خسائرُ السعودية في ارتــفــاع: اليمنيون خطواتٌ واثقةٌ نحو النصر الاسْترَاتيجي
صدى المسيرة: يحيى الشامي
كُلّ الأَعْمَال العسكرية بثقلها الحديدي الصلب المُدعّم بكلّ ما هو مدرَّعٌ من الآليات والدبابات والجرافات العسكرية الثقيلة المتقدّمة، تلك الجموع المجمّعة من أصقاع اليمن من كُلّ مَن بخس ثمنه وقل حياؤه وانعدم دينه ومات ضميرُه.. كُلّ هذه وما سبقها وما سيلحقها، صارت في أعين المجاهدين اليمنيين، جيشاً ولجاناً المرابطين على ثغور جبهات العُمق السعودي وخطوط النار الملتهبة وراء الحدود أقل شأناً وأهون خطراً.
(الضربة اللي ما تقتلك تقوّيك) تتضمن العبارة السابقة قاعدة عسكرية أَكْثَر من كونها مَثَلاً دارجاً، وهو ما تجسّد حقيقَةً في العدوان السعودي الأَمريكي على اليمن، وخَاصَّةً في معارك وجبهات ما وراء الحدود، حيث تتنوع الطبيعة الجغرافية التي تدور فيها المعارك من جبال إلى هضبات فوديان وسهول وصحاري وحتى سواحل بحرية، كما هو الحال في ميدي المدينة الساحلية التي سجّل فيها المقاتلون اليمنيون من روائع بطولاتهم وملاحمهم القتالية ما ستتذكره الأجيال بزهو ويحفظه التأريخ كإحدى أبرز البطولات النادرة في تأريخ الجزيرة العربية.
ليس أدلَّ على ذلك من عمليات القنص التي تجري على مدار اليوم في جبهات الحدود والعمق السعودي، هذه العمليات لا تحظى بالقدر الكافي من التغطية والتناول الإعلامي برغم أنها سجّلت خلال الأشهر الأخيرة أرقاماً قياسية لم تُسجل من قبل، فعلى سبيل المثال خلال اليومين الماضيين قُتل خمسة جنود سعوديين في كُلٍّ من نجران وجيزان، لترتفع حصيلة الأسبوع كاملاً إلى حوالي خمسة عشر هم فقط من جرى التأكد من مصرعهم وقامت كاميرا الاعلام الحربي بتوثيق بعض هذه العمليات.
وتطاول عملياتُ القنص في نوعية مراميها أَهْدَافاً عسكرية من الصنف الثقيل (قادةً وضباطاً سعوديين) يُديرون عمليات عسكرية أَوْ يُشرفون على مواقع وثكنات تتعدّى في طبيعتها المستحدثات الدفاعية والـ “دُشم” المبينة؛ بغرض الحماية وَالمراقبة والاستطلاع، وهذه المواقع عادةً تكون جغرافياً أَكْثَر بُعداً من غيرها من المواقع التي يجري استحداثها دورياً وباستمرار لمنع تقدم اليمنيين وصد زحوفاتهم، وبالتالي فإن وصولَ أفراد من وحدات القناصة اليمنيين تلك المواقع السعودية وتنفيذهم عمليات قنص يُشيرُ إلى القُدرة الكبيرة لدى اليمنيين على بلوغ أي هدف عسكري داخل الأراضي السعودي بعيداً عن دائرة النار وخطوط المواجهات بين الطرفين، ونجاحهم الأَكْبَر يتمثّلُ في تجاوزهم كُلّ التعقيدات العسكرية المصطنعة على الأرض والمُعتمدة على تقنيات حديثة تجعلُ من السهل على حرس الحدود السعودي التقاط أية حركة أَوْ تنقل يحصل داخل المساحة الجغرافية الواقعة في مرمى رقابة كاميرات الحرارة والرقابة المنصوبة بالمئات.
أما طبيعة الأَهْدَاف المنتقاة التي يعتني باختيارها المقاتلون اليمنيون في عُقر المواقع السعودية وعمق ثكناتهم ومعسكراتهم فلا تخلو من نجاح استخباراتي آخر يوحي بعمل متناسق وجهود متكاملة مشتركة بين القنّاصة اليمنيين وأجهزة الاستخبارات التابعة للجيش اليمني واللجان الشعبية، وإلا ما معنى أن تكونَ معظم تلك الأَهْدَاف التي تطاولها رصاصاتُ القناصة اليمنيين هم الضبّاط والقادة العسكريين السعوديين.
فواحدٌ وعشرون شهراً من المعارك التي شنت فيها السعودية كُلّ ما يوصف وما لا يُوصف من الهجمات العسكرية، منحت اليمنيين من الخبِرة وأكسبتهم من القوة ما جعلهم أصلبُ عوداً وأقوى فعلاً وردّةَ فعل على خوض المعارك الهجومية المباغتة، أَوْ الهجمات الارتدادية التي تعقب محاولات الجيش السعودي أَوْ مرتزِقته مؤخّراً على التقدم باتجاه مواقع سعودية يُسيطر عليها الجيش اليمني واللجان أَوْ باتجاه الحدود اليمنية كما يحدث مؤخّراً في منفذي علب والبقع.
فضلاً على تواصل الهجمات الصاروخية والمدفعية تجاه المواقع العسكرية السعودية، وقتلاها من الجيش السعودي مرهون بتكتم النظام السعودي عليها وهو ما يحرص عليه من بداية معارك الحدود، إلا ما تسرّب عبر مواقع التواصل الاجتماعي أَوْ ما ندر من الاعترافات المتقطعة بين الحين والآخر، وآخرها حديث الإعلام الرسمي السعودي عن مقتل جندي سعودي، قبل يوم في الحد الجنوبي للملكة، وهي أرقام متواضعة لا تصلُ الحد الأدنى لما تحصده عمليات القنص الموثقة بعدسة الاعلام الحربي لوحدها، ناهيك عن عشرات القتلى الذين يسقطون نتيجة القصف المدفعي والصاروخي.