عندما تصر السعودية على المزيد من الهزائم في اليمن
هشام الهبيشان*
اليوم يجمعُ و يدركُ معظمُ الفرقاء السياسيين اليمنيين، باستثناء جماعة “الإصلاح” الإخوانية وأنصار الرئيس هادي والمتحالفين مع السعودية، طبيعة ومسار الحرب العدوانية التي فرضتها السعودية وحلفاؤها على الدولة اليمنية والتي تستهدف اليمن كل اليمن.
معظم صنّاع القرار اليمنيين، على اختلاف توجهاتهم، يعون اليوم وأكثر من أي وقت مضى، أنّ اليمن أصبح ساحة مفتوحة لكلّ الاحتمالات التي قد تشمل، بالإضافة إلى الحرب الخارجية، حرباً داخلية مدعومة من دول وقوى خارجية، وتتمثل هذه الحرب بسلسلة اغتيالات وتفجيرات وانتشار للجماعات الإرهايية، وخصوصاً أنّ المناخ العام في الداخل اليمني والمرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية، بدأ يشير بوضوح إلى أنّ اليمن أصبح عبارة عن بلد يقع على فوهة بركان قد تنفجر تحت ضغط الخارج لتفجر الإقليم بكامله.
ولكن هنا وبالتحديد وعند الحديث عن الداخل اليمني، يجب التنويه إلى ملاحظة هامة وخصوصآ بعد مرور مايقارب العامان من هذه الحرب العدوانية المفروضة على الدولة اليمنية، فهنا يمكننا القول إنّ اليمنيين نجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة الحرب السعودية، وهم بالفعل اثبتوا أنهم قادرين على الرد ومازالوا يعملون ولليوم على بناء وتجهيز إطار عام للردّ على مسار هذه الحرب العدوانية .
اليوم وعلى أرض الواقع مازال السعوديون مستنمرين في معركتهم العدوانية على اليمن، مرتكزين على قاعدة دعمهم من أمريكا وبريطانيا وغيرها، فهم اليوم مازالوا يفتحون وبشكل واسع معارك كبرى بالداخل اليمني وعلى جبهات ومحاور مختلفة، مع أن السعوديون يعلمون جيدآ ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات التي ستفرزها هذه المعارك، وبالأحرى يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي في هذه المعركة، على الداخل السعودي شرقاً وجنوباً، ومع كلّ هذا وذاك قرّر السعوديون أن يخوضوا هذه المغامرة والمقامرة الجديدة، لعلهم يستطيعون أن يحققوا انتصاراً، حتى وإن كان إعلامياً أو على حساب جثث أطفال ونساء الشعب العربي اليمني، لعلّ هذا الانتصار يعطيهم جرعة أمل بعد سلسلة الهزائم المدوية التي تلقوها في أكثر من ساحة صراع إقليمي.
على الصعيد الدولي والاقليمي، تدرك القوى الإقليمية والدولية أنّ استمرار مغامرة السعوديين الأخيرة على حدودهم الجنوبية وإشعال فتيل حروب وصراعات جديد في المنطقة، ستكون له تداعيات خطيرة على مستقبل المنطقة واستقرارها الهشّ والمضطرب، فاليوم مسار الحرب العدوانية السعودية على الدولة اليمنية بأت يحمل الكثير من المفاجآت الكبرى، حول طبيعة ومسار عدوان السعودية على اليمن، وذلك لأنّ للمعركة أبعاد مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسارها يخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً، وستكون لنتائج الميدان مستقبلآ الكلمة الفصل، وفق نتائجه المنتظرة، في أي حديث قادم عن تسويات للحرب السعودية على الدولة اليمنية ومعظم الملفات الإقليمية العالقة وتغيير كامل ومطلق في شروط التفاوض، فالمرحلة المقبلة من المؤكد أنها ستحمل الكثير من التكهنات والتساؤلات حول مستقبل ونتائج كل مايجري بالاقليم بمجموعه.
ختاماً، أن مسار الحرب العدوانية السعودية على الدولة اليمنية بعد ما يقارب العامان،يقودنا إلى طرح سؤال رئيسي يشتق من نمطية وتراتبية مسار حروب الدولة السعودية بالاقليم ككل، وهي: ما الفائدة التي ستعود على السعودية ونظامها من تداعيات هذه الحرب الشعواء التي تشن اليوم على اليمن أو غيره؟ فالنظام السعودي منغمس اليوم في مجموعة أزمات افتعلها في الإقليم، بدءاً من الحرب على الدولة السورية، وليس انتهاء بانغماسه المباشر في الحرب على اليمن، اليوم النظام السعودي يستطيع تقديم مئات المبررات والحجج الواهية لأسباب ومبررات حروبه بالمنطقة على تعدد اشكالها، ولكن الواضح اليوم أنّ كلّ الرهانات السعودية على كسب معركة واحدة من هذه المعارك والأزمات المفتعلة باءت بالفشل، فالسعوديون يدركون حقيقة هزيمتهم في ميادين عدة مؤخراً، وخصوصاً في الميدان السوري، والواضح أنهم يسيرون بمسار واضح وهو تلقى المزيد من الهزائم والانتكاسات سياسياً وعسكرياً والاخطر اقتصادياً ومجتمعياً.
* بانوراما الشرق الاوسط