السعوديةُ تتعاقَــدُ مع «التكفيريين» للدفاع عن حدودها والمقابل السماح لهم بالتمدد جنوبي اليمن
صدى المسيرة| متابعات:
يتواصل التهرّب السعودي من مواجهة حقيقة الانهزام على الحدود الجنوبية للمملكة. وبالاستفادة من أسلوب الاستئجار والقتال بالوكالة داخل اليمن، تكرّر الرياض التجربة نفسها عند حدودها، وهذه المرة تتعاقد مع تنظيم «القاعدة».على غرار معارك السعودية التي أدارتها، ولا تزال مُختبئة خلف آلاف المجندين اليمنيين والعرب والمرتزقة العالميين في جبهات ميدي وحرض، تسعى المملكة جاهدة إلى تعميم هذا النوع من المعارك، بعد يأسها من قدرة جنودها (حرس الحدود والحرس الوطني) على تحقيق انتصار يوازي، أو يرجح، كفة انتصارات الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» المُنجزة بصورة يومية في عمق الأراضي السعودية، وذلك باستبدال جنود سعوديين بآخرين مستأجرين استقدموا بالآلاف من مختلف المحافظات اليمنية، عن طريق «حزب الإصلاح» (الإخوان المسلمون) وقيادات قبلية وعسكرية يمنية موالية للرياض تعيش منذ بداية العدوان في الرياض.
وكانت السعودية قد بدأت منذ أشهر، بصورة غير علنية، تسليم مهمة الدفاع عن أراضيها الجنوبية (جيزان، عسير ونجران) إلى قيادات يمنية تابعة للرئيس المستقيل، عبد ربه منصور هادي، ولنائبه علي محسن الأحمر، فيما يبذل الأخير قصارى جهده في تجنيد وحشد آلاف الشباب اليمنيين لهذه المعارك، بمن فيهم خصوم وأعداء «جماعة أنصار الله» القُدامى ممن سبق وخاضوا حروباً متفرّقة ضدهم في المحافظات الشمالية (حروب دماج، كتاف، حوث، دنّان وحروب عمران التي انتهت بفك الحصار الذي فرضه آل الأحمر على صعدة نهاية 2013، وغيرها).
صفقات التجنيد، التي بلغت ذروتها خلال الشهرين الأخيرين، شملت أيضاً تنظيمات إرهابية محظورة ومدرجة على لوائح الإرهاب محلياً ودولياً، مثل «أنصار الشريعة» (القاعدة)، وتنظيمات سلفية تتبنّى الأعمال المسلحة وتدعو إلى «الجهاد ضد مخالفيها»، وجميعها لها سجلٌ حافل بالمواجهات المسلحة ضد «أنصار الله» والجيش اليمني في مناطق متفرّقة من اليمن قبل سنوات من العدوان، ومعظمها لا يزال منخرطاً في القتال تحت مظلة الشرعية أو ما يُسمّى الجيش الوطني.
في المقابل، دأب الجانب اليمني منذ احتدام معارك جبهات الحدود على نشر صور وتسجيلات مرئية تُثبت مشاركة أعداد كبيرة تنتمي إلى تلك التنظيمات في العمليات العسكرية الجارية على الحدود إلى جانب الجيش السعودي، وتضمنت هذه الأدلة صوراً لجثث القتلى التكفيريين وهم يرتدون الزي الرسمي للجيش السعودي ويستخدمون إمكاناته العسكرية، ولعل من أشهر تلك المعارك التي دارت في الجبهات الغربية الساحلية (حجّة وجيزان).
تتزامن هذه التحشيدات الجارية في داخل اليمن، مع الحديث عن نقل المئات من الجماعات المسلحة المنهزمة في سوريا للقتال في حدود المملكة. وقبل أيام، نشرت «دائرة الاستخبارات» التابعة للجيش اليمني و«اللجان» مقاطع فيديو تُظهر تحشيد الآلاف من أبناء المحافظات الجنوبية وسوقهم بواسطة سفن سعودية من ميناء عدن إلى ميناء جيزان، قبل نقلهم إلى ما يُعرف بـ«مركز التحشيد» في محافظة شرورة السعودية، ثمّ إلى جبهات القتال وخطوط النار في نجران.
في هذا الوقت، تؤكد مصادر استخبارية يمنية، تحدثت إلى «الأخبار»، أنّ السعودية أبرمت اتفاقات مع قيادات بارزة في «القاعدة» تُفضي إلى نقل مقاتلي التنظيم من المحافظات الجنوبية اليمنية للقتال عند حدود المملكة الجنوبية، مُؤكّدة أن مقاتلي التنظيم الذين بدأ نقلهم بالفعل يتمتّعون بصلاحيات قيادية كبيرة على حساب صلاحيات قادة وضباط يمنيين موالين لهادي.
ووفقاً للأدلة التي بحوزة الاستخبارات اليمنية، وقد نشرت جزءاً منها، فإن النصيب الأكبر من متخرجي معسكرات التدريب المنتشرة في محافظات جنوب اليمن يُزج بهم في جبهات الحدود للدفاع عن حدود السعودية بدلاً من جيشها.
ولا يستبعد مراقبون أن تكون الجماعات التكفيرية قد تلقت وعوداً سعودية بالسماح لها بالتمدد وتعزيز وجودها المُسلح في مناطق داخل المحافظات الجنوبية لقاء قتالها ضد الجيش اليمني و«اللجان الشعبية» في الداخل أو بدلاً من الجيش السعودي.
وقد وصلت إلى «الأخبار» معلومات، تلقتها من مصادر محلية في محافظة عدن، تُفيد بأن أعداداً من الشباب من سكان المدينة الموجودين في نجران يشكون عجزهم عن العودة إلى بلادهم، بسبب تهديدات الجيش السعودي. وأكدت المصادر أن بعض أهالي المُجنّدين المنقولين إلى السعودية تلقّوا اتصالات تُفيد بأن الجيش يُعاقب بالقتل كل من يُحاول العودة والانسحاب. ويُحاول هؤلاء الأهالي معرفة مصير أبنائهم، وخصوصاً عقب توالي وصول طائرات عسكرية سعودية محملة بجثث العشرات من أبناء عدن الذين لقوا مصرعهم في نجران، فيما تنقل مصادر إعلامية أخرى دفن أعداد كبيرة من رفاقهم في مقابر مُخصصة داخل أراضي نجران.