جندُ “أمريكا” في باب المندب
عبدالله علي صبري
– بالموازاة مع استعار المعارك في ذباب وكهبوب، وعلى وقع الخسائر القاسية والمتوالية للعدوان والمرتزقة، اشتعلت الآلة الإعلامية التضليلية باتجاه الترويج لانتصارات وهمية، واستنطاق المحللين والسياسيين، نحو استشراف ما وراء المعركة وما بعد الانتصار المزعوم في معركة باب المندب.
وفيما كانت المحرقة تلتهم الزحوفات المتلاحقة للعدوان ومرتزقته، وتكبدهم خسائر قاسية ومتوالية، كانت خفايا التصعيد تتكشف رويدا رويدا. وبعيدا عن مزاعم “استعادة الشرعية ” و”تحرير تعز”، وما إلى ذلك من الاسطوانات المشروخة، ذهب أحد المحللين المحسوبين على العدوان، إلى القول بكل ثقة أن معركة باب المندب، تأتي في سياق تأمين الأسطول الأمريكي الخامس، والذي يتمركز في المياه الإقليمية البحرينية، مشيرا إلى أن أمريكا لن تسمح بتهديد بارجاتها التي تعبر البحر الأحمر وتمر عبر مضيق باب المندب ، كما لن تسمح بفصل هذه القوات عن القواعد العسكرية الأمريكية في دول الخليج العربي، ثم أفصح مهددا أن أمريكا لن تسمح بتحويل باب المندب إلى منصة إيرانية تهدد الملاحة الدولية.
الفزاعة الإيرانية ليست جديدة، وبرغم أن حركة الملاحة الدولية في البحر الأحمر لم تتضرر طوال ما يقارب السنتين على الحرب والعدوان، إلا إن إقحام إيران كان ولا يزال على صدارة التناولات الإعلامية لآلات الدجل والتضليل العربية والعبرية.
وبعد أن استنفد ساسة الرياض وأدواتهم ورقة “الأمن القومي العربي”، يأتي الحديث عن “الأمن القومي الأمريكي”، متهافتاً، وإن كان ينم عن تزلف رخيص للبيت الأبيض الذي ينتظر تحولا غامضا بقدوم رئيس جديد يترقبه العالم بتوجس وتشاؤم شديدين.
لا شك أن النظام السعودي حريص على استمرار الدعم الأمريكي للرياض في حربها وعدوانها الغاشم على اليمن، وإن كان لا بد من ثمن لهذا الدعم، فلتكن دماء المرتزقة الرخيصة جسر العبور إلى قلب “ترامب”، الذي يرقص طربا للدماء العربية المسفوحة في “باب المندب”، خدمة لأساطيل أمريكا وقواعدها العسكرية التي لم تتعرض للتهديد أصلاً!
لكن بعيدا عن الأهداف المعلنة أو الخفية، فإن استمرار المعارك من حول “باب المندب”، قد يدفع بالفعل إلى توسيع دائرة المعركة بحرا، وحينها لن تسير الأمور وفقا لسيناريوهات أرباب “عاصفة الحزم”، وحينها فقط ستدرك الرياض كم جنت على شعبها وهي تلعب بـ “النار”!.