت.
–بالنسبة لليمنيين، قدَّموا أكثر ما يمكن تقديمه. وعلى الرغم من ذلك، باتوا اليوم يمتلكون قدرة على المقاومة، لم يكن يتوقعها أحد. أثبتت بصمودها، أنها أقوى من تواطئ الدول الخليجية والغرب وأمريكا، عليها، بل وصلت لحدٍ استطاعت فيه أن تُهدِّد السعودية من خلال حدودها.
اليمن يُدير واقعه بذكاء!
لا يمكن تجاهل حجم الذكاء في توقيت وتكتيكات العمليات التي خاضها اليمنيون ضد التهديدات السعودية عسكرياً وسياسياً. وهنا نقول التالي:
– في الميدان العسكري فرض اليمنيون معادلة الصراع. على الرغم من امتلاكهم صواريخ باليستية تركوها لوقتٍ هم اختاروه. وتحملوا أشهراً من العدوان القاسي. وحين حلًّ التوقيت المناسب، لجؤوا الى استخدام أوراقهم، بأسلوبٍ وأهدافٍ مدروسة. لتبدأ صرخة السعودية.
–على الصعيد السياسي، كشف التعامل اليمني في ملف المفاوضات، قدرةً على المناورة وفرض الشروط، ورفض التقسيم والتأكيد على تحقيق الشراكة الوطنية. وعدم القبول بوقف النار إلا مع وقف العدوان.
لم يكن سلوك اليمنيين في خانة ردة الفعل فقط، بل كان في أكثر الأوقات، فعلاً مقصوداً مُدركاً، واضح الأهداف.
اللعبة السياسية اليمنية: نجاحٌ في توقيت وأسلوب المواءمة مع السياسة الإقليمية
نجح اليمنيون في العديد من الخطوات والتي يمكن أن تكون فرصة على الصعيد السياسي. ولعل أبرز ما أُنجز هو:
أولاً: تشكيل المجلس السياسي
إن تشكيل المجلس السياسي كان مفتاح ولادة حكومة الإنقاذ. فالمجلس السياسي اليمني والمُكوَّن من أنصار الله والمؤتمر الشعبي، هو حصيلة التحركات الشعبية الأضخم في اليمن، وهو بالتالي يُعبِّر عن ترجمةٍ سياسية لشرعية استمدها من الشعب.
ثانياً: ولادة حكومة الإنقاذ
إن التأخر في ولادة الحكومة، كان بحسب المحللين في صالح الشعب اليمني. حيث باتت الأوضاع اليوم، أقرب الى فرض الشعب اليمني لخياراته. خصوصاً أن التوقيت يحمل إشارات رضوخٍ سعودي على الصعيد الإقليمي، خصوصاً بعد فشل رهانات الرياض في معركة حلب. وبالتالي ستتوجه السعودية لطرح خيار الخروج من الحرب اليمنية ولو أن ذلك لم يتحقق عملياً حتى الآن. لكن سيكون سقف السعودية مُغايراً للسقوف التي وضعتها في السابق، وهو ما سيؤثر على الأطراف التي تتبعها داخلياً في اليمن.
ثالثاً: فرض أجهزة الدولة ومنع التقسيم وتحقيق مطالب الشعب
إن من أهم إنجازات اليمن اليوم، هو سعي الحكومة الجديدة لفرض مرجعية للجيش والأجهزة الأمنية في مناطقها، وهو ما سيكون مقدمة لبسط سلطة الجيش على كامل البلاد. الى جانب سعيها لإعاقة مشاريع التقسيم التي حاول البعض شرعنتها.
إذن يسير الشعب اليمني نحو دورٍ وازنٍ على الصعيدين المحلي والإقليمي. محلياً يبدو واضحاً أن اليمنيين سيُترجمون مشاريعهم الخاصة في الداخل، عبر شرعنتها رسمياً. وهو ما يُعد إنجازاً لشعبٍ عاش سنواتٍ عديدة تحت رحمة السعودية، بالإضافة الى حربٍ طويلة لم تُخضعه. بل يحذو اليمن اليوم نحو تحقيقه لمشروع دولةٍ ناجحة، تمتلك قرارها ومؤسساتها.
أما إقليمياً، فنتائج اللعبة السياسية الداخلية في اليمن باتت واضحة. وهي ستُبصر النور قريباً. وستعكس حجم الفشل السعودي، حيث استطاع اليمنيون تحويل العدوان عليهم، لفرصة سياسية تنقُلهم نحو بلدٍ مؤثر. فالحرب التي هدفت لتحقيق مآرب أكبر من اليمن على حساب الدم اليمني، فشلت. وبالتالي فإن نتائج هذا الفشل، ستكون مُدوية. لنقول أن الدم اليمني سيدفع قريباً ثمن عزة اليمن. وسيدخل اليمنيون التاريخ من بابه العريض، حيث سيفهم الذين إستَخفُّوا باليمن، قصة الشعب الذي لم يخضع حتى أصبح لاعباً إقليمياً!
* الوقت التحليلي: