الشيطانُ.. لا يكتفي منك بــ(المعصية).. بل يريدُ أن تنطلقَ في الباطل عن قناعة!
- يريد يوعظ الآخرين، يبحث له عن كتب أخرى في الترغيب والترهيب، تلك التي تكون مليئة أخطاء رهيبة!! يا أخي: هذا القرآن، وعّظ من القرآن. لكن ما أعجبه وكأنه لا يكفي! ما عنده أن القرآنَ سيترك ذلك الأثر؛ لأنه قد صار لديه خطأ هو في فهم ما هي الخشية!
- قسيت قلوبُهم، ألم تقس قلوبهم؟ متى قسيت؟ بعد أن عرض عليهم الهدى على أرقى مستوى ولم يقبلوه {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} تتحول قلوبهم إلى قلوب قاسية. القلوب القاسية لا تعد تكترث من الوقوع في الباطل، لا يعد الباطل عندها شيء موحش.
- من أرقى ما يريد الشيطان أن يصل بالناس إليه؛ لأنه لا يريد منك أن تعمل معصية، أو تدخل في باطل، وأنت ما زلت مستوحشاً هكذا، أو ما زلت تتألم قليلاً، يريد يدخلك في باطل، فتصبح في الأخير مقتنعاً بهذا الباطل، فتنطلق جندياً لهذا الباطل.
صدى المسيرة| خاص:
ألقى الشهيدُ القائدُ سلامُ اللهِ عليه من 28/5 إلى 3/6/2003م سبع محاضرات ــ ملازم ــ رائعات جداً-حُقَّ لها أن تُكتبَ بماء الذهب-يشرح فيها كتاب (مديح القرآن) للإمام القاسم بن إبراهيم عليه السلام، هذه المحاضرات كلها تحكي عن القرآن، وكيفية الاهتداء بالقرآن، وكيفية طرح القرآن للقضايا، ومنهجية القرآن في كُلّ شيء، قال عنه الشهيد القائد: [كتاب هو من إمام كبير من أئمة أهل البيت، الزيدية متفقين عليه، هو مشهور عندهم جميعاً، وكتابته بالطريقة التي تكشف كيف رؤية أهل البيت، وتوجه أهل البيت الأصلي، قبل تجي أشياء أخرى]، ويقصد سلام الله عليه بـ(أشياء أخرى)، أي الثقافات المغلوطة التي هي تعتبر معارضة للقرآن، ومعاكسة لمنهجية القرآن التي عليها الأئمة الأوائل من آل البيت سلام الله عليهم أجمعين.
ونصح سلام الله عليه بإخراج هذا الكتاب بطريقة ممتازة والقيام بتدريسه لطلبة العلم وللثقافيين، والعمل على نشره بين أوساط الناس، حيث قال: [وهذا الكتاب مناسب أنه يصوّر، ويخرج بأحسن مما هو عليه، يكبَّر؛ لأجل يدرّس في المراكز، وينتشر للناس. فهو مناسب جداً نشره في الفترة هذه بالذات. يعني الناس الآن أحوج ما يكونون إلى القرآن، في الزمن هذا بالذات. نحن بحاجة إليه في المساجد, في المراكز, ينتشر في أوساط الناس].
وفي تقرير هذا العدد وفي الأعداد القادمة بإذن الله سنتناول هذه المحاضرات السبع، المعروفة بــ(مديح القرآن)، للاستفادة مما فيها من علمٍ غزير، ووعي كبير، وطرح قل نظيره.. فجزى الله الشهيد القائد خير الجزاء، وجعله مع النبيين والصديقين والشهداء.
يعيشُ الضالُّ حياتَه بالمقلوب!
أكد الشهيد القائد سلام الله عليه بأن الذي لا يهتدي بالقرآن لا يمكن أن يهتدي بغيره من النظريات والمذاهب الكثيرة في الدنيا، حيث قال: [فالذي لا يهتدي بالقرآن سيظل دائماً في حيرة، وضلال في معتقداته، رؤاه، معتقداته، آراؤه كلها حيرة وضلال.[يَعُدٌّ نفعاً له ما يضره] قد صار مقلوباً، قد صار يسير بالمقلوب، إن قام يخطب يكون قَلََب، يتحدث خطأ، ولا يكون الناس دارين، ويعيشون في حالة من هذه].
وبيّن سلامُ الله عليه بأن مَن استرشد بغير القرآن ضل، وأضل، حيث قال: [قد يقوم واحد يرشد قلْب، وهو لا يعلم، هو يريد يوعظ الناس. فقالوا: [أحسن الله إليك، وجزاك الله خير] أليسوا يرونه محسناً؟ وهو في الواقع غير محسن إليهم، بل مسيء إليهم، وهم في الواقع لا يعلمون بأنه يسيء إليهم، ويسيء إلى نفسه. [أحسن الله إليك، وجزاك الله خير]!!.الإمام القاسم يتحدث وهو يرى مظاهر من هذه في عصره، وكان معروفاً أنه يبكي، الإمام القاسم يبكي على الأمة من الحالات هذه: هي بهذا الشكل، والقرآن بهذا الشكل، لماذا؟ هذا القران العظيم نور، وهدى، شفاء، وأشياء من هذه، والأمة على هذه النوعية].
في الشيطان لنا عبرةٌ:
وأوضح سلامُ اللهِ عليه للأمة مثالاً عنْ مَن يهتدي بغير القرآن ويعاند كيفَ تكونُ نهايتُه، حيث قال: [الشيطان نفسه أولاً انصرف عن تنفيذ أمر إلهي، عاند بعد أن قال له: {مَا مَنَعَكَ أَن تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}(ص: 75) ألم يعاند؟؛ بسبب العناد قسى قلبه، وفي الأخير تحوَّلَ إلى شيطان مُريد، وكان قبل عبَّادة، على ما يروى، كان عبادةً مئات السنين، أو آلاف السنين؛ لأنه في الحالة هذه، متى ما قسى قلب الإنسان، متى ما زاغ قلبه، في الأخير ينطلق في الباطل متجرئاً، غير مكترث، ولا مستوحش].
وأضاف سلامُ اللهِ عليه: [قسَت قلوبهم، ألم تقس قلوبهم؟ متى قسيت؟ بعد أن عرض عليهم الهدى على أرقى مستوى ولم يقبلوه {وَجَعَلْنَا قُلُوبَهُمْ قَاسِيَةً} تتحول قلوبهم إلى قلوب قاسية.القلوب القاسية لا تعد تكترث من الوقوع في الباطل، لا يعد الباطل عندها شيء موحش. ينطلقون يحرفون الكلم عن مواضعه مثلما قال عنهم في آية أخرى: {أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُواْ لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلاَمَ اللّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ}(البقرة: 75) هذه نوعية. وقد يتطور الإنسان إلى الحالة هذه، إذا هو من البداية لم يتقبل الهدى، قد يتطور إلى الحالة هذه].
الوعظُ والإرشادُ يكونُ أفضلَ شيء بالقرآن الكريم:
وانتقدَ سلامُ الله عليه مَن يقومون بوعظِ الناسِ من كتب (الترغيب والترهيب) المليئة بالثقافات المغلوطة، وكل هَمِّهم أن يصلوا بالناس إلى البكاء خوفاً من الله، حيث قال: [يريد يوعظ الآخرين، يبحَثُ له عن كتب أخرى في الترغيب والترهيب، تلك التي تكون مليئة أخطاء رهيبة. يا أخي: هذا القرآن، وعّظ من القرآن. لكن ما أعجبه وكأنه لا يكفي! ما عنده أن القرآن سيترك ذلك الأثر؛ لأنه قد صار لديه خطأ هو في فهم ما هي الخشية، ما هي الحالة النفسية التي تكون أثراً لما يقدّم، الحالة المطلوبة. يكونُ عنده هذا الكلام أحسن يركز عليه! لا، القرآنُ الكريم قَدِّمْه بشكل صحيح، وكفاية، وقل لنفسك [بده يكفي بده لا] أليس من الممكن أن يقول واحد هكذا؟ الباري هو جاء لنا بالقرآن، وما معنا إلا القرآن، وما معه إلا القرآن منا، وهو أرقى ما يمكن أن نصل إليه. لو نصبحَ فعلاً نقول: ما معه إلا القرآن منا، ونتبع القرآن، ونسير على القرآن، ما هو أرقى مستوى؟]..
وأضاف شارحاً: [إذا أنا أوعظك بالقرآن وما رأيتك تبكي، ليست مشكلة أنك تبكي أو ما تبكي، ليست قضية هذه. فإذا أنا أريد أوعظ واحد، وأجعله يبكي أنطلق أبحث له عن أحاديث من أحاديث الترغيب والترهيب من النوعية تلك الثانية لأجل يبكي! لا. ربما لو أن الناس يتفهمون القرآن بشكل كبير يحصل عندهم خشيةٌ من النوع الآخر، من النوع المطلوب، خشية لله، وهذه هي المطلوبة].
والآية: {قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالاً الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعاً}(الكهف104). تنطبق على من يوعظ الناس بغير القرآن الكريم..
يعتمدون على غير (القرآن).. وينتقدون (الشعار)!
واستنكر سلام الله عليه الذين يتركون القرآن، ويعتمدون على كتب (الترغيب والترهيب) ويقومون بإصدار الفتاوى بأن (رفع الشعار لا يجوز في المسجد)!!، حيث قال: [لاحظ بعض الناس عندما يقول: لا يجوز ترفع شعار من النوع هذا في المسجد! قل يا أخي: ما أنت داري أنك أنت الذي تعمل جريمة كُلّ يوم في المسجد، تقوم بتدريس كتاب معين، وعندك أنه هدى، ومن كتب الهداية، وهو ضلال، ضلال، وظلمات بعضها فوق بعض. وهو يتصوّر بأن الملائكة تفرش أجنحتها له هو وطلابه! وهم في المسجد، إما عند المحراب، أو في مكان آخر.
ومن هذا النوع المقلوب الذين يتحدث عنهم الإمام القاسم.[وهدايته إلى الجنة ردى] عندما تهديه إلى الجنة، وتهديه إلى طريق الجنة، يعتبرها ردى، يعتبرها ضلالة، يعتبرها مهلكة، يعتبرها تردياً به، لا يرضى يسمعك، كما قال سبحانه: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}(الزخرف36)] وهذه من أخطر المراحل التي يصل إليها الإنسان: أن يصبح في ضلال، في باطل، وما زال يعتبر أنه مهتدي! {وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}].
وجهٌ من أوجه خُبث الشيطان معنا:
وفي ذات السياق تحدث سلام الله عليه عن الشيطان، وإملاءاته للبشر، وهو يشرح قوله تعالى: {وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً فَهُوَ لَهُ قَرِينٌ وَإِنَّهُمْ لَيَصُدُّونَهُمْ عَنِ السَّبِيلِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ}، حيث قال: [{وَمَن يَعْشُ عَن ذِكْرِ الرَّحْمَنِ} عن ذكر الله، ذكره هو، وذكره الذي هو القرآن الكريم.{نُقَيِّضْ لَهُ شَيْطَاناً} طيب: عندما تسمع مثل العبارات هذه ليس معناه أن الباري يكون سريعاً، يقدم قليل كلام، ما نفع.. وبسرعة يقيض. لا، بعد القرآن الكريم، بعد القرآن الكريم، عندما لا ترضى تفهم، بعدَ ما تعرض، ما تبصر، وهو يقدم لك القرآن الكريم، هنا تستحق أنه يقيضُ شيطاناً، يهيئُ شيطاناً، لا يعد يبالي بك، شيطان وبعدك، يوقعك في الضلال، حتى تصبح أنت شيطاناً من النوعية هذه؛ لأن هذه من أرقى ما يريد الشيطان أن يصل بالناس إليه؛ لأنه لا يريد منك أن تعمل معصية، أو تدخل في باطل، وأنت ما زلت مستوحش هكذا، أو ما زلت تتألم قليلاً، يريد يدخلك في باطل، فتصبح في الأخير مقتنع بهذا الباطل، فتنطلق جندياً لهذا الباطل، على أساس تشتغل، هو لا يشغل نفسه دائماً بك، يريد يوصلك إلى أن تكون شيطان شغال أنت وهو يهتم بواحد ثاني.. وهذه أخطر مرحلة على الإنسان أن يصبح في باطل فيكون يجند نفسه للباطل، ويخسر في الباطل، ويطلع وينزل في الباطل، ويقدم أمواله في الباطل، ويقاتل من أجل الباطل، ويسجن من أجل الباطل. ما هناك ناس هم بالشكل هذا؟ يكون هكذا عندما يصل إلى الدرجة هذه].
قِسْ نفسكَ بالقرآن الكريم.. لتعرف من أي الفريقين أنت:
وأرشد سلام الله عليه الإنسان إذا أراد أن يعرف من أي نوعية هو، هل ممن أضلهم الشيطان، أم ممن حظى برضا الرحمن، فليقسْ نفسه بالقرآن، حيث قال: [حتى تعرف هل أنت من النوعية هذه، أم أنت من النوعية المستقيمة، القرآن الكريم هو المقياس. إذا رأيت نفسك أقرب ما تكون إلى القرآن الكريم، في حركته، في حيويته، وليس إلى القرآن الكريم برؤيتك التي تغطي على أكثره، وتحكِّم عليه أشياء أخرى.ترجع إلى القرآن الكريم على ما هو عليه، في حيويته، في حركته، في مقاصده تجد حركتك، وتوجهك منسجم معه، إذاً فلست من هذا النوع، أنت لا تعش عن ذكر الرحمن أبداً، لست من هذا النوع.{وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ} هم النوعية الذي ينطلق فيما ينطلق فيه، وأي بصيص نور يبدي عليه، أو تريد تحركه قام غطى عليه، قد هو مقتنع بتلك الأشياء، وعليها، ومنسجم، وفي الأخير يحاول يفكر كيف يعمل لنفسه تبريرات أكثر [وهذا عليه العلماء، وكان قبلك الأئمة: الإمام الفلاني، والإمام الفلاني، وزعطان، وفلتان، و و.. الخ، وجلس كذياك!.لا، القرآن هو المقياس، إن كنت تجد أنك فعلاً منسجم مع القرآن، ولا عندك محاولة، لست من النوع الذي يحاول يغطي، ويلجم، ويستر، ويقول: أبداً، هذا ما هو وقتها، هذه منسوخة، وهذه كذا، كذا. فإذاً حالتك صحية، حالتك صحيحة].
إذا لم تؤثر على الناس بالقرآن.. فالخلل ليس القرآن:
وعزا سلام الله عليه عدم ظهور الخشية في قلوب الناس عند وعظهم وإرشادهم بالقرآن الكريم إلى سببين:
الأول: أسلوب الشخص (الموعِظ) قاصر، حيث قال: [يا إما في أسلوبك أنت وأنت تقدم القرآن، يوجد قصور في تقديمه، أنت تغفل أشياء داخله هامة جداً].
الثاني: تأثر المتلقي بثقافات غير القرآن، حيث قال: [وقد تكون بعض الأشياء من أسباب أن يغفلها الناس مفهوم ناتج عن قراءة أشياء أخرى، أو أصول، أو قواعد أخرى].
ونفى سلام الله عليه أن يكون الخلل هو من القرآن الكريم، حيث قال: [فعندما نجد أنفسنا لم يحصل عندنا شيء من خشية الله فلا يوجد خلل في القرآن الكريم؛ لأنه أحياناً جو قد واحد يبحث هنا وهنا! إذا رأى الناس ما عندهم خشية من الله، أو إذا رأى نفسه ما عنده خشية من الله، في الأخير يبحث عن أشياء أخرى! لا. افهم بأن القرآن لا يوجد فيه إشكالية، الإشكالية توجد عند الناس].
الله لم يقصّر في تقديم الهدى للناس.. وقصة آدم أكبر الأدلة:
وقدَّم لنا الشهيد القائد سلام الله عليه الدليل من كتاب الله، قصة آدم عليه السلام، والذي من خلال تأملها نشهد بأن الله لم يكن عنده أي تقصير في تقديم الهدى للعباد، حيث قال: [هذه القصة العظيمة الرهيبة التي فيها عِبر لأول رجل وامرأة من البشر، أب وأم البشر هؤلاء جميعاً، حول المعصية، وأثر المعصية، وكيف كان الهدى، يعني: فيها نموذج كامل، نموذج أن الهدى يأتي من عند الله كاملاً، وبيِّناً. ألم يقل له: اجلس هنا، لا تقرب هذه الشجرة، لا تأكل من هذه الشجرة؟ {هَـذِهِ الشَّجَرَةَ} (البقرة35) أليس هذا تبيين؟ لم يقل شجرة هناك من بعد البلسة تلك وكذاك، أو من الزيتونة الفلانية وكذاك، لا تقربها. فيقول في الأخير بأنه ما درى، أنه ما بيَّن له. {وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ} أليس هو يقول: هذه؟ {الشَّجَرَةَ}؟. هذا نموذج، مثَل للهدى الإلهي، والتبيين الإلهي أنه يكون بهذا الشكل كاملاً. في الجانب الآخر الذي قد يكون مصدر إضلال له يقول له: الشيطان، وهو يعرف الشيطان، آدم هو يعرفه، {إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ}، عدو مبين. لا تصغ إليه، انتبه له، قد يخرجك أنت وزوجتك من الجنة. أنت إذا قاربت الشجرة هذه، وأكلت منها ستشقى، أنت إذا أصغيت لهذا الشيطان سيغويك ويشقيك. {وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ} (طه: 115) عهدنا إليه، كلمناه، وقلنا له: لا تقرب هذه الشجرة، الشيطان عدو، اجلس هنا، إذا أكلت منها ستشقى و… و… إلخ. ما هو هنا يقدم لك أن هدى الله يكون واضح تماماً، لا يغلط الإنسان لقصور من جانب الله على الإطلاق، من جانب هديه.لكن آدم نسي، مثلنا، {فَنَسِيَ} نسي ماذا؟ نسي أهمية ما قدم إليه، عندما كان يقول له: إن الشيطان عدو لهم، ينتبهون له، لا يغويهم، لا يصغوا إليه. ألم يذكره فيما بعد؟ {أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ}(الأعراف: 22). آدم هو كاره للشيطان لكن نسي أن يتعامل مع الشيطان بحذر ويقظة، ولو قدم الشيطان نفسه ناصحاً كيفما كان، نسي والشيطان يتقلب بين يديه، أنه ناصح له، وأنه ما يريد إلا أن يكون مَلَك، ويكون، ويكون.أحياناً ينسى، لاحظ هذه حالة تحصل عند الناس، يأتي شيطان من البشر، ويقدم نفسه ناصحاً لك في موقف معين، أنه ناصح لك، وما يريد إلا مخرجك، ولا يريد، ولا يريد، ونريد ترجع لفلان، وأنا عارف أن فلان هو عدو الله لكن سينفعك و… و. هنا في الأخير تنسى، وتسير بعد الشخص هذا. ألم يشق آدم عندما خرج؟ إذاً الإنسان شقي في هذه الدنيا بسبب عصيانه لله، بسبب خروجه عن هدي الله؛ بسبب نسيانه لهدي الله، أنه لا يعطيه قيمة. يعني هو مطلوب من الإنسان أن تكون نفسيته نفسية يقظة، دائماً منتبهاً، حذراً، يقظاً، ما يكون عرضة لأن ينسى، ويأتي أحد من الناس يغويه فينسى الأصول التي يجب أن ينطلق منها في رؤيته لهذا الشيطان الذي يحاول يغويه].
مقتطفات نورانية
لا يتحقق لنا اسم الإيمان نفسه، اسم الإيمان إلا عندما يكون هناك توجه وعمل يتحرك في ماذا؟ لتنفيذ ما أمر الله سبحانه وتعالى به، وما وجه الناس إليه في القرآن الكريم إذا ما هناك تنفيذ، إذا ما هناك التزام، معنى هذا أننا نؤمن ببعض ونكفّر ببعض. [الشعار سلاح وموقف ص: 13]
الإسلام لا يريد من أتباعه أن يكونوا ضعفاء أذلاء, وأولئك الذين يبدون كمؤمنين أذلاء مستضعفين, يعطون صورة سيئة عن المؤمن الحقيقي، هم من يرسخون في أنفسنا أن الإيمان استضعاف!.[في ظلال دعاء مكارم الأخلاق الدرس الثاني ص: 17]
إذا ما أحسست في نفسك بقوة علاقة بالله فلا تظن أن هذا هو كُلّ شيء، وأن هذا هو المطلوب: أن أرى نفسي أكرر ذكر الله سبحانه وتعالى, وأرى قلبي ممتلئاً بحب الله ثم أرتاح لهذه الحالة. افهم هذه الحالة كُلّ المطلوب من ورائها هو أن تنطلق في ميدان العمل لإنقاذ الآخرين, وهداية الآخرين. أين كان يتوجه إيمان رسول الله (صلوات الله عليه وعلى آله)؟ ألم يتجل كُلّ ذلك في حرصه على الآخرين؟.[معرفة الله وعده ووعيده الدرس العاشر ص: 9]
الصادقون هم: أولياء الله، الصادقون في إيمانهم، آمنوا بالله, آمنوا برسوله إيماناً واعياً لا ارتياب معه، ولا يمكن أن يتعرض لأي ارتياب أمام هذه الشبهة، أو هذه الدعاية، أو أمام هذه الإغراءات، أو هذا الترهيب، أو هذا الترغيب، إيماناً عملياً العملي الذي يجسدونه في التزاماتهم، وفي اهتماماتهم، أنه إيمان بقضايا، بمبادئ, بعقائد، بأحكام تتطلب الالتزام بها, وتتطلب أيضاً الدفاع عنها، وتتطلب أيضاً نشرها والعمل على إعلاء كلمة الله في سبيل تطبيقها وسيادتها في أرضه.[سورة المائدة الدرس الرابع ص: 10]