لماذا نحتفلُ بالمولد النَّبَـويّ الشريف؟
صدى المسيرة| خاص
نحتفلُ بهذه المناسبة لدلالتها المهمّة وعطائها الكبير، فهي احتفاءٌ وتقديرٌ للنعمة الإلهية واعتزازٌ وتشرُّفٌ بها ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللّـهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس:58].
نحتفل بهذه الذِّكْــرَى باعتبارها رمزاً لأصالة الأُمَّـة وهويتها واستقلالها وركيزة أساسية فارقة في مواجهة كُلّ محاولات التذويب للأمة ومساعي الاحتواء لها وطمس هويتها من قِبَل أعدائها.
نحتفلُ بهذه المناسبة باعتبارها مناسبة للوحدة الإسلامية واستذكار القواسم المشتركة والكلمة السواء بين كُلّ المسلمين، فالرَّسْــوْلُ مُحَمَّـد صلوات الله عليه وعلى آله ليس رمزاً خاصاً بمذهب أو طائفة أو عرق أو بلد وهي ذِكْــرَى وتذكير بالنبي الخاتم وبمقامه وبرسالته وتعزيز الارتباط به.
نحتفلُ بهذه الذِّكْــرَى باعتبارها منطلقاً مهماً لتغيير الواقع السيء والمرير والمُهين الذي تعيشُه الأُمَّـة وإصلاح الخلل, وتصحيح الوضع الذي تعيشُه الأُمَّـة الإسلامية.
نحتفلُ بهذه الذِّكْــرَى باعتبارها رداً جماهيرياً وموقفاً مسؤولاً للشعوب المؤمنة تجاه الإساءات الموجهة من شر البرية ومن السيئين المجرمين إلى رَسْــوْل الله مُحَمَّـد خاتم الأنبياء والتي هي إساءة للإنسانية بكلها وللأنبياء بأجمعهم.
فإذا سكتت الأُمَّـة حتى عن الإساءات إلى رَسْــوْل الله إلى نبيها ورمزها فأي موقف يمكن أن تتبناه تجاه أي حدث آخر أو أية مشكلة أخرى معناه قتل لضمير الأُمَّـة.
نحتفلُ بهذه الذِّكْــرَى لإحياء شخصية الرَّسْــوْل الأكرم صلواتُ الله عليه وعلى آله في وجدان الأُمَّـة وفي مشاعرها، وحتى يكونَ للرَسْــوْل حضورٌ في واقع الأُمَّـة بهديه ونوره وأخلاقه وروحيته العالية، حضورٌ في القلوب، وحضورٌ في النفوس، عزماً وإرادة، حضوره كقدوة وقائدٍ وأسوة، نتأثر به في سلوكنا وأعمالنا ومواقفنا وقراراتنا، نتأثر به ونهتدي به، وبالهدى الذي أتى به من عند الله في واقع حياتنا.
نحتفل بهذه الذِّكْــرَى باعتبارها مناسبةً تُقدِّم لنا الكثير الكثير مما تحتاج إليه أمتنا في هذا العصر لإصلاح وضعها وتغيير واقعها، فهي مناسبة حينما تتعاط الأُمَّـة معها بوعي وفهم وبصيرة ومسؤولية هي مناسبة معطاءة وحافلة بالدروس، والأمة في أمس الحاجة إليها.
إن احتفالَ شعبنا بهذه المناسبة وإحياءَها بشكل كبير هو أيضاً من مظاهر الإجلال والتوقير لرَسْــوْل الله صلوات الله عليه وعلى آله، وهو بذلك استجابة لله سبحانه وتعالى القائل في كتابه الكريم ﴿لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ﴾ [الفتح:9].
وبقدر ما يسعى أعداءُ الإسلام إلى الحَطِّ من مكانته من خلال الإساءات وحملة التشويه الممنهجة بقدر ما تعظم المسؤولية علينا كمسلمين لتعزيز الارتباط والولاء الصادق ومواجهة الحملات العدائية المسيئة التي تشنها الصهيونية العالمية بقيادة أمريكا وإسرائيل، والتي تُلبس في كثير من الحالات بقناعٍ جديدٍ وعناوينَ جديدةٍ وعناوينَ متعددةٍ وبلدان مختلفة، ونسمع هذه الأيام عن إساءات جديدة موجهة إلى رَسْــوْل الإسلام مقنَّعة هذه المرة بقناع هو (هُوْلَنْدَا)، والحقيقة أن وراء ذلك كله هو اللوبي الصهيوني اليهودي الذي يجب أن تقف الأُمَّـة بوجه مؤامراته، فهو يستهدف
الأُمَّـة في دينها ومقدساتها، ويسعى لضربها في كُلّ مقاوماتها مستغلاً تخاذل الأُمَّـة وشتاتها ومستفيداً من قلة الوعي ومستفيداً من قوى العمالة.
كما أننا في احتفالنا اليومَ بهذه المناسبة نعبر عن تقديرنا واحتفاءنا وابتهاجنا وسرورنا وفرحنا بنعمة الله واعترفنا بعظيم فضله ومنَّته بالرَّسْــوْل والرسالة والهدى العظيم والدين القويم ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّـه وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَٰلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ﴾ [يونس:58].
ولأن هذه الذِّكْــرَى مناسبةٌ جامعةٌ يمكنُ الاستفادةُ منها في العمل على رأب الصَّدْعِ وجمع الشتات وتعزيز الإخاء والوحدة بين المسلمين على مستوى شعبنا اليمني العزيز وعلى مستوى أمتنا.
وقد يكون الاحتفالُ بهذه المناسبة وللأسف الشديد خارجاً عن أولويات البعض، في الوقت الذي يجعلون من أولوياتهم تعزيز ارتباطهم وتحسين علاقاتهم مع أمريكا وغير أمريكا، حيث يتسرعون على المستوى الداخلي تجاه أمتهم وأبناء جلدتهم إلى اتخاذ المواقف العدائية وإلى الخصام والتباين والابتعاد عن لُغة التفاهم، وهذا من أهم أسباب تفاقم النزاعات.
إن أكبرَ عاملٍ للفرقة والشتات والتباين والنزاع هو البغيُ والأنانية والاستبداد والكِبْر، وإن للأمة من القواسم المشتركة والأُسس الجامعة ما يمكن بالعودة إليها والاعتماد عليها، أن تذوبَ وتتلاشى حالة العداء والتفرق فيما بينها، وتعود حالة الإخاء والتفاهم والتعاون، فالأُمَّةُ يجمعُها انتماؤها للإسلام يجمعُها.