القائدُ أبو حسن المداني: نباهةٌ وإقدامٌ، إيمانٌ وأمان!
علي شرف الـمَحَطْوري
-إذا تمجيدُ الأبطال من طبيعة البشرية، فمن قيم الإسلام الاقتداءُ بالمتقين المخلصين منهم!
-سيرةُ القائد أبو حسن شهادةٌ عمليةٌ على أن الشعوبَ بمقدورها تحقيقُ أمنها الذاتي دون حاجة للخارج!
– هو القائدُ الذي أعاد لرجل الأمن إنسانيتَه ليكونَ ناجحاً في عمله.
– هو أولُ قائد أمني يمني يمسك الأرضَ من أطرافها ويزرعُها كلمةً طيبةً تؤتي أُكُلَها كُلّ حين!
-ألا يعلم العدوُّ مَن كان في مواجهته فتلك إحدى إبداعات القائد أبو حسن.
-أن تقامَ باسمه (أكاديمية شرطة) فذلك ما تحتاجُه الدولة اليمنية لتحقيق الأمن المستدام.
.. .
وشعبُنا اليمني العزيز يعيشُ الشهادةَ كُلَّ يوم مقدِّماً في سبيل الحرية والكرامة والسيادة قوافلَ من الشهداء (أفراداً وقادة)، فقد حلت مناسبة الذِّكْــرَى السنوية للشهيد لهذا العام 1438هـ-2017م بإشهار شهادة قائد من أعظم من أنجبتهم التربة اليمانية، والثقافة القُـرْآنية، القائد الاستثنائي في المجال الأمني طه حسن إسماعيل المداني، والذي قضى نحبه في ساحات الدفاع الوطني، بعد رحلة جهادية نضالية تمتد لـ 14عاماً.
فمنذ بدايات تشكل الوعي الثوري؛ كان أبو حسن من الفتية القلائل الذين وعوا خطورة ما عليه البلد والأُمَّـة عقب الهجمة الأمريكية على المنطقة 2001، وفي لحظة “الوعي بالخطر، وما يترتب على ذلك من مسؤولية للحيلولة دون وقوعه أَوْ الحد من تداعياته” انبرى أبو حسن لتحمل المسؤولية، رافعاً كلمة الحق في وجه الاستكبار الأمريكي، فتعرض لمحنة الاعتقال بمعية العشرات ممن عرفوا في ذلك الحين “بالمكبرين”.
ولأن السجن ليس كله محنة، بل قد يكون منحة، فلعل ذلك ما ساهم في تبلور الشخصية الأمنية لـ “أبو حسن”، المجبولة من أساسها على طبع هادئ، وأعصاب باردة، وهي خصال ذاتية لا بد منها لكل رجل أمن يمر بظروف عادية، فكيف حين تكون الظروف استثنائية: (حروبا وثورة وكفاحا مسلحا في مواجهة غزو).
أواخر عام 2006 كان الخروجُ من السجن، لينطلق أبو حسن مباشرة إلى الميدان، حاملاً مشعل الحرية لكل البلاد، ولما عليه الثوار الأحرار من حاجة ماسة إلى “جهاز أمني” (يستطلع لهم ويحميهم ويكون لهم ظهيرا) على خلفية أن (الوعي بالخطر يترتب عليه مسؤولية للحيلولة دون وقوعه أَوْ الحد من تأثيراته)، فقد جاء الرجل المناسب في الوقت المناسب، ليكون “أبو حسن” خيرَ من تُلقى على عاتقه مسؤولية بناء “جهاز أمني” للثوار الأحرار.
ما بين الحربين الثالثة والرابعة كانت الفترة قصيرةً لا تساعدُ على أن يتفرغ الثوار كلٌّ في مجاله، فظهر أبو حسن عام 2007 إبان الحرب الرابعة فارسا لا يشق له غبار، وفيها جرح ثلاث مرات كانت له بمثابة أولى النياشين يتقلدها ميدانيا، لنكون أمام قائد يجمع بين “الأمن والعسكر”، وعام 2008 إبان الحرب الخامسة؛ تأكدت عسكريتُه إلى جانب موقعه الأمني حين أدار المواجهة باقتدار في منطقة آل حميدان بمديرية سحار بصعدة، لتقع على يديه ورفاقه ما عرف بمجزرة الدبابات.
ورغم وقائعه العسكرية، إلا أن “الأخطارَ الأمنية” كانت تستدعي رجلاً ذا نباهة مقداما، وهكذا فما إن تنتهي معركة عسكرية كبيرة أَوْ صغيرة، إلا وتبدأ معاركه الخَاصَّــة به، بتأمين كامل المناطق التي تستلزم انتشارا أمنيا لعدد كبير من الرجال المخلصين، وهو إلى جانبهم يتفقدهم، موصياً لهم بأن يكونوا على أخلاق عالية مع المجتمع، وأن يكونوا ساهرين لتأمين حركة الناس بكل تفانٍ ودون مِنَّةٍ على أحد، أَوْ انتظار شكر من أحد.
من موقعه الأمني سهر القائد الشهيد أبو حسن على تحديث وتطوير الجهاز الأمني لأنصار الله، حتى استحق بجدارة أن يقدم خبرته الطويلة إلى ثورة 21 سبتمبر 2014، لينبثق عنها اللجان الشعبية معبأة بالقيم الوطنية والأخلاق الإسلامية القُـرْآنية ما جعلها والقائد أبو حسن المشرف عليها خير قوة إسناد لأجهزة الدولة، وبحنكة ودراية وصبر وتضحية أوصل القائد أبو حسن الجهاز الأمني لأنصار الله ولاحقاً اللجان الشعبية إلى مستوى متقدم في الأداء والإنجاز، ليكون أبو حسن أول قائد أمني يمني يمسك الأرضُ من أطرافها ويزرعها كلمة طيبة تؤتي أكلها كُلّ حين، وفقا لعقيدة أمنية قرآنية تمكنت بامتياز من مواجهة أعتى أجهزة الاستخبارات الأجنبية، ملحقا بأخطبوطها هزائم كبرى، حتى إن الفضل بعد الله تعالى يعود إلى جهود “أبو حسن” ورفاقه –فيما تنعم به العديد من محافظات الجمهورية خصوصا الشمالية منها من أمن وسلام اجتماعي، وحين اضطره الواجب أن يتصدى للعدوان الأمريكي السعودي، بادر إلى إسناد وتعزيز رفاقه الأبطال حتى فاقهم صمودا، وسبقهم إلى الشهادة، محققاً بذلك منتهى ما يتمناه الأحرار على الصعيد الشخصي.
وألا يعلم العدو من كان في مواجهته فتلك إحدى إبداعات القائد أبو حسن.
وعلى الصعيد العام فما رحل القائد أبو حسن إلا بعد أن اجترح بجهود ذاتية جهازا أمنيا فاعلا ومرنا، يتميز بالقدرة على مواكبة الأحداث والتطورات والتقلبات، دون الحاجة إلى أيّة تبعية من أي نوع كان، وسيرةُ هذا القائد الفذ تمثل شهادة عملية على أن الشعوب بمقدورها تحقيق أمنها الذاتي والوطني والقومي دون حاجة للخارج، وتلك هي “الاستقلالية الأمنية” المتوخاة لأيَّة نهضة شاملة يبتغيها أي شعب.
والكل يتذكر كيف كانت الطرقات من صنعاء إلى صعدة مروراً بعمران وباقي المحافظات المجاورة محفوفةً بالمخاطر وقطاع الطرق، فتحولت إلى أكثر خطوط السير أمنا وأمانا، يتنقل فيها المسافرون لا يخافون سرقة ولا خطفا ولا يعانون قطع طريق، ويعود ذلك النجاح إلى أن “أبو حسن” لم يفصل مسألة الأخلاق عن مهام رجل الأمن، فكان بذلك أن أعاد لرجل الأمن إنسانيتَه ليكون ناجحاً في عمله، ففاض أمانا على مجتمعه.
ويقول الملتصقون به كيف كان معهم بسيطاً خلوقاً يفيضُ على من حوله إيماناً وأماناً، تعكسه تلك النقاط الأمنية المنتشرة في ربوع البلاد وعليها لافتة: الأمنيات لكم، وليست عليكم، ناسفا ما بناه الطغاة من أن “رجل الأمن” يجب أن يكون فظا غليظ القلب، مقدماً بديلَ ذلك أنموذجاً حياً وملموساً على أن “رجل الأمن” في الإسلام لا بد إلى جانب “اليقظة والنباهة” أن يكون “متحلياً بالأخلاق والقيم الإنسانية” ليكون “أبو حسن” بما تركه للشعب اليمني رائداً في تطبيق المثل الإسلامية القُـرْآنية في مجالها الأمني الاجتماعي، وأن تقامَ باسمه (أكاديمية شرطة) فذلك ما تحتاجه الدولة اليمنية لتحقيق الأمن المستدام.