إشراق.. طفلةُ اليمن في عتمة العدوان
هاشم أحمد شرف الدين
جائعةٌ مع بداية الشروق.. ودعت إشراق أُمّها وخرجت من المنزل البسيط صوبَ مدرستها، كغيرها من مئات آلاف الطالبات والطلاب الصغار في اليمن ممَّن فاقم العدوانُ الأَمريكي السعودي وحصارُه معاناتِهم ومعاناة أسرهم..
محملةً فقط بدعاء أُمِّها بأن يحفظها الله تعالى ويعيدها سالمة..
خرجت بجيوب فارغة وبلا مصروف قد تكون أيضاً، تحملُ شنطتها وكتباً مستخدمة من قبل زميلةٍ لها في العام الماضي، وأحلاماً بمستقبل مشرق كاسمها..
مرتدية زيها المدرسي الموحد سارت على قدميها نحو المدرسة بخطى وثابة وعلى محياها ابتسامة..
كانت على وشك الدخول لمدرستها، متلهفة للقاء زميلاتها والانتظام معاً في الطابور لترديد النشيد الوطني وتحية العلم..
مشت في أمان.. لا تعلم بأن قطاعا مجرمين يترصدونها من الجو لا ليقطعوا عليها الطريق وحسب.. بل والحياة..
صبوا عليها حمم حقدهم صواريخ وقنابل فقتلوها وبعض زميلاتها ووكيل مدرسة “الفلاح.. في منطقة نهم..
هي جريمة من بين جرائم عدة ارتكبها العدوان – وما يزال – استهدفت أَطْفَال اليمن في مدارسهم ومنازلهم وحيث يكونون، جرائم تستنكرها الشرائع وتستنكفُها الفطرةُ الإنْسَانية.
عدوانٌ نهزمُه منذ ما يقارب العامين في ميادين المواجهة، فيذهبُ لاسْتهدَاف فلذات أكبادنا..
فهل من دليل أشد وضوحاً من هذه الجريمة يؤكد هزيمة العدوان أمامنا؟
وهل من دليل آخر ما زال يحتاجُه العالَمُ للتأكد من أكذوبة العدوان بكونه دفاعا عن اليمنيين؟
نعم نحن سئمنا الصمت العالمي، ولدينا يأس من أن يكون للأُمَـم المتحدة والمنظمات التابعة لها – المعنية بالطفولة والتعليم وحقوق الإنْسَان – دور في إيْقَاف العدوان، لكننا لم ولن نسأم مواجهة العدوان والصمود، ولا مجال لليأس من حتمية الانتصار، ففي النفوس يقين بعدالة القضية، مهما كانت التضحيات..
ومضة:
ستغادرنا إشراق جسدا لكنها ستبقى شمسا تسطع لتكشف قبح المعتدين القابعين في عتمة ضمائرهم من جهة، ولتنير – من جهة أُخْــرَى – طريق زميلاتها وزملائها مع بواكير صباح غد وكل يوم، حيث سيذهب أَطْفَالنا لمدارسهم متحدين العدوان رغماً عن أنوف قطاع الحياة، يحملون حلمها ذاته عند كُلّ شروق.