هذا ما سيحصل في العام 2017
علي ظافر
مع اقترابِ انتهاء العام الحالي 2016 توحي المؤشراتُ الميدانيةُ والسياسية بأننا مقبلون على عامٍ جديدٍ مثقَلٍ بالتحديات ومفتوح على كُلّ الخيارات، إلا إذا حصلت معجزة خارجة عن الحسبان فذلك أمر مختلف.
لنبدأ من اليمن ففي ظل الحديث عن جولة جديدة من المفاوضات في العاصمة الأردنية عمّان، فإن التصعيد الميداني والعسكري والتحشيد مستمر، والحصار على أشده، وهناك جبهات جديدة فتحت مؤخراً في المنافذ البرية الحدودية “علب”، “البقع” و”الطوال” وهناك استجلاب لآلاف المرتزقة إلى الحدود للقتال نيابة عن الجيش السعودي المنهار.
وفي الداخل لَا تزَال الحرب مشتعلة في تعز، ومأرب، والجوف ونهم… إلخ، وما شهدناه خلال الأيام الماضية من محاولات مستميته من قبل مرتزقة العدوان باتجاه نهم يقودنا إلى استنتاج أن العدو لا ينوي التهدئة وأنه يسعى لتحقيق أي اختراق يعزز شروطه في المفاوضات المقبلة، كما أنه لا يمكن أن نفصل ما يجري في اليمن عما يجري في سوريا، فالولاياتُ المتحدة ومعها النظام السعودي يسعيان لتعويض هزيمتهما المدوية في حلب بتحقيق اختراق في اليمن، أضف إلى ذلك المساعي الأمريكية الإسرائيلية السعودية الإماراتية لاستكمال السيطرة على السواحل اليمنية ومضيق باب المندب، وقد بدأ الحديثُ مؤخراً عن نوايا للسيطرة على جزيرة ميون (في باب المندب) وإنشاء قاعدة عسكرية هناك بحجة “حماية المياه الدولية”.
وفي المقابل يعزز الجيش واللجان الشعبية حضورَهم ويراكمون إنجازاتهم في كُلّ الجبهات في الحدود وفي الداخل، ويحضرون ربما لمفاجئات كبيرة تربك حسابات الطرف الآخر، وقد حصل مؤخراً تطور في العمليات العسكرية لناحية فتح جبهة جديدة – ربما لأول مرة منذ بداية العدوان – من جهة مديرية منبه شمال صعدة باتجاه جيزان وذلك باقتحام موقعي الغفرة والسمنة رغم صعوبة التضاريس هناك.
وفي ظل التسابق على تحقيق الإنجازات السياسية والميدانية، واستمرار المعركة فإننا مقبلون على عام مثقل بالتحديات ومفتوح على كُلّ الاحتمالات، فالمعطيات لا تبشر بانفراجة قريبة، ولا يبدو أن الحرب تقترب من نهاياتها، بل ذاهبة باتجاه التأزيم والتصعيد أكثر رغم مرور ما يقارب العامين على العدوان على البلاد.
إلى المشهد العام ومع اقتراب الرئيس الأمريكي باراك أوباما وحكومته من موعد مغادرة البيت الأبيض، ليحل محلهم الرئيس المنتخب دونالد ترامب وحكومته، وقد يكون لهم بعض التعديلات على السياسية الخارجية لأمريكا، لكنها إجمالاً لن تتجاوز المصلحة الأمريكية، وربما لن يكون هناك اختلاف جوهري في السياسة الخارجية.
في المنطقة لاحت مؤخراً بوادر تقدم لمحور وتراجع للمحور الآخر، فبعد انتصار الجيش السوري وحلفاؤه في حلب ربما يكون الواقع مختلفاً تماماً في وسوريا فما بعد حلب حتماً ليس كما قبلها، لكن يبرز أمامنا الكثير من الأسئلة ما هو مصير المسلحين الذين خرجوا من حلب؟ وما هي مهمتهم المقبلة؟ وكيف سيتعامل معهم الجيش السوري وحلفاؤه؟ وهل ستكون هناك تسوية سياسية في سوريا وفق ما اتفقت عليه روسيا وطهران وأنقرة في موسكو مؤخراً؟ كذلك في العراق، ما هو مصير المعركة في الموصل؟ ولماذا تأخرت وتيرة التقدم للجيش العراقي؟ ولماذا الخلاف على مصير الموصل قبل تحريرها من داعش أصلاً؟.
كُلّ هذه الأسئلة تشكل تحدّيات مرحلةٍ للعام المقبل 2017 وتقودنا إلى استنتاج أنه عامٌ مفتوحٌ على كثير من التحديات، كما أن المعركة لم تنتهِ لا في سوريا ولا في العراق، مصر هي الأخرى أَمَــام تحديات أمنية واقتصادية واشتباك غير معلن مع النظام السعودي، ليبيا تعيش الفوضى منذ العام 2011 ولا تزال.
وفي الشأن الفلسطيني المستغرَب في نهاية هذا العام موافقة مجلس الأمن بالإجماع على مشروع قرار بشأن تجميد الاستيطان وعدم استخدام أوباما حق النقض الفيتو ضد هذا القرار التي رفضته إسرائيل، فيما يؤمل الفلسطينيون تطبيقه، لكن التساؤل: لماذا لم ترفضه أمريكا؟، وهل أن أوباما يؤدب اليهود بعد خذلانهم لهيلاري كلينتون في الانتخابات الرئاسية؟ وما ذا سيكون موقف ترامب من هذا الملف؟ وهل سينقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة؟.
على المستوى العالمي لم يمر العام 2016 برداً وسلاماً على أوروبا، إذ ضرب الإرهاب قلبها، فيما ترجح كفة اليمين على حساب اليسار في بريطانيا وفرنسا.
على اعتاب العام 2016، نتساءل: هل ستشهد أمريكا تحولاً في سياستها الخارجية، أم أن ترامب سيواصل ما انتهى عند أوباما، وبالتالي لن يكون نقيضاً لأوباما؟؛ كون السياسية الأمريكية قامت خلال العقود الماضية على القوة الصلبة تارة، وتارة أخرى على القوة الناعمة، وتارة ثالثة على “القوة الذكية “التي تشكل خليطاً من القوتين الناعمة والصلبة وفق كسينجر وهو واحد من أَكْبَــر المنظرين الأمريكيين وراسمي الاستراتيجيات الأمريكية.
الكل يرقب المشهد والبعض يسمي العام المقبل من الآن بأنه “عام ترامب”، فالسعودية مثلاً تخشى من تبدل النظرة الأمريكية تجاهها سيما أن ترامب وصفها بـ “البقرة الحلوب، “واشترط عليها دفع جزية مالية تقدر بـ 25% من ثروته مقابل الحماية، ومن يقفون على المقلب الآخر لا يأملون خيراً ربما في ترامب، ولكن البعض يتوقع أن سياسته ستختلف حيال ملف “الإرهاب” في سوريا والعراق تحديداً وهذا مبني على تصريحاته قبيل وصوله إلى الرئاسة، ولكن من يدري أنه ربما ينقلب على كُلّ ما صرح به فما قبل الانتخابات وما تحمله الدعاية الانتخابية ليس كما بعدها.