الأهدافُ الاستراتيجية والجيوسياسية لمعركة الساحل.. سواحلُنا خط أحمر
علي ظافر
معركة الساحل … معركة أمريكية إماراتية وسعودية مشتركة ، معركة يرقبها الصهاينية بعين القلق . ويبدو أن الولايات المتحدة تراهن في كسب هذه المعركة على دويلة الإمارات لتحقيق مطامعها الإستراتيجية والجيوسياسية في السيطرة على باب المندب ، وتطويق اليمن. وتشهد السواحل اليمنية تصعيداً ميدانياً غير مسبوق منذ مطلع العام الحالي ، عشرات الزحوف ، والمحاولات المصحوبة بغطاء ناري كثيف من الجو والبحر لتحقيق أي اختراق في هذه الجبهة ، لكن صمود الجيش واللجان الشعبية والقوات البحرية أسهم في تعثر آمال الغزاة . صحيح أن الإمارات هي من تقود – ظاهرياً – التشكيلات العسكرية ( القاعدة وداعش والقوات السوادنية الغازية وخليط من المرتزقة المحليين والأجانب ) وبمسميات إماراتية يشرف عليها القائد العسكري الاماراتي في عدن ، لكن الأمريكي هو من يخطط لهذه المعركة ويحيطها بالدعم اللوجستي والمخابراتي ، ويعزز ذلك تدخله العسكري المباشر باستهدافه مراكز القوات البحرية اليمنية ، بعد استهداف السفينة الإماراتية سويفت في مطلع أكتوبر من العام الماضي. وفيما تسعى الولايات المتحدة – عبر أدواتها الخليجية – للسيطرة على خط الملاحة البحرية في مضيق باب المندب وبمحاذاة جزيرة سقطرى ، فإنها تطمع في التقدم باتجاه ميناء المخاء في تعز وصولاً إلى الخوخة في محافظة الحديدة ، ومن ثم تطويق الميناء وتعطيله ، وتشديد وطأة الحصار بهدف دفع اليمنيين إلى الاستسلام. المطامع الأمريكية ليست بالأمر الجديد إذ تؤكد مصادر مطلعة أن قائد البحرية الأمريكي الأسبق ديفيد بيترايوس طلب من النظام الأسبق عام 2010 تأسيس قاعدة عسكرية في جزيرة سقطرى بدعوى “مكافحة القاعدة والقراصنة ” ، وهو ما لم ينفذ ، فالولايات المتحدة ومن خلال هذه المساعي تهدف إلى السيطرة على الممرات البحرية وطرق الملاحة و التجارة العالمية ، فسقطرى من وجهة نظر عسكرية تعتبر مفترق طرق للمرات المائية الاستراتيجية البحرية للبحر الأحمر وخليج عدن ، ومن هنا فإنه يمثل هدفاً استراتيجياً أمريكيا ، وقد يكون ” تأجيرها ” من قبل الفار هادي للإمارات لمدة مئة عام يخدم هذا الهدف الأمريكي ، كما أنه يأتي في سياق التنافس المحموم بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى. من وجهة نظر إقتصادية تشير الإحصائيات إلى أن أن حصة كبيرة من الصادرات الصناعية من الصين إلى أوروبا الغربية تمر عبر هذا الممر المائي الاستراتيجي ، كذلك فإن التجارة البحرية من الشرق والجنوب الأفريقي إلى داخل أوروبا الغربية تمر من قرب سقطرى عبر خليج عدن والبحر الأحمر ، ويرى محللون أن بناء قاعدة عسكرية أمريكية في جزيرة سقطرى للإشراف على حركة السفن، بما في ذلك السفن الحربية، يقع في أولويات الاستراتيجية الاميركية العسكرية لمواجهة التهديد الصيني المستقبلي، كذلك هو يمثل أهمية لمحاصرة روسيا وتجارتها النفطية. ما يجري اليوم من تصعيد في الساحل الغربي ليس بعيداً عن الأهداف الأطماع الأمركيية والمقاتلون اليمنيون يدركون هذه الحقيقة ، ومن أجل ذلك ، فإنهم يسجلون حضوراً ميدانياً قوياً على امتداد الشريط الساحلي الممتد من ميدي إلى الحديدة وصولاً إلى باب المندب لإفشال مساعي الهيمنية الأمريكية عبر الأدوات الخليجية وخليط المرتزقة ، وقد تكبدت القوات الغازية خلال الفترة الماضية خسائر كبيرة ، واستطاع الجيش واللجان الشعبية تحويل رمال الساحل إلى جحيم على الغزاة ومرتزقتهم. القوات البحرية اليمنية بدورها أدركت خطورة مخططات قوى العدوان ، فأقدمت على خطوات عسكرية مفاجئة بضربها الفرقاطة السعودية بسلاح “كاسر للتوازن ” لم تكشف عنه إلى اليوم … ضربة متكاملة الأبعاد من ناحية التخطيط والتكتيك والتنفيذ ودقة التصويب، ضربة لم تقتصر على الفرقاطة وحسب بل امتدت مفاعيلها إلى واشنطن وتل أبيب ، وهزت عواصم قوى العدوان … وقد بعثت رسالة النار هذه رسائل باتجاهات عدة أبرزها أن سواحل اليمن خط أحمر ، وأن مشاريع الهيمنة لن تمر .